دائرة الاهتمام ودائرة التأثير: طريقك إلى النجاح الشخصي والمهني

دائرة الاهتمام ودائرة التأثير: طريقك إلى النجاح الشخصي والمهني

سعود النداح

باحث دكتوراة في سياسات الرعاية الاجتماعية وإدارة المؤسسات، مستشار اجتماعي

في حياتنا، نقع في مصيدة التفكير المستمر في كل ما يجري حولنا، من الأخبار العالمية إلى المشكلات الاجتماعية وحتى التفاصيل الصغيرة في حياتنا اليومية. هذه الأمور تشكل ما يُعرف بـ”دائرة الاهتمام” وهي كل ما يثير قلقنا أو اهتمامنا ولكننا لا نملك القدرة على تغييره بشكل مباشر. بينما على النقيض هناك “دائرة التأثير” وهي المجال الذي يمكننا التحكم فيه واتخاذ قرارات وإجراءات تؤثر على نتائج الأمور فيه.

عندما نركز على دائرة الاهتمام، نجد أنفسنا محاصرين بمشاعر القلق والإحباط، لأننا نحاول تغيير أشياء خارج سيطرتنا. قد نقلق بشأن الوضع السياسي أو الاقتصادي، أو حتى عن رأي الآخرين بنا، وكل هذا يؤدي إلى استنزاف طاقتنا العقلية والنفسية دون فائدة. لكن عندما نختار أن نوجه اهتمامنا نحو “دائرة التأثير” وهي الأمور التي نملك القدرة على تغييرها، مثل تحسين مهاراتنا، تطوير علاقاتنا، أو حتى التحكم في ردود أفعالنا تجاه الأحداث حينها سنشعر بالقوة والتمكين، وتبدأ حياتنا في التحسن بشكل ملحوظ.

ولقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم في حديثه الشريف: “ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم” (رواه البخاري ومسلم). في هذا الحديث يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجود أمور خارجة عن سيطرة الإنسان، مثل الظلم والخذلان والخداع أو التحديات الكبرى التي قد تواجهنا . لكنه بدلاً من الدعوة إلى القلق حيال هذه الأمور التي قد لا يستطيع المرء تغييرها، وجههم للتركيز على ما يمكنهم فعله، أداء حقوقهم والقيام بما هو واجب عليهم. بمعنى آخر، حثهم على التركيز على دائرة تأثيرهم وترك ما لا يملكون تغييره لله تعالى.

هذا المفهوم العميق يعلمنا أن النجاح الحقيقي يبدأ من إدراك حدود ما يمكننا تغييره والتركيز عليه. فبدلاً من إهدار طاقتنا في الأمور التي تثير قلقنا ولا نستطيع التحكم فيها، علينا أن نوجه اهتمامنا نحو ما يمكننا تحسينه وتغييره في حياتنا اليومية. وكلما ركزنا أكثر على دائرة التأثير، زادت قدرتنا على تحقيق نتائج إيجابية وملموسة.

في النهاية، نجد أن الحكمة تكمن في التمييز بين ما هو ضمن نطاق تأثيرنا وما هو خارجه. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، علينا أن نؤدي ما علينا ونسأل الله في ما لا نملك تغييره. بهذا الفهم، نصل إلى حالة من السكينة والرضا، ونبدأ في بناء حياة مليئة بالإنجازات التي يمكننا التحكم فيها والتأثير عليها.

ابداء اليوم بتحليل حياتك. اسأل نفسك: ما الذي أستطيع فعله اليوم لتوسيع دائرة تأثيري؟ كيف يمكنني أن أستثمر طاقتي في تحسين نفسي وعالمي المحيط؟ عندما تبدأ في التركيز على ما يمكنك التحكم فيه، ستجد أن الحياة أصبحت أكثر وضوحًا وإيجابية، وستبدأ رحلتك نحو تحقيق النجاح والاستقرار الداخلي.

لأن النجاح الحقيقي هو أن تكون أنت قائد رحلتك، وتختار بعناية أين تضع طاقتك.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *