تخيل الغلاف الجوي للأرض، كما لو أنه قدر كبير من الحساء، فعادة، عندما تسخن الحساء، يرتفع البخار ويهرب من القدر.
ولطالما توقع العلماء أن يهرب بعض “البخار” الجوي للأرض إلى الفضاء، تماما كما يتبخر البخار من الحساء، لكنهم لاحظوا شيئا محيرا، وهو أن الجسيمات الباردة مثل أيونات الهيدروجين وأيونات الأكسجين، تهرب بسرعات عالية جدا، مثل البخار الذي ينطلق للخارج، على الرغم من أن الحساء لم يكن يغلي، وهذا يشير إلى أن شيئا آخر كان يسحب هذه الجسيمات للخارج.
ولإيجاد السبب، اشتبه العلماء في وجود مجال كهربائي ضعيف، مثل يد صغيرة غير مرئية، تدفع هذه الجسيمات بلطف إلى الأعلى وإلى الفضاء.
ورغم أن هذا المجال كان ضعيفًا للغاية، بقوة بطارية ساعة، إلا أنه كان قويا بما يكفي لمقاومة جاذبية الأرض، وإرسال الجسيمات إلى الفضاء بسرعات تفوق سرعة الصوت.
ولإثبات ذلك، أطلق علماء ناسا من سفالبارد، وهي أرخبيل نرويجي بالقرب من القطب الشمالي، صاروخًا يسمى الصاروخ تحت المدار (إندورانس) من القطب الشمالي، حيث يمكنهم قياس هذا التأثير على أفضل وجه.
وأثناء رحلته، وصل الصاروخ إلى ارتفاع يبلغ حوالي 477 ميلاً (768 كيلومترا) وقاس تغيرا طفيفا للغاية في الجهد الكهربائي”حوالي 0.55 فولت فقط”، وعلى الرغم من ضآلة حجمه، كان هذا المجال الكهربائي كافياً لدفع السرعات الأسرع من الصوت للجسيمات الجوية الهاربة إلى الفضاء.
وعن أسباب اختيار سفالبارد لهذه المهمة، كشف الباحثون في تقرير نشره موقع “ناسا”، عن أنها تقع في موقع فريد بالقرب من أقصى مدى للصواريخ في الشمال، مما يجعله أفضل مكان لإطلاق الصواريخ التي يمكنها عبور المناطق القطبية بفعالية حيث يكون للمجال الكهربائي ثنائي القطب تأثيرات كبيرة.
وأوضحوا أنه من خلال الإطلاق من القطب الشمالي، يمكن للعلماء قياس المجال الكهربائي مباشرة حيث تكون الرياح القطبية أكثر بروزًا، مما يوفر دليلاً واضحًا على وجود المجال وقوته.
ونظرا لأن هذه العمليات الجوية تحدث عالميا، فإن المجال الكهربائي لا يقتصر على المناطق القطبية، ولكنه يمتد عبر الكوكب بأكمله.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية