تسليط الضوء على التجربة العمانية ضمن “المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي”.. واليوم ختام الفعاليات

تسليط الضوء على التجربة العمانية ضمن “المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي”.. واليوم ختام الفعاليات

 

 

◄ المحذوري: الرواية الشفوية لها قيمة تاريخية وبحثية لكشف الحقائق وحفظها

◄ توثيق الموروثات العُمانية كالفنون الشعبية والعادات والاحتفالات

تسليط الضوء على التجارب العربية والدولية في التأريخ الشفوي

 

الرؤية- مدرين المكتومية

تختتم اليوم الأربعاء أعمال المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي “المفهوم والتجربة عربيًا”، والذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع مؤسسة “وثيقة وطن” بالجمهورية العربية السورية؛ بمشاركة وحضور مؤسسات وهيئات ومراكز وثائقية عربية وعالمية.

وناقش المؤتمر العديد من الموضوعات والقضايا المتعلقة بالتأريخ الشفوي عبر ثلاثة محاور رئيسية: المحور النظري المتعلق بمفهوم التأريخ الشفوي عربيًّا، والمحور العلمي الذي يعكس التجارب العربية الإقليمية والعالمية (المنهج والمنتج)، والمحور المستقبلي الذي ناقش آفاق التجربة العربية في التأريخ الشفوي.

وتضمنت أعمال المؤتمر، الثلاثاء، استعراض مجموعة من الأبحاث والدراسات في المحور العملي الذي يأتي تحت عنوان “تجارب عربية وإقليمية وعالمية”، حيث ترأس الجلسة الدكتور محمد بن سعيد الطاغوس.

واشتملت الجلسة على عرض تجربة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في مجال التاريخ الشفوي، وقدم العرض الدكتور عبدالعزيز بن حميد المحذوري مدير دائرة التاريخ الشفوي بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان.

وقال المحذوري: “يُعتبر التاريخ الشفوي من الوثائق المُهمة، التي لا تقل أهمية عن الوثائق المدوّنة من حيث حفظها لجوانب مهمة من ذاكرة الوطن، والمتأمل في هذه العبارة يرى في مضمونها ما يوحي بالتوثيق الشفوي باعتبار أنَّ هذه الوثيقة جزء مهم من المخزون التاريخي الذي يحفظ ذاكرة الوطن، ومن هنا يجب أن يعي الفرد أن للوطن ذاكرة يجب أن تحفظ، ويمثل الرواة ومن لديهم المعلومة والدراية، ومن عايشوا الأحداث أو صنعوها، أو سمعوا عنها، وأولئك الذين انتقلت إليهم تلك المعلومات من جيل لآخر، مرجعاً لهذه الوثائق الشفوية، وتتعرض ذاكرة الإنسان للضعف وتصاب بالنسيان في بعض الأحيان إما لكبر أو مرض، لذا كان توجه الهيئة وسعيها نحو توثيق الرواية الشفوية لما لها من قيمة تاريخية وبحثية في كشف الحقائق وإبرازها وحفظها. إذ تعد هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إحدى أبرز المؤسسات الحكومية التي عنيت بجانب توثيق الرواية الشفوية العُمانية كونها مؤسسة رائدة في مجال تتبع التاريخ العُماني وحفظ الذاكرة الوطنية العمانية، حيث هدف العرض على التعرّف على أهمية الروايات الشفوية في حفظ الذاكرة الوطنية، والتعرّف على قيمة التاريخ الشفوي في البحث العلمي، والتعرّف أيضا على الأسباب التي استدعت من الهيئة القيام بهذا العمل، كذلك التعرّف على مرتكزات ومنهجية العمل في حفظ التاريخ الشفوي العُماني، والتعرّف على جهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ممثلة بدائرة التاريخ الشفوي في توثيق وحفظ التاريخ الشفوي العُماني.

من جهتها، قدمت كل من الدكتورة نيرمين النفرة عميد المعهد العالي للترجمة والترجمة في جامعة دمشق ومعاون مدير المشاريع في مؤسسة وثيقة وطن، والدكتورة مياسة ديب مدير المعهد التقاني للاثار والمتاحف بوزارة الثقافة ومسؤول المشاريع بمؤسسة وثيقة وطن بالجمهورية العربية السورية، عرضا حول تجربة مؤسسة وثيقة وطن في سورية.

وجاء في الورقة المقدمة أنه “على الرغم من استخدام العديد من الدراسات السورية للمقابلات الشفوية كجزء من منهجيتها وأدواتها البحثية، إلا أن هذا الاستخدام لم يصل في الغالب إلى المستوى الذي يتيح الاستثمار الكامل للإمكانات المنهجية لهذه الأداة، فضلاً عن كونه لا يسعى إلى توثيق الذاكرة المرتبطة بموضوع البحث، وإذا كان بالإمكان العثور ضمن تلك الدراسات على بعض التجارب الأولية الهادفة إلى توثيق الذاكرة فإن هذه التجارب بقيت ضمن حدود المبادرات الفردية ما قبل المؤسساتية، التي لم تصل إلى مستوى استيعاب المهمة الكبرى للتأريخ الشفوي المؤسساتي في حفظ الذاكرة الوطنية بأعلامها ومؤسساتها وحقبها وأمكنتها، وعلاوة على ذلك، ولأن الحرب على الشعوب تستهدف ذاكرتها وتراثها المادي والمعنوي وبالتالي هويتها الوطنية، أضافت الحرب على سورية، بما لها من تأثير في تفاصيل حياة الناس في كل الأعمار وعلى جميع المستويات، تعزيزا أكثر إلحاحاً لمطلب الاهتمام بالذاكرة والتراث الوطنيين، واستجابة لهذين المطلبين، ولد مشروع وثيقة وطن كمؤسسة معرفية تعنى بالتأريخ الشفوي وفق منهجية علمية تسعى إلى توثيق روايات الناس كل الناس كجزء من أرشيف شفوي سوري يضم أصوات جميع السوريين وكل شرائح وطبقات المجتمع السوري”.

وقدم الدكتور خالد عبيد أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة منوبة بالجمهورية التونسية عرضا بعنوان “الشهادات الشفوية بالمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر.. وعي مبكر بحفظ أرشيف الصدور”.

وقال عبيد: “كان ثمّة وعي مبكّر لدى القائمين على إنشاء المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية منذ سنة 1989م والذي تغيّرت تسميته لاحقا إلى المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر على ضرورة التركيز على التاريخ الشفوي بالنظر إلى أنّه في تلك الفترة توفّي الكثير ممّن كان له الدور الهامّ في تحرير تونس من الاستعمار الفرنسي وبناء الدولة الوطنية التونسية، وعُدّ هذا الأمر فقدانا كبيرا  للذاكرة الجماعية التونسية من معلومات قيّمة جدّا لا يمكن العثور عليها في  النصوص الأرشيفية التي على أهمّيتها فإنّها غير كافية خاصّة عندما يتعلّق الأمر بمعلومات وعمليات بقيت مجهولة إلاّ لدى الحافظين عليها في أرشيف صدورهم، لذا بدأ القائمون على المعهد بمعيّة البعض ممّن ما زال على قيد الحياة من هؤلاء المناضلين أو المقاومين أو السياسيين، لحث ممّن يعرفونهم على القيام بتسجيل شهاداتهم ضمن وحدة بحث تابعة بالمعهد اسمها وحدة التاريخ الشفوي، وقد عملوا على تذليل كلّ الصعبات أو العوائق التي تتراءى لمن يروم الإدلاء بشهادتهم، فاستنبطوا طريقة مثلى لطمأنتهم ودفعهم للتسجيل تتمثل في توفير نوع من الالتزام بين المعهد وبين من يقع تسجيله، يضع فيها الشاهد شروطه التي يروم تثبيتها وإلزام المعهد بها، ومنها بل خاصّة مسألة متى تصبح شهادته سانحة لعموم الباحثين كي يطّلعوا عليها إمّا بعد التسجيل مباشرة أو بعد الممات بمدّة معيّنة، وقد بلغ عدد هذه الشهادات حوالي 400 تقريبا في مواضيع متعدّدة يهيمن عليها الجانب النضالي ضدّ المستعمر وبناء الدولة التونسية، ولكن تتضمّن مواضيع مختلفة اقتصادية وثقافية، ولم يقع الاقتصار على التونسيين فقط بل تمّ تسجيل شهادات لجاليات أجنبية عاشت في تونس في فترات معيّنة وكذلك شهادات ليهود تونسيين، لكن ثمّة تحدّي يتمثل في كيفية المحافظة على هذه التسجيلات، وهنا اهتدى القائمون على المعهد في حفظها في أشرطة مغناطيسية تعيش حوالي 100 سنة، ومن ثمّة رقمتنها بصفة دورية وحفظها”.

بدوره، قدم الأستاذ الدكتور رياض شاهين أستاذ أكاديمي بكلية الآداب ورئيس مركز التاريخ الشفوي في الجامعة الإسلامية بغزة- فلسطين عرضا حول “دور مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني بالجامعة الاسلامية في حفظ وتعزيز الرواية الشفوية”.

وأوضح شاهين: “تناولت الدراسة دور مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني بالجامعة الإسلامية في حفظ وتوثيق الرواية الشفوية باستخدام التقنيات والمهارات الحديثة وتهدف إلى إظهار المبررات والأهداف العامة والخاصة التي عمل عليها المركز في تطوير أدائه منذ تأسيسه إلى يومنا هذا، وإبراز المجالات التي نشط فيها خاصة في قيادة بعض المشاريع التي هدفت لخدمة فئة الطلاب الجامعيين، وبيان أهمية الدورات والمحاضرات التعليمية في تعزيز دور الرواية الشفوية، واستخدم البحث منهج البحث التاريخي مع إعطاء أهمية لتقارير المركز الخاصة بهذا الأمر”.

وواصل المحور العملي في جلسته الثالثه التي ترأسها الأستاذ الدكتور مأمون وجيه، حيث قدم خلالها الدكتور فهد بن محمود الرحبي رئيس قسم التاريخ المروي بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عمان بعنوان “تجربة وزارة الثقافة والرياضة والشباب في جمع وتوثيق ونشر التاريخ المروي”.

وبيّن الرحبي: “يهدف هذا المشروع إلى جمع التاريخ من خلال الأفراد الذين عاصروا مختلف الأحداث من خلال مشاهداتهم وممارساتهم، ومن المعلومات التي يتم جمعها من هؤلاء الرواة تكون لدينا مادة علمية حول موضوع الدراسة، ويتم إخضاع هذه المادة العلمية لعمليات التنقيح من خلال مُقارنة تلك الروايات بعضها ببعض ومقارنة المادة الشفهية بالوثائق والمصادر المطبوعة كالمخطوطات والقطع الأثرية وغيرها ذات العلاقة بتلكم الفترة، ويهدف المشروع إلى توثيق مختلف الموروثات الشعبية العُمانية كالفنون الشعبية والعادات والتقاليد والاحتفالات المختلفة للمناسبات الاجتماعية والدينية والوطنية في المجتمع العماني، بالإضافة إلى الحرف والصناعات التقليدية، والعمارة العُمانية كشكل المسكن والمواد المستخدمة كالملابس والأواني وغيرها، كما تم تنفيذ عدد من المشاريع في مختلف من الولايات، فضلا عن مشروع جمع المفردات الثقافية، وتم بهذا المشروع دعم الكتّاب والباحثين المتخصصين في التاريخ المروي، فقد أصدرت الوزارة مجموعة من الإصدارات التي اعتمدت على توثيق الروايات الشفهية، وتم تسجيل مفردات التراث العُماني غير المادي في القائمة العالمية للتراث غير المادي للإنسانية، منها: الرزفة الحماسية، المجالس والقهوة العربية”.

وتناولت ريم الإبراهيم مشرف مشاريع تراث لا مادي بالأمانة السورية للتنمية بالجمهورية العربية السورية تجربة الأمانة السورية للتنمية، قائلة: “تساهم الأمانة السورية للتنمية بأعمال الترميم والتأهيل لإعادة إحياء المناطق الأثرية المتضررة بفعل العوامل الخارجية أو بسبب القدم، إضافة إلى ترشيح عناصر من التراث اللامادي على قوائم اليونسكو للتراث الإنساني، والمساهمة في خطط الصون للعناصر التي تم تسجيلها سواء في مرحلة الإطلاق أو التنفيذ، كما تعمل الأمانة السورية للتنمية بشكل مستمر على إصدار كتب توثيقية تختص بصون التراث اللامادي، وأيضا تعمل على توظيف الفضاءات والمراكز المجتمعية التابعة لها بما يتناسب مع الحفاظ على الهوية الثقافية”.

أما الأستاذ الدكتور لين هوي المديرة التنفيذية لمركز التاريخ الشفوي في جامعة الاتصالات بالصين فقدمت تجربة مركز التاريخ الشفهي بجامعة الاتصالات الصينية، موضحة: “نفذ المركز منذ عام 2015م العديد من الأنشطة الأكاديمية التي تهدف لنشر التاريخ الشفوي في الصين وخارجها، بالإضافة إعداده سلسلة من المحاضرات بعنوان: التاريخ الشفوي في الصين، كما تم إطلاق أسبوع الصين الدولي للتاريخ الشفوي، وهو حدث يستمر لمدة أسبوع ويشمل ندوة التاريخ الشفوي الدولية وجلسة عرض الأفلام الوثائقية السنوية، إلى جانب معرض مشاريع التاريخ الشفوي الدولية، والمؤتمر الدولي.. التاريخ الشفوي في الصين، وحتى الآن فقد شاركت أكثر من 20 دولة ومنطقة ومئات الآلاف من الناس في أسبوع التاريخ الشفوي عبر الإنترنت أو حضوريا، مما يجعله الحدث السنوي الأكبر في مجال التاريخ الشفوي في الصين”.

من جهته أيضا قدم الأستاذ الدكتور مرتضى نورائي محاضر في قسم التاريخ بكلية الأداب والعلوم الإنسانية في جامعة أصفهان بالجمهورية الإسلامية الإيرانية “تجربة جمعية التاريخ الشفوي الإيراني بجامعة أصفهان.

وأشار إلى أنَّ “فكرة جمعية التاريخ الشفوي الإيرانية بدأت من خلال عقد ورش عمل للتاريخ الشفهي الوطني في جامعة أصفهان بحضور الأساتذة والمهتمين والباحثين في سنة 2004م بهدف الترويج للتاريخ الشفهي في البلاد، وتم بعد ذلك إنشاء مؤسسات ومراكز التاريخ الشفهي، وقبول ممارسة التاريخ الشفهي كآلية لاستذكار الماضي القريب على مستوى الدولة، حيث بدأت المشاريع الحكومية في مجال التاريخ الشفهي بالازدياد مع مرور الوقت، وتمكن الكتّاب من الاستفادة منها، كما تم تجهيز هذه المشاريع كأدوات لريادة الأعمال خاصة لطلاب التاريخ، وحتى هذا اليوم تم تسجيل أسماء حوالي 10 آلاف شخص يعملون في مجال التاريخ الشفهي على مستويات مختلفة في البلاد، وفي الحقيقة يعد هذا الانتشار الواسع الذي تحقق بعد 20 عامًا نجاحا كبيرا بالنسبة لنا”.

واستعرضت الدكتورة تاتيانا ميدفيديفا رئيسة قسم التاريخ الشفهي في جامعة لومونوسوف الحكومية بموسكو ومعهد الدراسات السلافية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم بروسيا الاتحادية، تجربة قسم التاريخ الشفوي بجامعة لومونوسوف الحكومية في موسكو- روسيا.

وذكرت: “يعمل القسم حاليا بشكل رئيسي كمستودع وأرشيف مركز أكاديمي، بالإضافة إلى كونه مكانًا يمكن فيه لطلاب المدارس وطلاب الدراسات العليا اكتساب خبرة في التأريخ الشفوي، حيث يوجد لدينا أكثر من 2700 تسجيل صوتي وفيديو بما في ذلك حوالي 1000 تسجيل أجراها فيكتور دوفاكين، وتم رقمنة جميع التسجيلات القديمة، ومنذ بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين اشترك قسم التاريخ الشفوي في عمل تعاوني مع مؤسسة التاريخ الشفوي ومختلف صناديق التمويل، أدى ذلك التعاون إلى إنشاء منصة إلكترونية تحت عنوان  (oralhistory.ru)، حيث تتاح فيها تسجيلات المقابلات للجمهور، وتحتوي الآن أكثر من 500 مقابلة متاحة بصيغ النصوص والصوت والفيديو، بالإضافة إلى ذلك فقد سمح التعاون مع مؤسسات التمويل بترقية المعدات التقنية للقسم، فأصبح القسم حاليا يمتلك 1.5 تيرابايت من التسجيلات الصوتية و35 تيرابايت من تسجيلات الفيديو المخزنة على خوادمه، وتم منذ عام 2023 استخدام الذكاء الاصطناعي بنجاح لتفريغ المقابلات”.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *