العلاقات الثقافية بين الإمارات والهند.. تاريخ مشترك وتعاون نحو المستقبل

العلاقات الثقافية بين الإمارات والهند.. تاريخ مشترك وتعاون نحو المستقبل


تتسم العلاقات بين الإمارات والهند بأنها شراكة تاريخية متجذرة تمتد لآلاف السنين، قامت على أسس إنسانية وحضارية مشتركة. فقد شهدت هذه العلاقة تبادلاً تجارياً وثقافياً متيناً، مدعماً بالتفاهم السياسي المبني على المصالح المتبادلة.

من خلال المرويات التاريخية نجد أن العلاقات التجارية بين العرب والهند تعود إلى ما يقارب 2000 عام قبل الميلاد، كما أشار الكاتب محمد طلعت حرب في كتابه “تاريخ دول العرب والإسلام”، حيث كانت التجارة حجر الزاوية في هذه العلاقات، حيث صدرت الإمارات اللؤلؤ واستوردت مختلف البضائع التجارية من الهند، مما أسس لجسور ثقافية استمرت حتى يومنا هذا.

تطور العلاقات الثقافية

عبر التاريخ، تبادلت الإمارات والهند التأثيرات الثقافية بفضل العلاقة التجارية المزدهرة، وانتشرت مفردات عربية في اللهجة الهندية مثل “موت”، “مشغول”، و”كتاب”، وتوافد خطباء ومعلمون عرب إلى الهند، ما عزز تأثير اللغة والثقافة العربية، خاصة في ولاية كيرالا التي شهدت بناء أول مسجد في الهند عام 629 ميلادية.

وأضافت التقاليد الهندية بعداً ثقافياً جديداً إلى المجتمع الخليجي مثل الأزياء وأدوات الزينة.

وعشقت النخب الفنية الخليجية الثقافة الهندية، خصوصاً السينما، حيث سجل أول مطرب إماراتي، محمد عبد السلام، أسطوانته الغنائية في الهند. كما كانت مومباي مركزاً للتبادل الثقافي مع الخليج، حيث أثر الفن الهندي في أبناء الإمارات، وشهدت تلك الفترة تداخل العديد من المفردات الهندية في اللهجة العامية الإماراتية، مثل كلمة “سيدا” التي تعني (سر قدماً). كما شملت التأثيرات تبني عادات هندية مثل الملابس والأطعمة.

رؤية مشتركة للتنمية

في الأربعينيات، شهدت دبي تحولاً كبيراً، حيث أصبحت مركزاً عالمياً لتجارة. وقد جذب هذا التحول العديد من التجار الهنود، خاصة من الهندوس الذين زاولوا تجارة الذهب والمنسوجات.

ومنذ تأسيس دولة الإمارات في عام 1971، تطورت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى شراكة استراتيجية تسعى لتعزيز التعاون في مجالات متعددة، تتضمن الثقافة، التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصحة والتعليم.

المبادرات الثقافية لعبت دوراً رئيسياً في بناء جسور التواصل بين البلدين، حيث شهدت معارض الكتب الدولية احتفاءً بالأدب الإماراتي والهندي على حد سواء، مما ساهم في تعزيز التفاعل الأدبي والفني. كما انعكس تأثير الجالية الهندية على الثقافة المحلية في الإمارات من خلال الطهي والممارسات المجتمعية، في مشهد يجسد الانفتاح الثقافي المتبادل بين الشعبين.

كما تم بناء أكبر معبد هندوسي في الإمارات، ليكون رمزاً للتسامح والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة، وإنشاء مدارس هندية في دبي لخدمة الجالية المتزايدة، والتي لعبت دوراً مهماً في المجتمع الإماراتي.

تعزيز قيم التسامح مع الجالية الهندية

تعد الجالية الهندية من أكبر الجاليات المقيمة في الإمارات اليوم. وفي إطار تعزيز قيم التسامح والتعايش الديني، أعلنت الإمارات عن مبادرات تسهم في تعزيز العلاقة بين الثقافات المختلفة، من بينها إعادة تسمية مسجد الشيخ محمد بن زايد ليصبح مسجد “مريم أم عيسى”. وفي رد جميل على هذه المبادرة، قام رجل أعمال هندي ببناء مسجد جديد.

العلاقات الإماراتية الهندية تتسم بعمق تاريخي وحضاري، يتجسد في التعاون المستمر بين البلدين على مستويات عدة، تشمل التبادل الثقافي، العلاقات الاقتصادية، والشراكات الدبلوماسية. هذا الإرث من التعاون والتفاهم يعكس رؤية مشتركة بين الإمارات والهند نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.

aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز FI

مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *