
بدأت مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، خطوات فعلية نحو تقليل الاعتماد على الخارج، بالتوسع في زراعة القمح المحلي ورفع كفاءة الإنتاج، مدعومة بمشروعات قومية وإصلاحات زراعية طموحة.
وبحسب بيانات رسمية، سجلت البلاد تراجعًا بنسبة 24% في واردات القمح خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بالتزامن مع ارتفاع المساحات المزروعة وتحقيق إنتاجية بلغت 10 ملايين طن من محصول القمح.
انخفاض كبير في واردات القمح خلال 9 أشهر
سجلت واردات مصر من القمح تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2025، حيث بلغ إجمالي الواردات 8.2 مليون طن فقط، مقارنة بـ 10.8 مليون طن خلال نفس الفترة من عام 2024، بنسبة انخفاض قدرها 24%، وهو ما يشير إلى تحوّل واضح في الاعتماد على الإنتاج المحلي.
3.1 مليون فدان مزروعة بالقمح وإنتاجية قياسية
بلغت المساحات المزروعة بمحصول القمح خلال الموسم الأخير 3.1 مليون فدان، بإنتاجية وصلت إلى 22 أردبًا للفدان، أي ما يعادل نحو 10 ملايين طن، وفقًا لتصريحات علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.
وأشار فاروق إلى أن هذه الإنتاجية ساهمت في تغطية 59% من الاستهلاك المحلي، وأن الحكومة تهدف خلال الفترة المقبلة إلى خفض نسبة الاستيراد إلى 30% فقط من إجمالي الاحتياجات السنوية.
توسع في مشروعات الزراعة القومية
تعتمد خطة الدولة في التوسع بزراعة القمح على عدة مشروعات قومية كبرى، من بينها:
مشروع مستقبل مصر الزراعي
مشروع توشكى الجديدة
منطقة شرق العوينات
وقد ساهمت هذه المشروعات في إضافة آلاف الأفدنة الصالحة للزراعة، مع توفير بنية تحتية متطورة للري والتقاوي والنقل والتسويق.
دعم الفلاحين.. من التوريد إلى التقاوي
ومن العوامل التي ساهمت في تحسين الإنتاج المحلي:
رفع أسعار توريد القمح المحلي للفلاحين، مما شجعهم على التوسع في الزراعة.
توفير التقاوي المحسنة عالية الجودة.
الدعم الفني والإرشادي المستمر من وزارة الزراعة.
استخدام أساليب الري الحديثة لتوفير المياه وتحسين كفاءة الإنتاج.
حلول علمية مبتكرة لزيادة إنتاجية القمح
وفي تطور علمي لافت، أظهرت دراسة مصرية دولية نُشرت في مجلة Agricultural Water Management أن استخدام تقنيات الري الحديثة وتحديد الأصناف المناسبة من القمح يمكن أن يرفع الإنتاجية ويقلل استهلاك المياه.
وتمت التجارب على ثلاثة أصناف رئيسية:
سخا 94
شندويل 1
سدس 1
وأظهرت النتائج أن الري المتكرر باستخدام 50% فقط من المياه أدى إلى زيادة إنتاجية صنف سخا 94 بنسبة 22%، في حين سجل الصنفان الآخران زيادات تراوحت بين 15% إلى 20%، ما يفتح الباب أمام تعميم هذه النتائج في مساحات أوسع من الأراضي المصرية.
الميكنة الزراعية تدعم الإنتاج وتحسّن الجودة
أشار وزير الزراعة إلى أن إدخال الميكنة الزراعية الحديثة ساهم بشكل مباشر في تحسين جودة القمح وزيادة الإنتاج، موضحًا أنه تم:
إعادة تأهيل المعدات الزراعية القديمة.
شراء معدات جديدة بقيمة تجاوزت 500 مليون جنيه.
استخدام الآلات المتطورة في الزراعة والحصاد والتوريد، مما خفّض الفاقد ورفع الكفاءة.
نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.. هل تنجح مصر في تقليل الفجوة الغذائية؟
مع استمرار التوسع في المساحات المزروعة، ورفع كفاءة الإنتاج، واستخدام أساليب حديثة في الزراعة، تؤكد المؤشرات أن مصر في طريقها إلى تقليل الفجوة الغذائية في القمح، والوصول إلى نسب اكتفاء ذاتي تتجاوز 70% خلال الأعوام القليلة القادمة، وهو ما سينعكس إيجابًا على الميزان التجاري، واحتياطي العملة الصعبة، وأمن المواطن الغذائي.
المصدر : تحيا مصر
تعليقات