هل «الصيام المتقطع» طريق للصحة أم خطر على الجسم؟.. خبراء يوضحون

الصيام المتقطع بين الفوائد والمخاطر، هل «الصيام» طريق للصحة أم خطر على الجسم؟، هذا السؤال بات يتردد كثيرًا في أذهان الباحثين عن أنظمة غذائية تساعدهم على خسارة الوزن وتحسين صحتهم، حيث يعتبر «الصيام» أحد أكثر الأنظمة الغذائية انتشارًا في السنوات الأخيرة، وقد حاز على اهتمام الباحثين والأطباء وخبراء التغذية الذين سعوا إلى دراسة تأثيراته على الجسم بشكل دقيق، لتوضيح ما إذا كان بالفعل يقدم فوائد صحية أم أن هناك آثارًا جانبية تستدعي الحذر منه.
الصيام وأصوله
يرى خبراء التغذية أن «الصيام» ليس مفهومًا جديدًا، بل هو أسلوب متأصل في عادات الإنسان منذ القدم، إذ ارتبط بالسلوكيات الدينية والروحية في مختلف الثقافات، إلا أن «الصيام المتقطع» الذي انتشر في الوقت الحالي يعتمد على تقسيم ساعات اليوم بين فترات تناول الطعام وفترات الامتناع عنه، وغالبًا ما تكون ساعات الامتناع أطول، حيث يقوم البعض باتباع نظام 16 ساعة صيام و8 ساعات أكل، وهناك أنماط أخرى مثل صيام يوم كامل أو أكثر في الأسبوع.
الفوائد المعلنة للصيام
الكثير من الدراسات تشير إلى أن «الصيام» يساعد على إنقاص الوزن من خلال تقليل السعرات الحرارية المستهلكة، كما أن بعض الأبحاث أظهرت أن «الصيام» قد يحسن من حساسية الجسم للأنسولين، وهو ما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أنه قد يساهم في تقليل الالتهابات، وتحسين صحة القلب، وخفض ضغط الدم والكوليسترول، ويذهب بعض الباحثين إلى أن «الصيام» قد يعزز من عملية تجديد الخلايا ويؤخر من مظاهر الشيخوخة.
المخاطر المحتملة للصيام
في المقابل، يحذر أطباء من أن «الصيام» ليس مناسبًا للجميع، فهناك فئات قد تتأثر سلبًا عند اتباع هذا النظام، مثل النساء الحوامل والمرضعات، والأطفال، ومرضى السكري الذين يعتمدون على الأدوية المنظمة للسكر، وأيضًا من يعانون من أمراض مزمنة تتطلب تناول الطعام بانتظام، كما أن «الصيام» قد يؤدي في بعض الحالات إلى الشعور بالإرهاق والدوخة والصداع، وقد يؤثر على التركيز ومستويات الطاقة خلال اليوم، خاصة عند المبتدئين أو من يفرطون في تقليل السعرات الحرارية.
الصيام وفقدان الوزن
من أبرز الأسباب التي تجعل الكثيرين يلجؤون إلى «الصيام» هو فقدان الوزن بسرعة، لكن الأطباء يشيرون إلى أن فقدان الوزن يعتمد بالأساس على العجز في السعرات الحرارية وليس على «الصيام» بحد ذاته، فالشخص الذي يصوم ثم يعوض ذلك بتناول كميات كبيرة من الطعام عالي السعرات لن يتمكن من فقدان الوزن، كما أن فقدان الوزن السريع قد يؤدي إلى فقدان الكتلة العضلية بدلًا من الدهون، وهو أمر يضر بالجسم على المدى الطويل.
الصيام وأسلوب الحياة
يشدد الخبراء على أن «الصيام» يجب أن يكون جزءًا من أسلوب حياة صحي متكامل، يتضمن تناول وجبات متوازنة خلال ساعات الأكل، مع الحرص على شرب الماء بشكل كاف، وتجنب الإفراط في الأطعمة الدسمة أو السكريات، كما يجب دمج النشاط البدني المناسب للحفاظ على الكتلة العضلية، ويرى البعض أن «الصيام» قد يكون مناسبًا للأشخاص الذين يجدون صعوبة في ضبط شهيتهم عند اتباع الأنظمة التقليدية، حيث يساعدهم النظام على التحكم في مواعيد تناول الطعام.
الدراسات العلمية والجدل المستمر
لا يزال الجدل العلمي مستمرًا حول «الصيام»، فبينما تثبت بعض الدراسات وجود فوائد ملموسة على الصحة والوزن، فإن دراسات أخرى تؤكد أن الأدلة ليست كافية بعد للحسم، وأن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث طويلة المدى لمعرفة تأثير «الصيام» على أجهزة الجسم المختلفة، ومن أبرز ما يثير الجدل هو تأثيره على صحة الدماغ والعظام والهرمونات على المدى الطويل، حيث لم تصل الأبحاث بعد إلى نتائج قاطعة.
نصائح الأطباء حول الصيام
يتفق الخبراء على أن «الصيام» قد يكون آمنًا لفئات معينة إذا تم اتباعه بشكل متوازن، لكن من المهم استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية قبل البدء، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة، وينصحون بضرورة البدء تدريجيًا في ساعات الامتناع عن الطعام، وتجنب الصيام الشديد المفاجئ، كما يجب مراقبة الجسم جيدًا أثناء «الصيام» للتأكد من عدم ظهور أعراض غير طبيعية مثل التعب المستمر أو فقدان التركيز أو مشاكل في النوم.
«الصيام» أداة غذائية قد تحمل فوائد كبيرة إذا مورست بوعي وتحت إشراف طبي، لكنه قد يكون خطرًا إذا اتبعه الأشخاص دون معرفة أو مراعاة لحالتهم الصحية، فهو ليس حلاً سحريًا لفقدان الوزن أو الوقاية من الأمراض، بل جزء من منظومة صحية تشمل التغذية السليمة والنشاط البدني والنوم الجيد، والوعي بأن لكل جسم طبيعته وظروفه.
نقلاً عن : القارئ نيوز
تعليقات