عينٌ تُبعَث من جديد.. القرنية المطبوعة تعيد البصر للإنسان

عينٌ تُبعَث من جديد.. القرنية المطبوعة تعيد البصر للإنسان

يواصل العالم الطبي تحقيق قفزات هائلة نحو تقنيات علاجية كان يُنظر إليها يومًا ما باعتبارها ضربًا من الخيال العلمي؛ وبين مجالات التطوّر الأكثر إثارة يأتي طب العيون، حيث فتحت الهندسة الحيوية وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد الباب أمام حلول مبتكرة قادرة على إنهاء معاناة ملايين المرضى حول العالم.

وفي خطوة تُعدّ الأولى من نوعها، تمكن فريق طبي من إعادة البصر لمريض كان يعاني ما يُعرف بـ”العمى القانوني”، وذلك عبر زرع قرنية منتجة بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد اعتمادًا على خلايا بشرية حية.

أول تجربة من نوعها

بدأت القصة حينما أعلنت شركة “بريسايس بيو” المتخصصة في التقنيات الحيوية، أن التجربة التي أُجريت للمريض تأتي ضمن المرحلة الأولى من سلسلة تجارب سريرية لا تزال في بدايتها.

وتُعدّ هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها زرع قرنية مُصنّعة داخل المختبر باستخدام خلايا مشتقة من قرنية بشرية واحدة، ثم إعادة تشكيلها عبر تقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد لتكون جاهزة للزرع.

وتعتمد زراعة القرنية عالميًا على أنسجة تُؤخذ من متبرعين بشريين، بينما يبقى الطلب على هذه الأنسجة أعلى بكثير من المتاح، ما يجعل مئات الآلاف حول العالم ينتظرون فرصة لاستعادة أبصارهم. التكنولوجيا الجديدة تعدُ بحل جذري لهذه المعضلة، إذ تتيح – وفق تقديرات الباحثين – إمكانية إنتاج مئات الغرسات انطلاقًا من تبرع واحد، مما قد يساهم في سد الفجوة الكبيرة بين الاحتياج والمتوفر.

إنجاز جراحي غير مسبوق

وفي ذلك الصدد قال الجراح ميخائيل ميموني من مركز رمبام الطبي بحسب “العين الإخبارية”، وهو الذي قاد العملية الجراحية، إن هذا الحدث يمثل منعطفًا تاريخيًا في مجال طب العيون.

وأضاف في بيان رسمي: “لأول مرة في التاريخ، شهدنا قرنية تم إنتاجها في المختبر، من خلايا بشرية حية، تعيد البصر إلى إنسان.”

وأشار إلى أن العملية لم تكن مجرد تجربة ناجحة، بل كانت – على حد وصفه – “لمحة من المستقبل الذي لن يضطر فيه أي شخص للعيش في الظلام بسبب نقص الأنسجة البشرية للتبرع.”

خطوة أولى نحو مسار أوسع

تتضمن المرحلة الحالية من التجارب الطبية زرع القرنية بين 10 إلى 15 مريضًا، لمتابعة فعالية التقنية وأمانها على المدى الطويل.

وتتوقّع الشركة المصنعة إعلان النتائج الأولية للدراسة خلال النصف الثاني من عام 2026، في خطوة قد تؤسس لجيل جديد من الجراحات التي تعتمد على الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد.

زراعة القرنية عبر العصور

يعود تاريخ المحاولات الأولى لزراعة القرنية إلى القرن التاسع عشر، حين كان الأطباء يجربون نقل أنسجة حيوانية للإنسان دون نجاح كبير.

أما أول عملية زراعة قرنية ناجحة مسجلة طبيًا فقد جرت عام 1905 على يد الجرّاح النمساوي إدوارد زيرم، والتي فتحت الباب أمام تطوير هذا التخصص الطبي خلال القرن العشرين.

زراعة الأنسجة البشرية

ومع تطور برامج بنوك العيون وعمليات التبرع بالأعضاء في منتصف القرن الماضي، أصبحت زراعة القرنية إحدى أكثر العمليات الجراحية نجاحًا في مجال زراعة الأنسجة البشرية؛ ومع ذلك ظلّ النقص الحاد في أنسجة المتبرعين يُعدّ عقبة كبرى أمام إنقاذ ملايين المرضى.

اليوم، ومع دخول الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد إلى هذا المجال، يقف العالم أمام ثورة طبية حقيقية قد تُغير ملامح طب العيون، وتحوّل القرنية الصناعية من حلم بعيد إلى واقع يعيد الضوء إلى أعين فقدت الأمل.

نقلاً عن : الجمهور الاخباري

مها أحمد، كاتبة متميزة في قسم المنوعات، تمتلك موهبة في تقديم محتوى متنوع وجذاب يلامس اهتمامات القراء في مختلف المجالات. من خلال أسلوبها السلس والإبداعي، تغطي مها مواضيع شاملة تتراوح بين الثقافة والفن، الصحة، السفر، ونمط الحياة. تسعى مها إلى تقديم مقالات ممتعة ومفيدة تضيف قيمة إلى تجربة القارئ اليومية، وتعكس شغفها بنقل الأفكار الجديدة والنصائح العملية التي تهم كل أفراد الأسرة.