صمم فريق بحثي بالولايات المتحدة نموذجا لقياس مخاطر اندلاع حروب أهلية بالخارج لمساعدة الإدارات الأمريكية على التنبؤ، لكن جرس إنذاره يقرع في الداخل الآن.
ومنذ أحداث الكابيتول قبل نحو 4 أعوام، وشبح “العنف السياسي” يخيم بجناحيه على الولايات المتحدة، ما يهدد البلاد بـ”حرب أهلية” محتملة.
وتوصلت باربرا والتر بعد مسيرة مهنية في دراسة الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، إلى أن الولايات المتحدة باتت ساحة خصبة لاندلاع حرب أهلية.
والتر أمضت حياتها المهنية في دراسة الصراعات في سوريا ولبنان وأيرلندا الشمالية وسريلانكا ورواندا وأنغولا ضمن فريق يعرف باسم فريق عمل عدم الاستقرار السياسي، والذي يهدف للتوصل إلى نموذج من شأنه أن يساعد حكومة الولايات المتحدة في التنبؤ بالدول التي من المرجح أن تشهد عدم استقرار سياسي وعنف في غضون عامين.
عاملان
وفي إطار العمل على النموذج، أعطى الخبراء لمحللي البيانات 38 عاملاً مختلفًا، لتحليلها وتبيان مدى تأثيرها على فرص عدم الاستقرار السياسي، لكن المحللين توصلوا إلى عاملين رئيسيين، لم يكن يتوقعهما الخبراء.
العامل الأول هو “الأنوقراطية”، وهو مصطلح سياسي يعني الديمقراطية الجزئية، وهي نظام حكم لا تمنح فيه السلطات للمؤسسات العامة، ولكنها توزع بين مجموعات النخبة التي تتنافس باستمرار مع بعضها البعض، أو قد يكون الأمر كما هو الحال في المجر اليوم، حيث يتمتع رئيس الوزراء فيكتور أوربان بمثل هذه السيطرة على وسائل الإعلام لدرجة أنه قادر فعليًا على التضييق على المعارضة حتى يفوز في كل انتخابات، بغض النظر عن أي شيء.
والعامل الثاني يتمثل في قيام الأحزاب السياسية في تلك البلاد على أساس العرق أو الدين وليس على الإيديولوجية، أي أن يكون انضمام شخص ما إلى حزب سياسي، بناء على أنه حزب الصرب أو الكروات أو المسلمين أو الهوتو أو التوتسي، بدلاً من أنه حزب محافظ أو ليبرالي أو شيوعي أو رأسمالي.
عندما تتمتع دولة بهاتين السمتين؛ ديمقراطية جزئية وأحزاب قائمة على الهوية، فإنها معرضة لخطر عدم الاستقرار السياسي والعنف السياسي.
ووفق والتر، فإن الولايات المتحدة دائما ما كانت تنال الدرجة الكاملة على مقياس الديمقراطية (الذي يتراوح بين -10 إلى +10)، لكن تصنيف الديمقراطية الأمريكية تراجع لأول مرة عام 2019، ثم تم تخفيضه مرة أخرى في نهاية عام 2020.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول 2020، تم تصنيف الولايات المتحدة عند المستوى الإيجابي الخامس، الذي يقع في منطقة الأنوقراطية.
أول مرة من 1800
وللمرة الأولى منذ عام 1800، يتم تصنيف الولايات المتحدة على أنها أنوقراطية، وذلك لأنه لأول مرة في تاريخها، كان لديها رئيس غير مستعد لقبول نتائج الانتخابات، وكان يسعى بنشاط إلى قلب تلك النتائج، على حد قول والتر.
وترى الخبيرة الأمريكية، أن الحروب الأهلية في القرن الحادي والعشرين ستتخذ طابعا مختلفا. إذ لن تكون أطرافها جيوشا كبيرة. بل تخوضها مليشيات صغيرة أو مجموعات شبه عسكرية.
والتر تابعت “هذه الجماعات تعمل في بعض الأحيان معاً، وفي أحيان أخرى تتنافس مع بعضها البعض. والواقع أن هذه الجماعات لا تريد الاشتباك مع جنود الحكومة، لأن الحكومات في أغلب الأحوال أقوى كثيراً، ولهذا السبب فإنها تميل إلى نقل العنف إلى المدنيين”.
وتشير والتر إلى أن العنف الذي ينشأ بعد الانتخابات يحدث في ظل مجموعة محددة من الظروف: أن يكون النظام مصمما لكي يتولى الفائز كل شيء، وأن يجري تقسيم السكان، سواء على أساس عرقي أو ديني أو عنصري، وأن تكون الانتخابات متنازع عليها ويعتقد أحد المتنافسين على الأقل أن الانتخابات لم تكن حرة ونزيهة بالكامل.
ورغم قتامة أحداث اقتحام الكونغرس في 6 يناير/ كانون الثاني ٢٠٢١، فإنها كانت بمثابة جرس إنذار لأمريكا ولمكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي صب كل تركيزه على تهديد الإرهاب الإسلاموي على حساب التركيز بشكل أكبر على الإرهاب المحلي، والذي كان بحلول عام 2020 يشكل تهديدًا أكبر بكثير.
الخبيرة الأمريكية ختمت حديثها بالقول “ومن ثم، ينبغي وضع خطة مدروسة لمواجهة هذه التيارات كي لا تتحول إلى حرب أهلية”.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA==
جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية