ما لم تحدث مفاجأة كبيرة، ستواصل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة دورتها لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعها يومي 6، و7 نوفمبر. ولكن ما يريد المستثمرون حقاً معرفته هو: كيف ستؤثر السياسات المالية والتعريفات الجمركية التي اقترحها الرئيس المنتخب دونالد ترمب على توقعات لجنة السوق المفتوحة لأسعار الفائدة؟ على الأرجح يواجه أعضاء اللجنة الفيدرالية صعوبات في التعامل مع هذا السؤال بالتحديد.
إذا كانت نتيجة الانتخابات قد جاءت أقل حسماً، لكان من المرجح أن يميل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى تبني موقف يشي بالتيسير النقدي في المؤتمر الصحفي الذي يُعقد بعد الاجتماع، مدفوعاً ببيانات الوظائف التي جاءت دون المستوى في أكتوبر وتقرير “بيج بوك” (Beige Book)، وهو تعليق للاحتياطي على الأوضاع الاقتصادية. لكن مع تأهب الجمهوريين للسيطرة على البيت الأبيض وربما مجلسي الكونغرس الأميركي، نعتقد أن العديد من الأعضاء في الاجتماع سيحثون على التأني، والاتجاه نحو وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة.
ماذا نتوقع في قرار السابع من نوفمبر:
من المرجح أن تخفض اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مستهدف سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق بين 4.50%و4.75%. من المحتمل أن تعارض ميشيل بومان المحافظة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى القرار، كما فعلت حيال قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر.
شهدت الأوضاع المالية تشديداً كبيراً في الفترة الفاصلة بين الاجتماعين، وكان معظم الارتفاع في عائدات سندات الخزانة طويلة الأجل والدولار نتيجة لمراكز تشكلت في السوق قبل فوز ترمب، ورد الفعل الفوري عليه.
لا نتوقع سوى تعديل طفيف على بيان السياسة النقدية. فبدلاً من القول إن معدل البطالة في الولايات المتحدة “صعد لكنه لا يزال منخفضاً”، من المرجح أن يقول البيان ببساطة إنه “يظل منخفضاً”.
من المرجح أن تركز المناقشة في الاجتماع على قضيتين: هل استقر سوق العمل؟ وكيف يغير فوز ترمب التوقعات الاقتصادية؟
نعتقد أن لجنة السوق المفتوحة ستنقسم بشأن السؤال الأول. من المرجح أن ينتاب القلق مجموعة، ربما تضم باول، بشأن ضعف الوظائف بين أصحاب المهن والشركات، وتقرير “بيج بوك” الذي يرسم صورة دون المستوى المستهدف.
باول يعتقد أيضاً على الأرجح أن نتائج الانتخابات لا تغير بشكل أساسي التوقعات قصيرة الأمد لسوق العمل. إذ من المرجح ألا تدخل أي سياسات مالية توسعية أو حواجز تجارية في ظل إدارة ترمب الجديدة حيز التنفيذ حتى أواخر عام 2025 أو أوائل 2026. وفي الوقت نفسه، فإن الاهتمام الفوري للجنة السوق المفتوحة هو تقريب سعر الفائدة من المستوى المحايد.
ومع ذلك، سيواجه باول معارضة في الرأي من بعض رفاقه، ربما نفس المجموعة التي كانت تفضل خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر بدلاً من 50 نقطة أساس التي مال إليها باول.
من المرجح أن تجادل تلك المجموعة بأن ضعف الوظائف في أكتوبر كان يرجع بشكل أساسي إلى عوامل مؤقتة، في حين أن معدل البطالة المستقر، والذي يقولون إنه من المرجح أن يقل عن متوسط توقعات صانعي السياسات البالغ 4.4% لنهاية العام – يُظهر أن سوق العمل في حالة جيدة.
موعد الاجتماع قريب جداً من الانتخابات، مما لم يمنح أعضاء اللجنة الفيدرالية الوقت لإعداد توقعات تضع في الحسبان بشكل كامل الآثار الاقتصادية للتصويت. ومع ذلك، نعتقد أن “تيل بوك” (Tealbook)، تقرير توقعات اقتصادية يعده موظفو الأبحاث بمجلس محافظي البنك، سيضم على الأرجح محاكاة للمخاطر والضبابية المتعلقة بالتحفيز المالي الكبير والحواجز التجارية والتي يمكن أن توفر أساساً للنقاش. من المرجح أن تشير هذه المحاكاة إلى مخاطر ارتفاع التضخم في أواخر عام 2025 وعام 2026.
إذا كان صانعو السياسات قد استوعبوا بالكامل نتائج الانتخابات، فإننا نعتقد أن متوسط توقعات المشاركين في اجتماع لجنة السوق كان ليضع في الاعتبار مساراً مالياً أكثر توسعاً، وأن يشمل تعديلاً بالزيادة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بأواخر عام 2025 وعام 2026 وتعديلاً بالخفض لمعدل البطالة. كما قد يرى العديد من المشاركين أن ميزان المخاطر يشير إلى ارتفاع كل من النشاط والتضخم.
مجدداً، إذا أخذ صانعو السياسات بعين الاعتبار الآثار المترتبة على الانتخابات بالكامل، ربما يرفع متوسط توقعات المشاركين سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية لنهاية عام 2025 إلى 3.6% (مقابل 3.4% في مخطط النقاط لشهر سبتمبر)، ونهاية عام 2026 إلى 3.3% (مقابل 2.9%).
خلاصة القول: تشير بيانات فترة ما بين الاجتماعين إلى أن باول كان ليميل إلى تبني موقف يشي بالتيسير النقدي في هذا الاجتماع، ولكن الحسم الذي اتسم به فوز الجمهوريين، ومعه، الاحتمال الأزيد لتحفيز مالي كبير، من المرجح أن يدفع العديد من أعضاء اللجنة إلى الضغط من أجل مسار تدريجي أكثر لتيسير السياسة النقدية مع احتمال صعود التضخم والنمو.
لجنة السوق المفتوحة ستضع خطط ترمب في الاعتبار
توفر المحاضر السابقة لاجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في ديسمبر 2016 -بعد شهر من انتخاب ترمب رئيساً لأول مرة- دليلاً مفيداً حول الكيفية المحتملة لتغيير نتائج الانتخابات للتوقعات الاقتصادية للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.
أهم الاستنتاجات من المحاضر هي:
سيدمج موظفو بنك الاحتياطي الفيدرالي وأعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية افتراضات التحفيز المالي بسرعة في توقعاتهم الأساسية -في وقت مبكر ربما يكون باجتماع منتصف ديسمبر- قبل أن يؤدي ترمب اليمين. أدرج تقرير “تيل بوك” لشهر ديسمبر 2016 بالفعل تحفيزا مالياً يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من عام 2017. وقد تبنى حوالي نصف المشاركين في الاجتماع هذا الافتراض في التصور الأساسي الخاص بهم.
ربما يتبع رد الفعل الوظيفي لبنك الاحتياطي الفيدرالي على التحفيز المالي قاعدة عامة اقترحتها رئيسة البنك آنذاك جانيت يلين في ذلك الاجتماع: “تشير الدراسات التجريبية للتحركات التاريخية للدين الفيدرالي وأسعار الفائدة إلى أن زيادة العجز بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي لمدة 10 سنوات ترفع أسعار الفائدة الأطول أجلاً بنحو 30 إلى 40 نقطة أساس”. إذا جرى الأمر بتلك الطريقة، فإنهم ربما يعدلون بالزيادة تقديرهم لسعر الفائدة النهائي بمقدار مماثل.
عناصر الضبابية الرئيسية ترتبط بتوقيت ونطاق التغييرات في السياسة المالية والتجارية. قد ينتاب القلق المشاركين في اجتماع اللجنة من أن تشديد الأوضاع المالية عبر رفع العوائد طويلة الأجل سيبطئ الاقتصاد بوتيرة تبدد زيادة تأثير السياسات المالية التوسعية لترامب. ومع ذلك، نعتقد أن باول سينصح رفاقه بألا يضعوا في الاعتبار الكثير حالياً من سياسات ترامب المالية والتجارية والتركيز بدلاً من ذلك على سوق العمل.
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق