أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب «التيسير والاعتبار والتحرير والاختبار»، أحد أبرز النصوص التي توثّق عمق التفكير الاقتصادي في مصر خلال القرن الخامس عشر. يسلّط العمل الضوء على رؤية تحليلية سبقت النظريات الاقتصادية الحديثة، ويقدّم الأسدي بوصفه أحد أوائل المفكّرين الذين ربطوا الاقتصاد بالإدارة الرشيدة وتوزيع الثروة.
عمل تراثي يعيد الاعتبار لمفكر عربي منسي
أصدرت الهيئة الكتاب ضمن سلسلة «التراث الحضاري»، وهو من تأليف محمد بن محمد بن خليل الأسدي (855 هـ)، بتحقيق د. عبد القادر أحمد طليمات، ودراسة اقتصادية تحليلية موازية للدكتور شوقي أحمد دنيا.
ويأتي الإصدار بعد قرون من التجاهل لشخصية الأسدي، رغم قيمة كتابه الذي سبق نقد آدم سميث لنظرية ندرة الموارد بطرح مختلف وجريء.
طرح اقتصادي ينقض فكرة «ندرة الموارد»
يرى الأسدي أن الأزمات الاقتصادية لا تنشأ من نقص الموارد الطبيعية، بل من سوء إدارتها وضعف نظم توزيع الثروة.
وبهذا الطرح، يتجاوز الأسدي الإطار التقليدي الذي ركّز عليه المقريزي في «إغاثة الأمة»، ليقدّم رؤية أكثر شمولًا تعتمد على التحليل الواقعي والملاحظة العلمية.
مفكر إصلاحي مبكر سبق عصره
تشير دراسة التحقيق إلى احتمال تولي الأسدي منصب المحتسب، مع امتلاكه خبرة واسعة في شؤون الإصلاح الإداري.
وتكشف نصوصه عن تحذيرات صريحة من تفشي الفساد، وما ينتج عنه من تدهور اقتصادي واجتماعي.
قراءة اقتصادية تكشف ملامح عصر مضطرب
وتقدّم دراسة د. شوقي دنيا خلفية تاريخية لأوضاع مصر في ذلك العصر، حيث هيمنت الإقطاعية، وتدهورت العملة، وانتشر الفساد الإداري، مما أدى إلى موجات غلاء وهجرة العمالة الزراعية.
وفي قلب هذه الظروف، صاغ الأسدي مشروعًا إصلاحيًا فكريًا يصف أسباب «فساد الوضع وخراب البلاد» ويقترح حلولًا لاستعادة توازن النظام الاقتصادي.
خطوة ثقافية لإحياء جذور الفكر الاقتصادي العربي
تؤكد الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن نشر هذا العمل يمثل إعادة اكتشاف لمسار فكري أصيل في تاريخ الاقتصاد العربي، وإضاءة على مفكر وضع أسسًا مبكرة للاقتصاد السياسي قبل ظهوره في أوروبا بقرون.
كما يشكل الإصدار دعوة لإعادة النظر في كنوز التراث التي تحمل رؤى عميقة ما زالت قادرة على إلهام الحاضر.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات