فتور الحماس لـ"تجارة ترمب" وسط شكوك حول سياسات الرئيس العائد

فتور الحماس لـ"تجارة ترمب" وسط شكوك حول سياسات الرئيس العائد

بدأ حماس المستثمرين لبعض فئات الأصول في التراجع بعد موجة الاندفاع الأولية نحو ما يُعرف بـ”تجارة ترمب”، حيث تثار تساؤلات حول مدى قدرة دونالد ترمب كرئيس على تنفيذ مقترحاته الطموحة المتعلقة بالتعريفات الجمركية. 

فقد الدولار معظم مكاسبه التي حققها بعد الانتخابات مع إغلاق تداولات الخميس، ولم يسجل تغيراً كبيراً يوم الجمعة. كما استأنفت عائدات سندات الخزانة الأميركية نطاقها المعتاد بعد تقلبات استمرت ليومين. واستعادت الأسهم الصينية واليوان جزءاً من مكاسبهما السابقة بعد تأثرها بالمخاوف من فرض تعريفات أعلى.

تشير هذه التحركات إلى إدراك متزايد بأن سياسات ترمب كرئيس قد تختلف عما رُوِّج له خلال حملته الانتخابية. مع انحسار التقلبات في السوق، باتت الأنظار تتجه نحو الأحداث الكبرى الأخرى، المتمثلة في مسار التيسير من “الاحتياطي الفيدرالي” وحزم التحفيز المالي من الصين.

قال فيشنو فاراثان، رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجيات في “ميزوهو بنك” (Mizuho Bank Ltd) في سنغافورة: “هناك شعور بأن حتى أكثر المستثمرين حماساً لتداولات ترمب بدأوا يتراجعون قليلاً من أجل إعادة النظر، إذ يدور بأذهانهم تساؤل: هل الرهانات تجاوزت حدودها؟” أضاف: “المتداولون يفكرون في كيفية تنفيذ بعض سياساته، ومدى فعالية تطبيقها”.

ماذا يشغل بال المستثمرين؟ 

من بين الأسئلة الرئيسية التي تشغل بال المستثمرين مدى واقعية فرض التعريفات التي هدد بها ترمب، والتي قد تصل إلى %60 على السلع الصينية. كما يقوم بعض المستثمرين بتحقيق أرباح من بعض التداولات، مثل الرهانات الصعودية على الدولار والتوقعات السلبية لسندات الخزانة، وهي مراكز شهدت أداءً قوياً في وقت مبكر من هذا الأسبوع بفضل التوقعات بأن سياسات ترمب التحفيزية ستدفع التضخم، وتجعل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

مع إثارة هذه الشكوك، تحركت الأصول التي يُعتقد أنها ستستفيد من رئاسة ترمب دون تغير يُذكر إلى حد كبير بعد القفزة التي شهدتها عقب الانتخابات. كانت الأسهم الأميركية استثناءً حيث واصلت المكاسب يوم الخميس وسط تكهنات بأن سياسات الإدارة الجديدة ستكون داعمة لشركات البلاد.

لم تشهد “بتكوين” تغيراً كبيراً منذ ارتفاعها إلى مستويات قياسية بفضل مواقف الرئيس المنتخب المؤيدة للعملات المشفرة. ارتفع مؤشر “بلومبرغ” للدولار بنسبة أقل من %0.1 يوم الجمعة. واستقر عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات عند %4.33، بعد أن ساعد خفض الفائدة من “الاحتياطي الفيدرالي” في التخفيف من قفزة يوم الأربعاء.

مع ذلك، قد تستعيد هذه التداولات زخمها، وفقاً لما ذكرته “آر بي سي كابيتال ماركتس” (RBC Capital Markets).

إذا احتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلس النواب الأميركي، مع استمرار عمليات الفرز النهائية، فإن الانتصار الشامل سيُسهِّل الطريق لخفض الضرائب وسياسات الهجرة والتجارة التي يفرضها ترمب، بالإضافة إلى تأكيد مرشحيه. تستعد الأسواق لفترة من التقلبات المرتفعة حيث يتفاعل المتداولون مع العناوين الرئيسية المتعلقة بتطورات السياسات.

قال ألفين تان، رئيس استراتيجيات العملات في آسيا في “آر بي سي كابيتال”: “هناك الكثير من الشكوك حول التزام ترمب فعلياً بسياساته المقترحة، خاصة بشأن التعريفات الجمركية”. أضاف أن هذه المشاعر قد تكون مؤقتة، حيث “تقلل السوق من شأن ترمب فيما يتعلق بسياسة التجارة، فالرئيس الأميركي يمتلك صلاحيات واسعة لفرض التعريفات الجمركية”.

خيارات الأسهم

بالنسبة للأسهم، يبدو الزخم أكثر تفاؤلاً حيث يعتقد المتداولون أن موقف ترمب المؤيد للنمو سيعزز ارتفاعها.

وصلت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع، مع ارتفاع مؤشرات الأسهم ذات رأس المال الصغير والمصارف الإقليمية، وهي الشركات التي ترتبط بشكل كبير بالنمو المحلي. يتوقع المستثمرون أن تزدهر هذه الشركات في ظل إدارة ترمب الثانية الذي تعهد بتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز أرباح الشركات.

الوضع أقل وضوحاً بالنسبة لآسيا، حيث يعتمد مستقبل الأسهم هناك على مدى التحفيز المالي الذي ستقدمه الصين.

بعد الانخفاض الحاد الأولي، يتجه مؤشر “سي إس آي 300” في الصين نحو تسجيل أفضل أسبوع له منذ أكثر من شهر. بينما يُتوقع أن تطلق بكين حزمة تحفيزات أكبر لمواجهة التعريفات الجمركية المرتفعة، والخروج بنتائج مخيبة من اجتماع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، المقرر في وقت لاحق اليوم الجمعة، قد يعيد الضغط على الأسهم للبيع.

وكتب محللو “إيفركور آي إس آي” (Evercore ISI)، بمن فيهم نيو وانغ، في مذكرة: “مع فوز ترمب، نعتقد أن احتمالات أن يأتي التحفيز المالي على نحو قوي تشمل الأخذ في الحسبان إجراءات ترمب قد زادت بشكل كبير”. أضافوا: “طالما أن بكين تواصل القيام بما هو مناسب داخلياً، وتستفيد من سياسات ترمب الخارجية، فإننا نعتقد أن الاقتصاد الصيني يمكنه تجاوز عاصفة تعريفاته الجمركية”.

المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *