شهدت شوارع القاهرة خلال الأشهر الأخيرة ظاهرة جديدة تمثلت في الانتشار السريع للاسكوتر الكهربائي، الذي جذب فئة واسعة من الشباب الباحثين عن وسيلة نقل سريعة واقتصادية للهروب من زحام العاصمة الخانق، فبخفته وسهولة استخدامه أصبح مشهد الشاب المنطلق به في الشوارع أمرًا مألوفًا، إلا أن هذا المشهد لم يستمر طويلًا، بعد صدور قرار رسمي من محافظة القاهرة بمنع سير الاسكوتر الكهربائي في الشوارع العامة، لما ترتب عليه من فوضى مرورية ومخاطر متزايدة على مستخدميه والمارة.
قرار المنع.. حماية الأرواح وتنظيم الشوارع
أوضحت محافظة القاهرة في بيان رسمي أن القرار الذي أصدره الدكتور إبراهيم صابر نائب المحافظ يقضي بمنع سير سكوتر الأطفال الكهربائي في الشوارع العامة ومصادرته فورًا، مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المحال التجارية التي تبيعه، باعتباره من الألعاب الخطرة التي تهدد سلامة الأطفال.
وأكد البيان أن القرار يخص فقط النوع الموضح في الصورة المرفقة بالبيان، ولا يشمل الأنواع الأخرى من السكوترات التي يستخدمها الكبار أو تخضع لاستخدامات تنظيمية، وقد جاء القرار استجابة لشكاوى متزايدة من المواطنين حول الاستخدام العشوائي للأسكوتر الكهربائي في الطرقات العامة، حيث يقوده البعض بسرعة مفرطة أو يسيرون عكس الاتجاه دون ارتداء خوذات أو أدوات أمان، مما أدى إلى وقوع حوادث متكررة.
فوضى على العجلات.. من وسيلة ذكية إلى خطر متحرك
رغم ما يحمله الاسكوتر الكهربائي من مميزات عصرية مثل تقليل استهلاك الوقود والمساعدة على التنقل السريع، إلا أن الواقع العملي في القاهرة كشف عن جانب آخر مليء بالمخاطر. فالأرضيات غير الممهدة، والطرق المزدحمة، وغياب المسارات المخصصة، جعلت من هذه الوسيلة الذكية خطرًا متحركًا وسط المركبات.
وقد تنوعت الحوادث بين الارتطام بالسيارات والسقوط بسبب فقدان التوازن أو سوء حالة الطرق. ويرى خبراء النقل أن الفكرة نفسها ليست سيئة، بل تحتاج إلى تخطيط وتنظيم دقيقين، ففي المدن المنظمة، يمثل الاسكوتر وسيلة نقل بيئية وآمنة، أما في القاهرة فغياب الوعي المروري جعل منه مصدر تهديد لا يمكن تجاهله، ما جعل قرار المنع خطوة ضرورية لحماية الأرواح لحين وضع إطار قانوني واضح لاستخدامه.
فراغ قانوني.. واقع ينتظر التشريع
من أبرز التحديات التي تواجه استخدام الاسكوتر الكهربائي في مصر هو الفراغ التشريعي، إذ لا توجد قوانين أو لوائح تنظم هذه الوسيلة حتى الآن. فهي لا تُعتبر مركبة مرخصة تخضع لإشراف المرور، ولا تُصنف ضمن الدراجات العادية، ما يضع الأجهزة التنفيذية في مأزق عند التعامل مع الحوادث أو المخالفات، ويطالب كثيرون بإصدار تشريع جديد ينظم استخدام المركبات الكهربائية الخفيفة، على أن يشمل اشتراطات السلامة والتأمين والترخيص، بما يتماشى مع التوجه نحو وسائل النقل الذكية والمستدامة التي تشهدها المدن الحديثة.

حلول مقترحة.. نحو نقل آمن ومستدام
يرى عدد من المختصون أن الحل لا يكمن في المنع الدائم، بل في تنظيم الاستخدام عبر إنشاء مسارات مخصصة للأسكوتر بعيدًا عن السيارات، وفرض تراخيص وتأمين إلزامي للمستخدمين، إلى جانب حملات توعية مرورية تستهدف فئة الشباب لتعريفهم بقواعد الأمان، وربط هذه الوسيلة بمنظومة النقل الذكي في المدن الجديدة، فبهذه الطريقة يمكن تحويل الاسكوتر من مصدر خطر إلى أداة فعالة للنقل الحضري المستدام.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات