حملة أميركا على بضائع الصين الرخيصة تفاقم معاناة "تيمو" و"شي إن"

حملة أميركا على بضائع الصين الرخيصة تفاقم معاناة "تيمو" و"شي إن"

يتفاقم الغموض المحيط بكبار شركات السلع الاستهلاكية في الصين، بداية من “علي بابا هولدينغ” إلى “تيمو” (Temu)، الذين يجابهون مصاعب بالفعل في التعامل مع تراجع المبيعات في أعقاب الأزمة الاقتصادية في بلادهم، إذ تستعد الولايات المتحدة لحملة تتضمن إجراءات تنظيمية صارمة تستهدف عملية استيراد البضائع الصينية المعفاة من الضرائب. 

تتراجع أسهم “علي بابا” ومنافستها الأصغر شركة “جيه دي.كوم”، بينما كان المستثمرون يحللون التداعيات المحتملة لخطط الولايات المتحدة الأميركية بفرض ضرائب على الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار. يسد هذا الإجراء تقريباً ثغرة كانت تستغلها شركة “بي دي دي هودلينغز” (PDD Holdings) المالكة لـ”تيمو”، ومنافستها المتخصصة في الأزياء “شي إن” (Shein)، لسنوات لإرسال مئات الملايين من الطرود إلى الولايات المتحدة الأميركية سنوياً، لتنافس بذلك شركة “أمازون.كوم”.

تغيرات كبيرة

يهدد هذا التحرك بإحداث تغيرات كبيرة في جانب من بنية قطاع التجزئة الأميركي، وقد يقوض الاهتمام بالشركات المتخصصة في البضائع الرخيصة مثل “تيمو” و”شي إن، و”على إكسبريس” التابعة لـ”علي بابا”. أثر ذلك أيضاً على أسهم شركات تجزئة أخرى تعتمد في مبيعاتها على السوق الأميركية، مثل شركة الأزياء الأسترالية “سيتاير” (Cettire).

لكن المحللين يتوقعون أن تتحمل كل من “شي إن” و”تيمو” العبء الأكبر من هذه الحملة، بناء على نطاق وحجم الرسوم الجمركية المفروضة.

قالت أليشيا ياب، محللة شركة “سيتي غروب”، في مذكرة بحثية: “بينما كانت السوق تتوقع أن تعلن الإدارة الأميركية عن إجراءات لتغيير أو إصلاح الإعفاء الجمركي البسيط، إلا أن هذا التحرك اُعتبر تطوراً سلبياً. سيستمر غموض توقيت التنفيذ والتأثير المحتمل في تشكيل عائق على أداء سعر السهم في المدى القريب”.

أعلن مسؤولون في البيت الأبيض الجمعة الماضية عزمهم اقتراح قواعد من شأنها كبح استخدام ما يُعرف بإعفاء السلع البسيطة أو (de minimis exemption) الذي يعفي المستهلكين من الجمارك أو الضرائب على البضائع التي تقل عن 800 دولار. تهدف هذه الإجراءات للحد من التهرب الجمركي ومنع الشحنات الملوثة بمادة الفنتانيل.

يتوقع المستثمرون هذه الإجراءات منذ مدة طويلة. تراقب المفوضية الأوروبية قطاع الأزياء فائقة السرعة في النمو منذ 2021 على الأقل، عندما وصفت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين هذا القطاع بأنه “سم” بسبب التأثير البيئي  للأزياء القابلة للاستهلاك السريع. يشعر المسؤولون الأميركيون أيضاً بالقلق من احتمالية تسرب مواد غير قانونية أخرى  -مثل المخدرات- إلى البلاد.

تحسين الأداء

في بيانين منفصلين، أشارت شركتا “تيمو” و”شي إن” إلى أن نموهما لا يعتمد على سياسة الإعفاء الضريبي. أكدت الشركتان المرتبطتان بالصين أنهما ستركزان على تحسين كفاءة الأعمال وإرضاء المستهلكين.

جاء في بيان “شي إن”: “يستند نجاحنا لنموذج أعمالنا الفريد الذي يعتمد على الطلب، وأُطلقت دعوة في السابق إلى إصلاح إعفاء السلع البسيطة لإيجاد ساحة تنافسية عادلة وشفافة، حيث تُطبق القواعد بشكل متساو وعادل”.

يتبنى المستثمرون حالياً نهج الانتظار والترقب، رغم أن التأثير المتوقع قد يكون واسع النطاق. على سبيل المثال، تعرضت شركة “أمازون” لضغوط من قبل “تيمو” و”شي إن” لدرجة أنها تعمل على تطوير سوق منخفص السعر على منصتها يسمح للتجار الصينيين بشحن منتجاتهم مباشرة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

قال محللون من شركة “مورغان ستانلي” بقيادة ناثان فيذر: “تتمثل الإيجابية الواضحة في احتمال تقليل الضغوط التنافسية من قبل المصدرين الصينيين، ما سيؤثر على تكاليف التسويق والطلب”. وأضافوا أن شركات التجزئة الأميركية مثل “إي باي” و”إتسي” قد تستفيد من الإجراءات، لكنهم أشاروا إلى أن كلا من هاتين الشركتين “يعتمد بصورة كبيرة على شركتي التجارة الصينيتين”.

“شي إن”، التي تستعد لطرح عام أولي قد يصل بقيمة عملاقة الأزياء الصينية لما يتجاوز 60 مليار دولار، هي شركة رائدة في استهداف المستهلكين الأميركيين الحريصين على الحصول على  قمصان بسعر دولارين وأخرى بسعر 10 دولارات، خلال وباء كوفيد. قفزت “تيمو” في السوق عام 2022 بشعار “تسوق وكأنك ملياردير”، وسرعان ما أصبحت واحدة من أكبر محركات النمو لشركة “بي دي دي” عالمياً.

مبيعات قوية

تشير تقديرات المحللين إلى أن “تيمو” تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي أعمال “بي دي دي”، رغم أن جزءاً كبيراً من هذه الأعمال يأتي من الولايات المتحدة الأميركية. يتوقع المحلل توماس تشونغ من شركة “جيفريز” أن يبلغ إجمالي حجم أعمال بضائع “تيمو” 20 مليار دولار تقريباً في النصف الأول من 2024، وأن نحو 40% من هذا المبلغ جاء من الولايات المتحدة الأميركية. رغم النمو الهائل الذي  منح “بي دي دي” شعبية كبيرة في السوق، بدأت تظهر علامات التراجع نتيجة الانكماش المستمر في الاستهلاك في الصين.

بالنسبة لـ”شي إن”، فإنها لا تستطيع تحمل أي غموض قبيل طرحها للتداول في الأسواق. تتعرض الشركتان بالفعل لتدقيق متزايد في الولايات المتحدة الأميركية، مع تصاعد التركيز على علاقتها بالصين قبيل انتخابات نوفمبر الماضي.

اختتم المحلل “تشونغ”: “كانت المخاطر الجيوسياسية على مدى فترة طويلة مصدر قلق للمستثمرين، لا سيما قضية الرسوم الجمركية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية العابرة للحدود. بالمقارنة مع نظرائها الدوليين، نتوقع أن تحافظ تيمو على ميزة السعر، إذ إنها لا تفرض عمولات وتعمل على نموذج منخفض السعر”.

المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *