تناولت دراسة حديثة أجراها باحثون، من جامعة بينغهامتون في الولايات المتحدة، التأثير غير المباشر لاكتئاب الوالدين على الصحة النفسية للأطفال، وركزت الدراسة بشكل خاص على تأثير أعراض الاكتئاب لدى الوالدين في المراكز العصبية داخل دماغ الأطفال.
وأظهرت نتائجها أن هذا التأثير ينعكس سلبا، على الصحة النفسية للطفل بصورة غير مباشرة، لأن الأطفال الذين يعيشون في اسر لها تاريخ من الاكتئاب، هم الأكثر عرضة للإصابة به مقارنة بالأطفال الآخرين.
خطورة تأثير اكتئاب الوالدين على الأطفال
أشارت الدراسة إلى أن اكتئاب الوالدين، يعد من أهم عوامل الخطر التي ترفع احتمال إصابة الأطفال بالاكتئاب، إلى نحو ثلاثة أضعاف مقارنة بالأطفال، الذين لا يعاني والدوهم من المرض، بينما تساهم معظم أعراض الاكتئاب في التأثير على نفسية الطفل.
تصميم الدراسة وعينة المشاركين
شملت الدراسة أكثر من 200 طفل، تراوحت أعمارهم بين 7 و11 عاما، وجميعهم من أسر يعاني فيها أحد الوالدين من الاكتئاب، وجرى اختيار هذه الفئة العمرية، لأنها تمثل مرحلة حساسة تسبق سنوات المراهقة، حيث تبدأ مؤشرات خطر الإصابة بالاكتئاب في الظهور.
كان متوسط عمر الوالدين المشاركين نحو 38 عاما، ومعظمهم من الأمهات واستبعد الباحثون الحالات، التي تعاني من اضطرابات نفسية شديدة، مثل الاضطراب ثنائي القطب أو الاضطرابات الذهنية، لضمان تركيز الدراسة على تأثير الاكتئاب تحديدا.
قياس نشاط مركز المكافأة في الدماغ
قام الباحثون بقياس استجابة مركز المكافأة في الدماغ، من خلال الاختيار بين بابين قد يؤديان إلى ربح أو خسارة مبالغ بسيطة، وخلال المهمة تم تسجيل نشاط الدماغ باستخدام تخطيط كهربائي للدماغ، إلى جانب تتبع حركة العين، بينما خضع الآباء لاستبيانات تقيس شدة أعراض الاكتئاب لديهم.
نتائج الدراسة وانعدام الاستمتاع
أظهرت النتائج أن عرض انعدام الاستمتاع لدى الوالدين، يرتبط بانخفاض ملحوظ في استجابة مراكز المكافأة لدى الأطفال، سواء في مواقف الربح أو الخسارة، وهذا يشير إلى تراجع تفاعل الطفل مع المثيرات الإيجابية والسلبية على حد سواء.
كما تبين أن الأعراض الأخرى للاكتئاب، مثل الحزن والتهيج والغضب لا تؤثر في نشاط مركز المكافأة بالشدة نفسها، التي يحدثها انعدام الاستمتاع، ولفت الباحثون إلى أن تأثير اكتئاب الأم كان أكبر من تأثير اكتئاب الأب، ويرجح ذلك بسبب قضاء الأطفال وقتا أطول مع الأم.
مراقبة سلوك الطفل وأهمية العلاج المبكر
شددت الدراسة على ضرورة مراقبة التغيرات السلوكية لدى الطفل، خصوصا الأطفال الذين ينحدرون من أسر يعاني فيها أحد الوالدين من انعدام الاستمتاع، ومن بين المؤشرات التي تستدعي الانتباه، عدم شعور الطفل بالفرح عند النجاح، أو عدم تأثره بالفشل.
وهي سلوكيات قد تشير إلى تراجع في استجابة مركز المكافأة، وأكدت الدراسة أن وجود خطر أعلى للإصابة، لا يعني حتمية وقوع المرض، بل يشير إلى أهمية الوقاية والتعامل المبكر مع الاكتئاب لدى الوالدين، لحماية الأبناء من تطور مشكلات نفسية محتملة.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات