بإعلانها أن عناصرها الذين يحرسون الرهائن في غزة لديهم “تعليمات جديدة” لقتلهم إذا اقتربت القوات الإسرائيلية، يقول مراقبون إن حماس تفتح فصلا جديدا في الحرب الجارية
وتقول شبكة “سي إن إن” الأمريكية، إنه في محاولة لاستغلال موجة الغضب الشعبي في إسرائيل إزاء عجز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن إعادة الرهائن المتبقين، جاء إعلان حماس عن هذا التكتيك الجديد المرفق بفيديوهات لرهائن قتلوا مؤخرا.
وبالنسبة لعائلة الرهينة إيدن يروشالمي، فإن المقاطع التي نشرتها حماس خلال اليومين الماضيين، ترقى إلى مستوى “الإرهاب النفسي”، ومن شأنها أن تزيد من تأجيج الغضب في المجتمع الإسرائيلي.
وإيدن يروشالمي، 24 عاما، كان يعمل نادلا في مهرجان نوفا الموسيقي الذي استهدفته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأحد الرهائن الستة الذين عُثر على جثثهم، في أحد الأنفاق بقطاع غزة، الأسبوع الماضي.
إسرائيل تغلي.. ولكن!
فعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية، تضخمت الحشود في مدن إسرائيلية متعددة، حيث ألقى المحتجون باللوم على نتنياهو، في نظرهم، لأنه ضحى بمواطنين إسرائيليين من أجل البقاء في السلطة، في حين هدد أعضاء اليمين في ائتلافه بإسقاط الحكومة إذا أنهى الحرب.
وبعد الإضراب العام الذي أدى إلى توقف البلاد، لساعات، يوم الإثنين، نزل آلاف المحتجين إلى الشوارع مرة أخرى أمس الثلاثاء، مع مظاهرات في القدس وتل أبيب وهود هشارون وحيفا وهرتسليا ورعنانا.
وفي تل أبيب، تجمعت بعض أكبر الحشود خارج بوابة بيغين في كيريا ــ المقر العسكري ــ حيث تم تخصيص موقع للمتظاهرين بما في ذلك أُسر الرهائن للتجمع.
وأظهرت لقطات فيديو حرائق في الشارع، ومحاولة الشرطة إخماد النيرا، والمحتجين وهم يلوحون بالأعلام ويطالبون بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
وقالت الشرطة في وقت لاحق إنها اعتقلت ثلاثة أشخاص يشتبه في قيامهم بأعمال شغب.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مثل هذه المظاهرات العامة الغاضبة ستجبر نتنياهو على تغيير نهج إسرائيل تجاه الحرب في غزة.
هل تخلت حماس عن الورقة الأهم؟
يقول بعض المحللين إنه على عكس ما حدث في وقت سابق من الحرب، ربما لم تعد حماس تعتقد أن الاحتفاظ بالرهائن يمنحها نفوذا على إسرائيل. بحسب ما طالعته “العين الإخبارية” في “سي إن إن”.
وبالنسبة لتهاني مصطفى، المحللة الفلسطينية البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، “فقد أخرجت حماس قضية الرهائن من المعادلة”.
وأضافت مصطفى في حديثها مع شبكة “سي إن إن”، أن حماس “تعلم أن الإدارة الإسرائيلية الحالية ليست مهتمة بأي نوع من صفقة إطلاق سراح الرهائن. لا أعتقد أنهم يعتبرونهم أوراق لعب مهمة بعد الآن”.
في بيان صدر مساء الإثنين، قال المتحدث باسم حماس أبو عبيدة إن التعليمات الجديدة دخلت حيز التنفيذ بعد “حادث” في مخيم النصيرات، وسط القطاع، في إشارة منه إلى عملية نفذتها القوات الإسرائيلية في يونيو/حزيران الماضي، لتحرير أربعة رهائن.
وأسفرت الغارة وقتها عن مقتل 274 فلسطينيا، في منتصف الصباح عندما كانت الشوارع تعج بالناس الذين كانوا يتسوقون في سوق قريبة.
ومنذ ذلك الحين، أنقذ الجيش الإسرائيلي رهينة آخر – فرحان القاضي، 52 عاماً، وهو مواطن إسرائيلي بدوي تم انتشاله من نفق في غزة الأسبوع الماضي.
وفي هذا الصدد، تشير مصطفى إلى أنه عندما احتجزت حماس نحو 250 شخصا رهائن من جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، “اعتقدت أنها قد تحاول استغلالهم في صفقة تبادل أسرى”.
ورغم التوصل إلى صفقة تبادل في وقت مبكر من نوفمبر/تشرين الثاني، لم يتم التوصل إلى اتفاق آخر بعد ذلك بعشرة أشهر.
لحظة “فاصلة”
ربما ساعدت عمليات الإنقاذ الناجحة نتنياهو على القول بأن هدفي الحرب المتمثلين في تدمير حماس وإعادة الرهائن يمكن متابعتهما في وقت واحد، مما يجعل الصراخ من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل الرهائن أقل إلحاحا. بحسب الشبكة الأمريكية.
ولكن بعد مقتل الرهائن الستة، نزل مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع يوم الإثنين للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، في واحدة من أكبر المظاهرات منذ بدء الحرب.
وتساءل الكثيرون عما إذا كان الغضب على مستوى البلاد قد يكون كافياً لإجبار نتنياهو على التحرك.
بدلا من ذلك، ردّ نتنياهو بأن إسرائيل سترد بقوة على حماس لقتل الرهائن الستة، ملمحا إلى أن الرد سيكون أشبه بالضربة ضد حزب الله في يوليو/تموز، والتي قتلت الرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر.
وأكد نتنياهو مجددا التزامه بالقتال حتى هزيمة حماس، وكرر رفضه سحب الجنود من الحدود بين غزة ومصر، وهي نقطة خلاف جديدة تهدد مرة أخرى بعرقلة المحادثات للتوصل إلى اتفاق.
ويرى محللون أن قتل الرهائن الستة على يد حماس كان نقطة تحول، مما دفع العديد في البلاد إلى التساؤل عما إذا كانت إسرائيل قد وصلت إلى حدود ما يمكن لقوتها العسكرية تحقيقه، وما إذا كان هجومها قد يعرض للخطر أكثر من 100 رهينة من البلاد ما زالوا محتجزين في غزة.
وهو ما تحدث عنه أوري جولدبرج، المحلل السياسي الإسرائيلي والمحاضر في جامعة رايخمان في تل أبيب، لشبكة سي إن إن، بقوله “إن إسرائيل تعيق وتعيق عودة الرهائن”.
مستطردا “لقد أصبح من الواضح جدا أن وجود الجيش الإسرائيلي لعب دورا مباشرا في قرار حماس بقتل الرهائن”.
“كما أن الشعور بأن حكومة نتنياهو غير كفؤة، وأن رئيس الوزراء يفعل كل هذا لأسباب خاصة به، أصبح الآن أقوى بكثير بالنسبة لكثير من الناس. لذلك أعتقد أن هذه لحظة فاصلة” يُضيف رايخمان.
من جهته، لفت نمرود نوفيك، زميل في منتدى السياسة الإسرائيلية والمستشار الكبير السابق لرئيس الوزراء الراحل شمعون بيريز، إلى أن العديد من الإسرائيليين شعروا بموجتين من الحزن على مدى الأيام الثلاثة الماضية: أولا، لموت الرهائن الستة، ثم، بعد خطاب نتنياهو، “إدراك أن الرجل عازم على مواصلة احتلال غزة بلا نهاية”.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية