بمزيج من القومية اليمينية والاشتراكية اليسارية، أسست الشيوعية السابقة سارة فاجنكنيخت حزبها الخاص والذي هز عرش السياسة الألمانية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، ظهر تحالف سارة فاجنكنيخت، أو BSW بالأحرف الأولى الألمانية، لينطلق بسرعة الصاروخ.
وبعد أشهر فقط، احتل التحالف المركز الثالث في 3 ولايات شرقية، في الانتخابات المحلية التي بدأت الأحد الماضي، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
ويتقدم الحزب في استطلاعات الرأي شرقي ألمانيا حيث نشأت سارة (55 عاما)، ويحصل على ما بين 15 و20% متقدما بشكل كبير على الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحكومي، لكنه يتراجع عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” من أقصى اليمين.
وعلى الصعيد الوطني، تشير الاستطلاعات إلى حصول حزبها على 9% من الأصوات، مما يفرض عليها طريقها إلى الحوار قبل الانتخابات الفيدرالية المقررة في سبتمبر/أيلول 2025.
وحاليا، يبدو أن الأحزاب الرئيسية في ألمانيا تفقد هيمنتها في حين ينهار النظام القديم وهو ما استفادت منه فاجنكنيخت.
رؤية
ورغم أنها قادمة من اليسار، إلا أن قوتها تنبع جزئيًا من رؤيتها المشتركة مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” بشأن العديد من القضايا، مثل الدعوة إلى خفض حاد في الهجرة ووقف المساعدات لأوكرانيا، وكل ذلك دون أي مسحة نازية جديدة.
وتدعم فاجنكنيخت الديمقراطية الدستورية في ألمانيا، وترفض الخروج من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على عكس حزب “البديل لألمانيا”.
ولذلك، فهي تعد صوتًا أكثر أمانًا للألمان الغاضبين من حكومتهم الحالية المنزعجين من الهجرة، والقلقين بشأن حرب أوكرانيا والنفوذ الأمريكي على بلادهم لكنهم لا يريدون دعم حزب «فاش».
وفي مقابلة مع “نيويورك تايمز”، رفضت فاجينكنيخت التصنيف الأيديولوجي، قائلة: “إذا كنت تعتبر النضال من أجل العدالة الاجتماعية شيئًا يساريًا، فبالطبع نحن يساريون بهذا المعنى”.
وأضافت: “وفي الوقت نفسه، نحن نؤيد الحد من الهجرة التي يُفترض أنها ليست يسارية إلى هذا الحد”، لافتة إلى أنه “بالنسبة للعديد من الناس، لم تعد فئات اليسار واليمين مفهومة”.
وهاجمت فاجنكنيخت تيار اليسار الحالي بسبب رغبته في علاج العالم قبل التعامل مع مشاكل الألمان، قائلة إن حزب الأخضر، وهو عضو في الائتلاف الحكومي “يُعتبر يساريًا ولكنه أصبح من دعاة الحرب” بسبب دعمه لأوكرانيا.
وتعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محق في رفض توسع الناتو، قائلة إن الحلف “لم يضمن السلام بشكل واضح، بل على العكس من ذلك، زاد من حدة المواجهة”.
ومع ذلك تدين فاجنكنيخت الحرب الروسية في أوكرانيا، لكنها تريد نهاية سريعة للحرب عن طريق التفاوض وإنهاء الدعم الألماني لكييف، وقالت “لا أثق في بوتين.. لكن علينا أن نحاول إيجاد حل وسط”.
سيرة
الجميع بما في ذلك خصومها يرونها محاورة ممتازة وماهرة في لمس أعصاب السكان، لكن يبدو أنها لا تتمتع بحس الفكاهة وتقول فقط ما تعنيه.
ولدت فاجنكنيخت عام 1969 في ألمانيا الشرقية لأم ألمانية تاجرة أعمال فنية وأب إيراني جاء إلى برلين الغربية للدراسة.
وعندما كانت في الثالثة من عمرها، عاد والدها إلى بلاده ونشأت على يد أجدادها في مزرعة صغيرة في قرية تورينجيا، حيث قالت إنها تعرضت للإهانة بانتظام بسبب عرقها المختلط وبشرتها الداكنة.
وفي 2009، انتُخبت لأول مرة لعضوية البرلمان الألماني (البوندستاغ)، وحينها عادت رسميًا إلى كتابة اسمها الأول “سهرا”، بالفارسية، بدلاً من “سارة” الألمانية.
وكانت فاجنكنيخت ناشطة سياسياً منذ وقت مبكر، فانضمت للحزب الشيوعي في سن الـ19، قبل أشهر من سقوط جدار برلين، وبعد عام 1989، التحقت بالجامعة، وحصلت على الدكتوراه، لكنها رفضت الرأسمالية والاستسلام للغرب، وفي 2004، انتُخِبت عضوًا في البرلمان الأوروبي.
ولاحقًا، عملت في اللجنة التنفيذية لحزب اليسار، وبعد طلاقها تزوجت للمرة الثانية من أوسكار لافونتين، أحد مؤسسي الحزب.
وفي البوندستاغ، أصبحت متحدثة بارزة باسم الحزب لكنها عانت من صراعات مع قادته، لتتركه أخيرًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبل أشهر من تأسيس حزبها الخاص.
“مُخربة”؟
وردا على سؤال بشأن وصف وسائل الإعلام الألمانية لها بأنها “مُخربة” لا تشعر بالراحة في أي حزب انضمت إليه، قالت فاجنكنيخت “لا”.
وأضافت أن “اليسار انتهى به الأمر إلى تنفير ناخبيه، ولم تعد القضايا الاجتماعية المهمة محور تركيزهم إنما سياسات الهوية”.
وبالنسبة للأحزاب الوسطية التقليدية، قالت إنها تبنت الخصخصة وإلغاء القيود التنظيمية والليبرالية الجديدة، وهي أجندة سياسية جعلت أغلبية المجتمع أسوأ حالاً وحياتهم أقل استقراراً.. ولهذا السبب لم تعد هذه الأحزاب تحظى بدعم كبير”.
وأضافت أن “الدعم الذي نحصل عليه يؤكد صحة ما نقوله”، واعتبرت أنه قبل تأسيسه لم يكن لدى الناس وسيلة للاحتجاج إلا حزب البديل. وتابعت: “الآن نقدم لهم طريقة محترمة للتعبير عن استيائهم”.
وقال يان تيشو، مدير أوروبا في مجموعة أوراسيا، لنيويورك تايمز، إن صعود حزبها يشير إلى تحول أكبر في ألمانيا.
وأشار إلى أن حزبها و”البديل” يركزان على القضايا التي لا تهتم بمناقشتها الأحزاب الرئيسية أو تخاف أو تخجل أيديولوجيا من ذلك.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية