لم تكن سرت الساحلية الليبية قبل أعوام قليلة إلا مدينة محطمة تحت وطأة الحروب والمعارك التي شهدتها البلاد منذ عام 2011 وحوّلت جزء كبير منها إلى أكوام من الأنقاض.
لكنها اليوم تحولت بفعل مشاريع الإعمار التي تقودها الحكومة في شرق البلاد وتحت إشراف الجيش الليبي إلى “ورشة عمل كبيرة” تضم مشروعات إعمار وتنمية استثمارية ضخمة.
من أشهر هذه المشاريع الجاري العمل بها، ويقوم عليها الجهاز الوطني للتنمية، تطوير ميناء سرت، الواقع بوسط الساحل الليبي، وبناء منطقة تجارية حرة كبرى فيه، وذلك على مساحة تمتد لنحو 144 ألف هكتار (1440 كيلو متر مربع).
وتتمتع سرت بموقع متوسطي استراتيجي على طول الساحل الليبي المطل على البحر الأبيض المتوسط، والممتد من الشرق للغرب لنحو 1955 كيلومترا، يؤهلها لتكون “بوابة المتوسط” نحو أفريقيا.
مراحل إنجاز المشروع
وقال رجب بليبلو، مدير مكتب المدير التنفيذي للجهاز الوطني الليبي للتنمية لـ”العين الإخبارية”، إنه تم إنجاز 40% من مراحل مشروع المنطقة الحرة، وتتضمن أعمال تعميق وصيانة الأرصفة والتجهيزات اللوجستية، ومتوقع أن يكون جاهزا، كمرحلة أولى، بحلول ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وعن المساحة المقام عليها المشروع قال بيلبو، إنها تبلغ نحو 144 ألف هكتار، وهي تُمكِّن المشروع من استيعاب 10 سفن تجارية بطول 100 متر لكل منها، وبحمولة أعداد من الحاويات بحمولة 600 طن ترسو في وقت واحد.
كما أن تصميم ميناء سرت الحديث يسمح برسو سفينتان تجاريتان في آن واحد، وبحمولة تقدر بنحو 1000 حاوية نمطية غاطس وبعمق 8 أمتار، كما يوضح مدير مكتب المدير التنفيذي للجهاز الوطني الليبي للتنمية.
وبخصوص الأرصفة، قال إن الميناء سيحوي العديد منها، وهي الرصيف الغربي بطول 317 مترا خاص بالبضائع العامة، والرصيف الجنوبي بطول 527 مترا، والرصيف الشرقي بطول 340 مترا.
كذلك سيضم الميناء مخازن كبيرة تقع على مساحة 37 هكتارا لتخزين الحاويات، إضافة إلى الخدمات الأرضية واثنين من خزانات النفط و4 خزانات إسمنت سايب، وذلك إضافة 12 مبنى إداريا مقررا بناؤهم للجهات الخدمية، وشبكة من الطرق الداخلية مربوطة بالطرق الرئيسية.
وأما المرحلة الثانية للمنطقة الحرة لميناء سرت التجاري، فيلفت بليبلو إلى أنها ستشمل تنفيذ حاجز أمواج رئيسي وثانوي شمال حاجز الأمواج الرئيسي الأول الموجود حاليا، كما أن الأعماق ستكون متاحة لرسو جميع السفن بجميع أحجامها، وكذلك لرسو الناقلات النفطية.
الأهمية الاستراتيجية لميناء سرت
حول الأهداف من إقامة هذا المشروع الضخم يقول بليبلو إن ما يميز سرت هو قربها من الحدود الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وموقعها الاستراتيجي على خليج سرت الذي يتوسط ليبيا من الشرق للغرب؛ ما يعني أن المنطقة الحرة ستفتح أفق التعاون بين ليبيا والدول الحبيسة جنوبي الصحراء، مثل تشاد والنيجر ومالي، بجانب فتح باب العبور للتجارة الدولية.
وتحظى سرت بأهمية اقتصادية كبرى لوقوعها على خليج كبير جنوب البحر الأبيض المتوسط يعرف بـ “خليج سرت”، والذي كان يعرف بـ “خليج السدرة”.
وخليج السرت، الذي كان يعرف بـ “خليج السدرة” تقع عليه مواني لتصدير النفط، وله أهمية في الربط بين أقاليم البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، حتى وصفته دراسات ليبية أكاديمية بأنه “يعزز الوحدة الوطنية”، خاصة مع سهولة الوصول إليه من أي منطقة.
ولا تنحصر أعمال الجهاز الوطني للتنمية في ليبيا على مشروع الميناء والمنطقة الحرة، وإنما تمتد أعماله إلى بناء الجسور والطرق، وتطوير مطار سرت الجوي والمعروف كذلك بـ “مطار القرضابية”، والواقع إلى نحو 20 كيلومترا جنوبي المدينة.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية
