ضمن مبادرة “صحح مفاهيمك”..تعرف علي موضوع خطبة الجمعة اليوم 21 نوفمبر 2025

ضمن مبادرة “صحح مفاهيمك”..تعرف علي موضوع خطبة الجمعة اليوم 21 نوفمبر 2025

خطبة الجمعة اليوم، حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 21 نوفمبر 2025م، الموافق 30 جمادى الأولى 1447هـ، تحت عنوان: “كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا”. وتوضح الوزارة أن الهدف من هذه الخطبة هو تعزيز قيم الذوق والاحترام في التعامل، وترسيخ آداب الاختلاف وقبول الآخر. كما تشير إلى أن الخطبة الثانية تأتي ضمن موضوعات حملة “صحح مفاهيمك”، وتحمل عنوان: “حرمة التعدي على الجار”.

الخطبة الأولي:كن جميلا تر الوجود جميلا 

الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا وبهجة قلوبنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، فكل جمال في الوجود من آثار صنعته وبديع خلقته، وليس الجمال في زينة الثياب أو بريق الذهب، بل الجمال الحقيقي هو جمال الروح، وكمال السلوك، وارتفاع الهمم، وتطهير القلب، فمن كان صدره فضاء رحبا للخلق، وعلاقته بالأكوان من حوله صفاء عذبا، رأى كل ما حوله منسجما مرتبا، وصار الكون كله بيتا محببا، فالنفس الجميلة لا تبحث عن العيوب والزلل، ولا تترصد الهفوات والعلل، بل تبدأ مسيرتها بحسن الظن، والتماس العذر، وتحقيق الرفق، فجمال المرء يبدأ من ذوقه وأدبه ورقيه في التعامل مع الغير في حال وفاقه أو اختلافه، فيصير خلقا يمشي على الأرض، ونورا يتشكل في الأفعال، فيظهر جميلا، ويرى الوجود من حوله جميلا.

أيها المكرم، هل تأملت يوما سر الجمال في البيان الإلهي؟ هل وعيت أن الوحي يربط الجمال بمواطن الصبر ، والهجر، والصفح ؟ ألا ترى في هذا ما يعلمك أن الجمال الحقيقي لا يختبر في لحظات الرخاء والراحة، بل يختبر في مواضع الضيق وحدة الانفعال وثورة المشاعر؟ هل تستوعب أن مقامك الروحي هو أن تهذب وترفع نفسك فوق غوائل الغضب ودسائس النفس؟ أليس هذا الجمال مطلوبا منك بجهد زائد، وتحمل أكبر، وصدق في النية، حتى ترتقي في معارج هذا البيان المشرف: ﴿وإنك لعلىٰ خلق عظيم﴾.

أيها المكرم، إذا أردت أن ترى الوجود جميلا، فعليك بالسعي الحثيث لمد جسور الوصال والإحسان، وتجنب الانزواء في ركن الخصام، فالمودة تزرع بالبذل والعطاء، وتسقى بالزيارة والسؤال والدعاء، وتحصد بالقلوب المتآلفة والنفوس المتراحمة على الدوام، فالجمال يتجلى في تعاونك مع جارك، ومواساة زميلك، ومساعدة من يختلف معك في الرأي أو المنهج، حتى لا يتحول التباين إلى تجاف، ولا يصير الاختلاف إلى بغضاء وخصام، فكن أنت القائد إلى الألفة، والمبادر إلى الخير، فتتحقق في حياتك الغاية السامية التي أرادها الرحمن، وحينها تكون قد طبقت الجمال بالقول والجنان، مصداقا لما جاء في محكم التنزيل من عظيم البرهان: ﴿وقولوا للناس حسنا﴾.

أيها المكرمون، اعلموا أن الجمال الأعظم يكمن في احتواء المخالف، وتأديب النفس على الرفق، والتجمل بالصبر والحلم الواسع، وترك التسرع في الرد العاجل، فلا ترهقوا الناس بحملهم على قولكم، ولا تكلفوهم اتباع فعلكم، بل قابلوا كل من خالفكم بوجه طليق، فلتكن نصيحتكم خفيفة هادئة تقدم باللين، واعلموا أن احترام آراء الغير واجب ديني فلا تقللوا من شأن وجهة نظر المخالف، ولا تستعلوا بجمال حقكم أو بنور إيمانكم، وإذا سنحت لكم الفرصة لتقديم هدية ولو بسيطة فافعلوا، فالمودة تكتسب بإحسان التعامل وملاطفة الأحوال، واعلموا أن الإنصاف هو جوهر الإيمان، فإن ظهر الحق مع مخالفكم فاقبلوه وأقروا به بشجاعة، وإذا قبل منكم النصح فاشكروه ولا تمنوا عليه، وأمام ناظريكم تظهر أيقونة دولة التلاوة، حيث يظهر فيها التعامل الراقي، مع اختلاف الأذواق والرؤى، لتروا الجمال حاضرا في كل مشهد وفي كل آية، فلا تملكوا إلا أن تقولوا: “إن الله جميل يحب الجمال”، ويا خالق هذا الجمال سبحانك.

الخطبة الثانية: حرمة التعدي على الجار

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وبعد،
فعلاقة الجوار رابطة مقدسة تتجاوز حدود المصالح العابرة لتغدو معيارا لصدق الإيمان وسلامة القلب، فالجار هو مرآتك الصادقة، وميزان إحسانك الخفي، فالجوار الصالح ستر وأمان، يدفن حسناتك حياء، ويستر سيئاتك كرما، فلا يكتمل الإيمان ولا يطمئن القلب حتى يأمن جارك شرك، فاجعل بيتك حصنا لك، ولا تجعل جدار جارك بابا لزلاتك؛ فصون عرضه وماله أوجب، والصبر على أذاه محبة إلهية، ففي قدسية هذا الجوار يكمن سر المودة والسكينة، قال الجناب المعظم صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».

أيها الكرام، احذروا كل الحذر من إيذاء جيرانكم، أو الاعتداء على خصوصيتهم، تجنبوا إشاعة عيوبهم أو كشف سترهم، التزموا الهدوء والاحترام المتبادل، وبادروا بالسلام والابتسامة والمشاركة في مناسباتهم، علموا أبناءكم تعظيم حق الجار وحفظ الأمانة تجاههم، اغرسوا في داخلهم أن يكونوا صابرين محتسبين على أي أذى قد يصدر من جيرانهم، فالله يحب من يصبر على أذى جاره، فلا يكفي أن نأمر أولادنا بكف الأذى، بل يجب أن نحيي فيهم ثقافة الإحسان والتفقد، وأن نرسخ في نفوسهم أن الجار أولى بالهدية وأحق بالمعروف، كونوا المعلم الأول لحق الجوار، واغرسوا في قلوب أبناءكم أن في كل ابتسامة حسنة، وفي كل سلام سكينة، وفي كف الأذى رحمة، فاسألوا عن جيرانكم عند غيابهم، وكونوا عونا لهم في قضاء حاجتهم، وشاطروهم أفراحهم وأتراحهم، فهذا هو الطريق الأسهل إلى الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا أنا عملت به دخلت الجنة، قال: كن محسنا، قال: كيف أعلم أني محسن؟ قال: «سل جيرانك، فإن قالوا: إنك محسن فأنت محسن، وإن قالوا: إنك مسيء فأنت مسيء».

حفظ الله مصر وأهلها من كل مكروه وسوء.

نقلاً عن : الجمهور الاخباري

مها أحمد، كاتبة متميزة في قسم المنوعات، تمتلك موهبة في تقديم محتوى متنوع وجذاب يلامس اهتمامات القراء في مختلف المجالات. من خلال أسلوبها السلس والإبداعي، تغطي مها مواضيع شاملة تتراوح بين الثقافة والفن، الصحة، السفر، ونمط الحياة. تسعى مها إلى تقديم مقالات ممتعة ومفيدة تضيف قيمة إلى تجربة القارئ اليومية، وتعكس شغفها بنقل الأفكار الجديدة والنصائح العملية التي تهم كل أفراد الأسرة.