سعود النداح باحث دكتوراة في سياسات الرعاية الاجتماعية وإدارة المؤسسات، مستشار اجتماعي.
أن تكون شخصًا منطقيًا هو أكثر من مجرد التفكير بترتيب؛ إنه فن فهم المواقف من زوايا متعددة واستنادًا إلى الأدلة. المنطق هو القدرة على تقييم المعلومات بحكمة واستخلاص استنتاجات صحيحة، مما يفتح أمامنا آفاقًا جديدة.
تبدأ رحلة التفكير المنطقي بتعزيز مهارات التفكير النقدي. عندما تواجه فكرة جديدة، قد تشعر بالحماسة لتطبيقها، لكن الشخص المنطقي يتوقف ويتساءل: “ما هو الدليل الذي يدعم نجاح هذه الفكرة؟” هذا النوع من التحليل لا يساعد فقط في تجنب الأخطاء، بل يعزز أيضًا الإبداع من خلال التفكير في الخيارات المتاحة.
الوعي بالتحيزات الشخصية هو عنصر أساسي في التفكير المنطقي. تخيل أنك مررت بتجربة سيئة مع منتج معين؛ قد تصبح متحفظًا تجاه أي منتج مشابه. ولكن، الشخص الذي يفكر منطقيًا يتساءل: “هل تجربتي السابقة تعني أن أي منتج آخر سيكون سيئًا أيضًا؟” قد يكون المنتج الجديد قد تم تحسينه بالفعل، وهذا يتطلب منا إعادة تقييم آراءنا.
كذلك المنطق يعني فهم العلاقة بين الأسباب والنتائج. إذا لاحظت زيادة في نفقاتك، فلا تفترض مباشرة أن “كل شيء أصبح أغلى”. بدلاً من ذلك، ابحث عن الأسباب—ربما تكتشف أن تناول الطعام خارج المنزل هو السبب الرئيسي، مما يتيح لك اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل.
مهارة الاستماع تعتبر أيضًا جزءًا لا يتجزأ من التفكير المنطقي. في بيئة العمل، قد تتباين وجهات النظر. الشخص المنطقي يستمع بعناية لآراء الآخرين، ويبحث عن معطيات جديدة قد تغير وجهة نظره؛ هذا النوع من الانفتاح يعزز التعاون ويساعد في الوصول إلى حلول مبتكرة.
أيضًا، من المهم أن يعرف الشخص المنطقي متى يقول “لا أعلم”. هذه العبارة ليست علامة على الضعف، بل على الثقة والرغبة في البحث عن الحقيقة. قبول حدود معرفتنا هو أحد أسس التفكير المنطقي، ويشجعنا على الاستمرار في التعلم والنمو.
في النهاية، كونك ذا منطق هو رحلة مستمرة نحو تحسين طريقة تفكيرك وتعاملك مع الحياة. هل نحن مستعدون لتحدي أفكارنا المسبقة والاعتراف بحدود معرفتنا؟، هل نملك الشجاعة للاستماع إلى الآخرين وتحليل الأمور بعمق قبل اتخاذ القرارات؟؛ في عالم مليء بالمعلومات والآراء المتباينة، كيف يمكننا الحفاظ على عقلية منطقية ومتزنة؟
تفتح هذه الأسئلة أمامنا مجالًا للتأمل العميق، وتجعلنا نتساءل: هل نحن فعلاً منطقيون في حياتنا اليومية؟؛ اجعل هذا السؤال جزءًا من تفكيرك، وابدأ رحلتك نحو منطق أكثر وعيًا وفاعلية.
المصدر: صحيفة الوئام السعودية
