ترك الألماني هانز فليك، مدرب برشلونة الإسباني الجديد، بصماته سريعا على الفريق الكتالوني، مع انطلاقة الموسم الحالي 2024-2025.
وقاد فليك برشلونة للفوز في أول 4 مباريات في موسم الدوري الإسباني، ليتصدر جدول ترتيب المسابقة مبكرا بالعلامة الكاملة 12 نقطة، بفارق 4 نقاط أمام أقرب ملاحقيه ريال مدريد وجاره أتلتيكو وفياريال.
وفاز برشلونة على فالنسيا وأتلتيك بلباو ورايو فاليكانو في الجولات الثلاث الأولى بنتيجة واحدة 2-1، قبل أن ينفجر في الرابعة ويكتسح بلد الوليد بـ7 أهداف دون رد.
وأصبح فليك أول مدرب يفوز بمبارياته الأربع الأولى في الدوري الإسباني منذ إرنستو فالفيردي موسم 2017-2018، والذي فاز بأول 7 مباريات له في المسابقة، وفقا لشبكة “أوبتا” العالمية.
وأعاد فليك في تلك المباريات إحياء برشلونة، ليبدأ الفريق في استعادة عروضه الجميلة التي رافقتها النتائج المميزة، رغم حقيقة أنه لم يقابل خصما صعبا حتى الآن ليمكن الحكم على قدرة الفريق على تجاوز الاختبارات الكبيرة.
لكن التغييرات التي أضفاها المدرب الألماني على الفريق، واعتماده على تشكيلة شابة من الواعدين مدعومة بعناصر الخبرة، جعلته يتلمس طريق الوصول إلى التشكيلة النارية التي بدأت الجماهير تتنفس معها الصعداء في إمكانية العودة لعصر الهيمنة على البطولات من جديد.
فليك وبرشلونة.. لقاء تأخر كثيرا
كان فليك دائما اسما مدرجا في قائمة المرشحين لتولي قيادة برشلونة، لدى خوان لابورتا رئيس النادي الكتالوني، حتى من قبل أن يتولى المسؤولية من جديد.
لكن عندما نجح لابورتا في الانتخابات وتولى مقاليد الحكم كان الهولندي رونالد كومان خياره الأول على رأس الإدارة الفنية، ثم بدأت مرحلة الإسباني تشافي هرنانديز، قبل أن تأتي مرحلة فليك بعد الرحيل المفاجئ لأسطورة برشلونة.
ووفقا لما أكدته مصادر داخل برشلونة للوكالة الإسبانية، فقد كان فليك “خيارا حقيقيا” قبل قدوم تشافي، وكان النادي فتح الباب أمام المدرب الألماني، لكنه لم يتمكن من إتمام الصفقة في ذلك الوقت.
رسالة رئيس برشلونة تنير طريق فليك
يعد هانز فليك نقيض كومان وتشافي، فهو لا ينتمي إلى ما يسمى بالبيئة الكتالونية، ولم يلعب أبدا في برشلونة من قبل، ولا يتحدث اللغة، ولديه رؤية مختلفة لكرة القدم، ولا يعرف أيضا الفريق الرديف، ولم يسبق له اختبار وسائل الإعلام الإسبانية.
ويعتمد المدرب الألماني على تقديم خطابات بسيطة في المؤتمرات الصحفية، ولا يقدم عناوين مثيرة، وتعاقد معه النادي الكتالوني في نهاية مايو/ أيار، واستغرق الأمر شهرين لتقديمه، في يوم سلمه فيه لابورتا بطاقة عضوية تحمل الرقم 149842، ورسالة سحرية ترسم طريقه في برشلونة.
تلك الرسالة تحدثت عن كل ما يجب على مدرب برشلونة معرفته، حيث شرح له الرئيس ما يعنيه شعار “أكثر من مجرد نادٍ”، وأن برشلونة يمثل دولة، وتحدث عن تاريخه وقيمه، وأنه ملك للجماهير، لكي يتفهم طريقة رؤية كرة القدم والحياة في برشلونة.
ومنذ اللحظة الأولى قرر فليك تشرب أجواء برشلونة.. ظهر بشكل مفاجئ في كولونيا (بألمانيا)، عندما كان الفريق الكتالوني لكرة اليد يخوض المرحلة النهائية من دوري أبطال أوروبا، وهو ما تم تفسيره على أنه دليل على انخراط المدرب في المشروع.
وللمضي قدما في خطته، طلب فليك مقابلة الإسباني بيب غوارديولا، مدرب برشلونة الأسبق التاريخي، والمعلم الكبير الذي قاده للهيمنة على كل البطولات لعدة سنوات، وذلك حتى لا يفوته أي شيء، سواء مما يحدث على أرض الملعب أو مما يحدث في متاهات المكاتب.
فليك.. أفضل صفقات برشلونة
بات أغلب المتابعين للنادي الكتالوني مؤمنين بحقيقة واحدة هي أن هانز فليك يعد الصفقة الأبرز التي تعاقد معها برشلونة خلال الميركاتو المنقضي، والتي عوضت سوق الانتقالات الصيفية المحبطة للنادي الكتالوني على صعيد اللاعبين، والتي قيدتها قواعد اللعب المالي النظيف.
وسارت وسائل الإعلام الألمانية على النهج ذاته، حيث أشادت بالعمل الذي قام مدرب برشلونة مع بداية الموسم، معتبرة إياه “أفضل صفقة” للنادي الكتالوني.
وأكدت قناة “إن تي في” التلفزيونية الألمانية عبر موقعها الإلكتروني أن “برشلونة في حالة ممتازة منذ البداية مع فليك”، وأن “المدرب الجديد يبدو أنه جلب فرحة هائلة لجماهير البلوغرانا”.
رجل الظل.. هانز فليك
قالت مجلة “كيكر” الرياضية الألمانية إن هانز فليك بعد تعيينه “تعمد الابتعاد عن الأضواء، وتمكن من العمل بشكل مكثف مع فريقه في الظل، وتحليل وضع الفريق الأول وكذلك أكاديمية لاماسيا (الناشئين)، التي قام باختيار عدة لاعبين منها للمشاركة مع الفريق الأول.
وأشارت المجلة إلى أن استراتيجية فليك “أتت بثمارها منذ بداية الموسم”، حيث حقق 4 انتصارات في 4 مباريات، مبرزة أن “خصوم برشلونة الكبار بدأوا يتعرضون لضغوط مع عودة الفريق الكتالوني إلى شكله المرعب”.
بينما قالت صحيفة “بيلد”، الأكثر شعبية في ألمانيا، إن انطلاقة برشلونة التي تصدر معها ترتيب الدوري الإسباني بعد 4 انتصارات في 4 مباريات تذكر إلى حد ما ببايرن ميونخ الألماني المتألق، الذي قاده المدرب وفاز معه بالسداسية التاريخية التي لم يحققها سوى هو والفريق الكتالوني على مر التاريخ.
برشلونة الجديد وسحر لاماسيا
وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية، لم يستغرق هانز فليك طويلا لكي يفهم أن حجر الزاوية للنجاح في برشلونة يكمن في أكاديمية لاماسيا، وفي اللاعبين الشباب الذين يجب بناء المشروع كله حولهم، وهو طريق مهد له رونالد كومان وتشافي هرنانديز.
فتح كومان أبواب الفريق الأول أمام غابي، وأليخاندرو بالدي، وأنسو فاتي، ورونالد أراوخو، ولم يتردد في منح بيدري دورا كبيرا، وعلى طول الطريق، تم استبعاد أسماء مثل أوسكار مينغيزا وإيلاي موربا.
بينما أشرك تشافي 15 لاعبا من أكاديمية برشلونة، من أبرزهم لامين جمال، وباو كوبارسي، وفيرمين لوبيز، وهيكتور فورت، ومارك كاسادو، بالإضافة إلى أولئك الذين رحلوا مثل مارك جويو وفيران غوتغيلا، وغيرهم.
وسار فليك على النهج ذاته، وفي 4 مباريات ظهر بالفعل مارك برنال، الذي منحه قبل إصابته دورا أكبر في خط الوسط، وباو فيكتور، والمدافعان جيرارد مارتين وسيرجي دومينغيز.
ومن بين هؤلاء جميعا، أصبح بيدري ولامين جمال وكوبارسي وكاسادو لاعبين أساسيين؛ في حين يلعب فيرمين بشكل منتظم، والأمر نفسه بالنسبة لرونالد أراوخو، ومارك برنال، وغافي، وأنسو فاتي، لولا إصابتهم.
فلسفة فليك.. سر النجاح في برشلونة
يشعر فليك بالراحة على مقعد القيادة الفنية، وتعتبر فلسفته هي العمل ولا شيء غيره، حيث يحاول نقل خبراته إلى لاعبيه الشباب، ولا يحب التحدث إلى وسائل الإعلام، ولا يتباهى عندما يحقق فريقه فوزا ساحقا، ويقدم صورة متواضعة للمدرب المميز.
ووفقا لمصادر من داخل برشلونة يجمع فليك بين الصرامة الألمانية والإلهام المتوسطي، ويستمع إلى النصائح كثيرا، وهو لطيف وودود في التعاملات الشخصية، ويهرب دائما من الصراعات.
يتحدث المدرب الألماني قليلا عن كرة القدم، ولا يذكر أي شيء عن اللاعبين من خارج برشلونة، ويحرص على كسب ود لاعبيه حتى لو وصل الأمر لتدليلهم علنا، كما حدث مؤخرا عندما عانق هيكتور فورت وشرح له لماذا لم يلعب أمام بلد الوليد.
يعرف فليك قدرات لاعبيه جيدا، وهو ما جعله يدرك أنه لا يحتاج للتعاقد مع لاعب خط وسط، لأن لديه مارك برنال، وترك رافينيا يلعب بحرية، لأنه يعتبره الورقة الرابحة، ليثبت اللاعب البرازيلي ذلك أمام بلد الوليد بتسجيل أول هاتريك في مسيرته الاحترافية.
وتشمل خطط فليك عودة فرينكي دي يونغ وأنسو فاتي لمنحه المزيد من الخيارات في تشكيلته، مثلما سيحدث عندما يعود غابي أو يستعيد رونالد أراوخو لياقته.
ونفس الأمر بالنسبة لفريق عمله، حيث يدرك أن البرتغالي ديكو المدير الرياضي لبرشلونة هو أحد أفضل حلفائه، كما أنه راض جدا عن عمل المدربين البدنيين، ويعتبرهم أفضل من يمكنه العمل معهم، وهو ما يتيح له بيئة صالحة للإبداع والنجاح.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA==
جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية