قرية بتبس.. من أقل من 10 آلاف نسمة إلى رمز عالمي في تصدير شتلات الفاكهة والخضروات بمليارات الدولارات

في قلب دلتا مصر الخضراء، بمحافظة المنوفية، تقع قرية صغيرة اسمها “بتبس”، عدد سكانها أقل من 10 آلاف نسمة، لكنها قصة نجاح غير عادية تستحق الوقوف أمامها بإعجاب.
هذه القرية التي عاش أهلها على الزراعة لأكثر من 150 عامًا، تميزت بتخصصها في زراعة الشتلات الزراعية والفاكهة بجودة عالمية، حتى أصبحت تصدر شتلات فاكهة وخضروات بقيمة 20 مليون دولار سنويًا، دون أن يعرف فيها أحد معنى البطالة أو الهجرة.
شغف متجذر بالأرض.. جيل بعد جيل في رحلة التطور
بدأت القصة قبل أكثر من قرن ونصف بأساليب تقليدية وبسيطة، حيث ورث الأهالي مهارات الزراعة من أجدادهم، ثم جاء الجيل الجديد ليضيف لها لمسة العلم والتطوير.
شباب بتبس لم يكتفوا بالعمل اليدوي، بل دخلوا كليات الزراعة، تعلموا أحدث التقنيات، وعادوا ليوظفوها في بيوتهم وحقولهم، مما رفع جودة الإنتاج إلى مستوى عالمي، وجعل منتجاتهم مرغوبة في الأسواق الدولية.
من دلتا المنوفية إلى أسواق العالم.. تصدير لا مثيل له
قرية بتبس اليوم تصدر شتلات الفاكهة والخضروات إلى العديد من دول العالم، تشمل:
موالح متنوعة مثل البرتقال واليوسفي
فواكه استوائية كالمانجو والتفاح والخوخ والمشمش
نخيل بأنواعه المختلفة مثل المجدول والبارحي
وحتى المنتجات التي كانت مصر تستوردها في السابق، أصبحت تُنتج محليًا بفضل جهود شباب القرية، مما جعلها تنافس الدول الكبرى في جودة الإنتاج.
تطوير مستمر وإبداع في استنباط أنواع جديدة
لم يتوقف أهل بتبس عند حدود النجاح الحالي، بل استثمروا في البحث والتطوير لاستنباط سلالات جديدة من النباتات، مثل أنواع التمور المخصصة التي تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمصدر عالمي رائد، وبالتالي جلب المزيد من العملة الصعبة للبلاد.
سر النجاح: روح التعاون والعلم والإصرار
ما يجعل قصة بتبس فريدة هو ليس فقط إنتاجها الزراعي، بل أيضًا قيم التعاون والعمل الجماعي التي تسود بين أهلها. كل فرد في القرية يشارك في هذه المنظومة، سواء في الزراعة أو التعبئة أو النقل أو التسويق.
وحتى الأطفال يتعلمون حب الأرض والزراعة منذ الصغر، والشباب دائمًا يحاولون ابتكار أساليب جديدة، فيما يوجّههم كبار السن بخبراتهم ودعمهم المستمر.
فخر وانتماء.. حلم مستمر بمستقبل أفضل
أهل بتبس لا يرون عملهم مجرد مهنة أو وسيلة لكسب العيش فقط، بل هو فخر كبير وانتماء جذري لأرضهم وقريتهم. لا أحد يفكر في الهجرة أو البحث عن فرص في الخارج، بل الجميع يحلم بأن يجعل قريتهم أكثر ازدهارًا وأكبر انتشارًا.
نموذج يحتذى به.. كيف بدأت قرية صغيرة تتحول إلى قوة اقتصادية؟
من مزرعة صغيرة وبسيطة في دلتا مصر إلى واحدة من أهم مراكز تصدير الشتلات الزراعية في العالم، تثبت بتبس أن النجاح ليس حكراً على المدن الكبرى أو المشروعات الضخمة. النجاح الحقيقي يبدأ من الأرض، من حب الناس لأرضهم، من العلم، والتطوير، والإصرار على العمل بإتقان.
اليوم، تدخل قرية بتبس ملايين الدولارات من العملة الصعبة، ولا يوجد فيها شخص واحد عاطل عن العمل، وتقدم نموذجًا مصريًا مشرفًا يُظهر أن النجاح الحقيقي يبدأ من التواضع والبساطة، لكنه يحتاج إلى رؤية، تعاون، وعمل متواصل.
المصدر : تحيا مصر
تعليقات