لطالما روجت رواية مشهورة بين عشاق السيارات تقول إن وضع مفتاح التشغيل في سيارات بورش على يسار عجلة القيادة منح السائقين ميزة في سباقات لومان 24 ساعة قبل عام 1970، إذ يُفترض أن هذا التصميم سمح لهم بتشغيل السيارة باليد اليسرى أثناء تعشيق السرعة باليد اليمنى، ما وفر ثوانٍ ثمينة عند الانطلاق.
لكن الحقيقة مختلفة تمامًا؛ فهذه القصة ليست سوى خرافة تسويقية متقنة.
السبب الحقيقي وراء وضع المفتاح على اليسار لا علاقة له بالسرعة أو السباقات، بل بالاقتصاد والتبسيط الهندسي.
السبب الحقيقي: الاقتصاد في الأسلاك بعد الحرب
في خمسينيات القرن الماضي، كانت ألمانيا الخارجة من الحرب العالمية الثانية تعاني من نقص في الموارد.
ولتوفير التكاليف، قررت بورش وضع مفتاح التشغيل في الجانب الأيسر من السيارة في طرازها الشهير Porsche 356 لتقليل طول الأسلاك الكهربائية بين البطارية والمفتاح.
بمرور الوقت، تحوّل هذا القرار البسيط إلى تقاليد تصميمية موروثة داخل بورش، فاحتفظت الشركة بالمفتاح في هذا الموضع في كثير من سياراتها، حتى مع زوال الأسباب العملية الأصلية.
قبل عام 1970، كان انطلاق سباق لومان يتم بطريقة تُعرف باسم Le Mans start، حيث يقف السائقون على جانب الحلبة، ثم يركضون إلى سياراتهم عند إنزال العلم، يشغلون المحرك بسرعة وينطلقون.
لكن تلك البداية شهدت حوادث مأساوية؛ أبرزها في عام 1968 عندما لم يُغلق السائق ويلي ميريس باب سيارته فورد GT40 جيدًا، ما تسبب في حادث خطير.
وجاء عام 1969 عندما سار السائق جاكي إيكس ببطء احتجاجًا على خطورة الانطلاق السريع، ومع ذلك فاز بالسباق.
نتيجة لذلك، أُلغيت طريقة الانطلاق الركضي عام 1970، واستُبدلت بانطلاق جلوسي، ثم بانطلاقة متدحرجة عام 1971.
لو كان وضع المفتاح على اليسار فعلاً سر الفوز، لكانت جميع سيارات بورش المشاركة في لومان قبل 1970 تملك هذا التصميم. لكن العكس هو الصحيح.
فقد كانت سيارات مثل Porsche 356 SL و550 Spyder و718 RSK – وهي أيقونات سباقات بورش – تحتوي على مفاتيح تشغيل على اليمين، فوق ذراع ناقل الحركة مباشرة، أي أن تلك “الميزة” لم تكن موجودة أصلاً في سيارات السباق.
على الرغم من الحقائق التاريخية، استمرت بورش في استخدام هذه القصة في بعض كتيبات الاستخدام الخاصة بسياراتها، مشيرة إلى أن وضع المفتاح على اليسار يمنح السائق “ميزة صغيرة ولكن حيوية”.
لكن اليوم نعلم أن تلك “الميزة” لم تكن سوى جزء من تراث العلامة التجارية، ورمز لتاريخها الطويل أكثر من كونها حيلة أداء حقيقية.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات