رفع العراق ميزانية مشروع التعداد السكاني والمساكن في البلاد بأكثر من النصف عما أقرته الحكومة سابقاً، في مسعى لتسريع الاستعدادات لإجراء أول تعداد في نحو ثلاثة عقود، والمقرر إجراؤه بعد ثلاثة أسابيع.
وفي حديث خص به “الشرق”، كشف رئيس الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية، ضياء عواد كاظم، أن الحكومة العراقية رفعت ميزانية المشروع إلى 459 مليار دينار، بزيادة تبلغ 53% عن الميزانية الأصلية. وتأتي هذه الزيادة اللافتة في إطار تسريع الاستعدادات لإجراء التعداد المرتقب في 20 نوفمبر، بهدف دعم توفير بيانات دقيقة تساعد في وضع سياسات تنموية عادلة للبلاد.
وقال كاظم إن الحكومة وافقت على زيادة المبالغ المالية إلى 459 مليار دينار أي نحو 348 مليون دولار بحساب سعر صرف الدولار الرسمي، مبيناً إلى أن هذه المبالغ ساعدتهم على الإسراع بتنفيذ الاستعدادات لتهيئة البنى التحتية للتعداد الالكتروني وإنجاز مراحل التدريب وعملية الترقيم والحصر التي أوشكت على الانتهاء منها في المحافظات العراقية كافة.
وللتعداد السكاني أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، حيث سيوفر معلومات دقيقة عن الخصائص الاجتماعية مثل الصحة، والتعليم، والبطالة، والفقر. وأوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن ذلك سيُمكّن الحكومة من وضع خريطة ديموغرافية للعراق، حيث تفتقر حالياً إلى أرقام دقيقة لسكان كل محافظة.
تأثير التعداد على الإسكان والاستثمار
يرى سلطان الجابري الباحث في الشأن الاقتصادي أن “عملية التعداد السكاني ستكون البوابة لإعادة التفكير في ملف الاستثمار بالنسبة رجال الأعمال سواء المحليين أو الأجانب كون التعداد سيُفصل احتياجات العراق من الخدمات”. وقال: “يحتاج العراق إلى 4 ملايين وحدة سكنية بحسب تصريحات الحكومة.. وبعد إجراء التعداد السكاني قد يتبين أننا نحتاج 6 ملايين وحدة سكنية، وبالتالي سنحتاج مزيد من الاستثمارات في قطاع السكن”.
وستسهم نتائج التعداد في تحقيق توزيع عادل للموازنة المالية الاتحادية بين المحافظات، بناءً على الكثافة السكانية ونسب الفقر، وفق كاظم الذي أشار إلى أن بيانات الجهاز قدرت نسبة الفقر الحالية بـ17.6% لعام 2024، مقارنة بـ23% في عام 2012. ولفت إلى أن اختيار ذلك العام كأساس للقياس يأتي كون ما تلاه من سنوات مثّل حقبة من عدم الاستقرار تعرّض العراق خلالها لهزات منها الحرب مع تنظيم داعش والاحتجاجات الشعبية، ما حال دون الوصول إلى بيانات تعكس الواقع. وقدّر كاظم معدل البطالة والنمو السكاني للعام الحالي بنسبة 14.4%، و2.5% على التوالي.
ويرى خالد الجابري رئيس مؤسسة أصول للتنمية والتطوير أن التعداد السكاني سيوفر قاعدة بيانات دقيقة منها الأيدي العاملة خاصة من فئة الشباب وأبرز القطاعات الخدمية التي فيها تلكؤ. وقال: “هذه ستكون أول خطة ممكن أن تعمل عليها الحكومة تجاه ترتيب أوراقها ورسم خطة استثمارية هدفها توفير مشاريع خدمية”.
يُذكر أن آخر تعداد للسكان في العراق أُجري في عام 1997، وأظهر أن عدد السكان حينها بلغ 22 مليون نسمة. منذ ذلك الحين، لم يُجرَ تعداد رسمي، لكن وزارة التخطيط قدرت عدد السكان بنهاية عام 2023 بحوالي 43.3 مليون نسمة. كما أن نسبة السكان دون سن 15 سنة تشكل 41% من مجموع السكان، في حين تشكل الفئة العمرية 15-64 سنة نسبة 57%، وفئة 65 سنة فأكثر نسبة 3%. وتستند هذه التقديرات إلى مؤشرات الولادات والوفيات والنمو، وتبقى تقديرية بانتظار نتائج التعداد القادم.
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق