الحقائب الانفجارية.. أغرب وسيلة دفاع في مملكة الحشرات

الحقائب الانفجارية.. أغرب وسيلة دفاع في مملكة الحشرات

اكتشف العلماء في غويانا الفرنسية أن النمل الأبيض من نوع Neocapritermes taracua طور آلية دفاع فريدة، حيث يحمل هذا النمل حقائب تحتوي على سائل سام يمكنهم تفجيره لقتل أعدائهم. وقد كشف الباحثون الآن سر كيفية حمل هذه الحقائب المميتة وتفجيرها عند الحاجة.

في عام 2012، اكتشف الباحثون أن العمال الأكبر سنًا من هذا النوع من النمل يحملون حقائب زرقاء تنفجر عندما يشعرون بالتهديد. يحتوي جسم هذه الحشرات على غدتين خاصتين في البطن تفرزان تدريجيًا إنزيمًا يسمى “blue laccase BP76” في جيوب صغيرة على ظهورهم. ومع تقدمهم في العمر، تتراكم هذه البلورات الزرقاء التي تحتوي على النحاس في تلك الحقائب.

عند تعرضهم للخطر، يقوم العمال بتمزيق أجسادهم، مما يؤدي إلى خلط الإنزيم مع إفرازات أخرى غير ضارة نسبيًا تنتجها غددهم اللعابية. ينتج عن ذلك سائل لزج غني بالبنزوكينونات السامة للغاية، مما يمكنه من شل حركة أو قتل المفترسات.

لكن العلماء كانوا يتساءلون عن كيفية بقاء الإنزيم BP76 في حالة صلبة مخزنًا على ظهر النمل، بينما يبقى جاهزًا للتفاعل الفوري عند التمزق.

الدراسة الجديدة التي نُشرت في 15 أغسطس في مجلة Structure قدمت الإجابة عن هذا اللغز من خلال توفير أول هيكل بلوري عالي الدقة لهذا الإنزيم.

وأوضحت يانا شكرلوفا، المؤلفة الرئيسية للدراسة والباحثة في معهد الكيمياء العضوية والكيمياء الحيوية في الأكاديمية التشيكية للعلوم، أن هيكل الإنزيم الثلاثي الأبعاد يكشف عن مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التي يستخدمها الإنزيم للاستقرار. فالإنزيم مطوي بإحكام، مثل طي قطعة من الورق في شكل مضغوط، مما يساعده على مقاومة التحلل مع مرور الوقت. كما تضاف جزيئات السكر إلى البروتين لتشكل طبقة حماية إضافية تثبته أكثر.

ومن الميزات المثيرة للاهتمام في BP76 هو الرابطة الكيميائية النادرة والقوية بين حمضين أمينيين، هما الليسين والسيستين، بالقرب من موقع النشاط الإنزيمي. هذه الرابطة غير شائعة في الإنزيمات وتلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على بنية BP76، خاصة عندما يتم تخزين الإنزيم على ظهر النمل.

تعمل هذه الرابطة كآلية قفل خاصة، مما يضمن أن يحتفظ الإنزيم بشكله ويبقى جاهزًا للاستخدام الفوري عندما يحتاج النمل للدفاع عن مستعمرته.

وقالت بفلينا ريزاكوفا، عالمة البيولوجيا الهيكلية في الأكاديمية التشيكية للعلوم، وأحد مؤلفي الدراسة: “تمامًا كما يساعدنا فهم مكونات الأداة الفردية على معرفة كيفية عملها، فإن معرفة الهيكل الثلاثي الأبعاد للجزيء يساعدنا في فهم عملية بيولوجية”.

قدرة النمل على تخزين وتراكم هذا الإنزيم بشكل مستقر مع تقدمهم في العمر تعتبر حاسمة لحماية المستعمرة. وتشير الأبحاث السابقة إلى أن النمل الأكبر سنًا قد لا يكون فعّالًا في البحث عن الطعام أو صيانة العش مثل العمال الأصغر سنًا بسبب تآكل فكوكهم. ولكن بفضل حقائبهم المتفجرة، قد يتخصص العمال الأكبر في تقديم خدمة دفاعية نهائية لحماية المستعمرة.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *