أوضحت الفتوى أن من القواعد الأساسية التي تقوم عليها المعاملات في الشريعة الإسلامية هي التراضي بين البائع والمشتري، استنادًا إلى قول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء: 29]، وإلى حديث النبي ﷺ: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» [رواه ابن ماجه].
ويُقصد بالتراضي أن يكون المشتري على علم تام بحال السلعة التي يشتريها، دون غش أو تدليس أو إخفاء لما قد يسبب له الضرر أو الخسارة.
حرمة إخفاء العيب ووجوب بيانه
وبيّنت الفتوى أن إخفاء العيب في السلعة المباعة يعد منأنواع الغش المحرم شرعًا، لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، إذ إن البائع الذي يخفي عيبًا في السيارة أو غيرها من السلع يُعد متعديًا على حق المشتري، ومخالفًا لمبدأ الأمانة في المعاملات.
فإذا كانت السيارة التي اشتراها السائل تحتوي على عيب يُنقص من قيمتها أو يفوت غرضًا من أغراض الانتفاع بها، فلا يجوز له بيعها إلا بعد إظهار هذا العيب بوضوح للمشتري الجديد.
حقوق المشتري في حالة وجود عيب
وأشارت الفتوى إلى أن الشريعة منحت المشتري الحق في رد السلعة أو المطالبة بإنقاص ثمنهاإذا اكتشف فيها عيبًا بعد الشراء. فإن لم يكن قد قبض السلعة بعد، فله ردها دون رضا البائع.
أما إذا تم القبض، فيجوز له إمّا الاحتفاظ بها مع خصم قيمة العيب من الثمن، أو ردها بالعيب مطلقًا.
واستندت الفتوى إلى حديث النبي ﷺ: «قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [رواه ابن ماجه]، تأكيدًا على أن الإسلام يرفض كل معاملة يترتب عليها ضرر لأي طرف من الأطراف.
موقف الفقهاء من الرد بالعيب
ونقلت الفتوى عن الإمام ابن قدامة قوله في كتابه المغني: “ولا يفتقر الرد بالعيب إلى رضى البائع، ولا حضوره ولا حكم حاكم قبل القبض ولا بعده”، مما يعني أن للمشتري الحق الكامل في رد السلعة المعيبة دون الحاجة إلى موافقة البائع أو حكم قضائي، سواء قبل القبض أو بعده، لأن الحق في هذه الحالة يثبت بمجرد وجود العيب المؤثر.
خلاصة الحكم الشرعي خلصت الفتوى إلى أنه لا يجوز للسائل بيع السيارة التي علم بعيبها بعد الشراء إلا بعد أن يُظهر هذا العيب بوضوح للمشتري الجديد.
ويُترك الخيار للمشتري بين الاحتفاظ بالسيارة مقابل إسقاط قيمة العيب من الثمن أو ردها بالكامل إذا تم القبض عليها، فإخفاء العيب يُعد غشًا محرمًا يخالف تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الصدق والأمانة في البيع والشراء.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات