يشهد فريق ريد بول للفورمولا 1 مرحلة تحول تاريخية مع إعلان رحيل مستشاره المخضرم هيلموت ماركو البالغ من العمر 82 عامًا، وهو واحد من أهم الشخصيات التي صنعت أمجاد الفريق منذ انضمامه لبطولة العالم عام 2005. ويأتي هذا القرار بعد أكثر من عقدين من العمل المكثف، لعب ماركو خلالها دورًا محوريًا في اكتشاف وصقل أبرز المواهب التي هيمنت على عالم الفورمولا 1 في السنوات الماضية.
ماركو… العقل الاستراتيجي الذي أسس إمبراطورية ريد بول في الفورمولا 1
بدأ تأثير هيلموت ماركو بالظهور مبكرًا داخل ريد بول من خلال قيادته برنامج تطوير السائقين، وهو المشروع الذي قدّم للعالم أسماء بحجم سيباستيان فيتيل وماكس فيرستابن. وبفضل رؤيته الحادة وقدرته على انتقاء المواهب الصاعدة، ساهم ماركو في بناء فريق قادر على المنافسة على اللقب عامًا بعد عام.
خلال مسيرته، أشرف ماركو على تتويج فيتيل بأربع بطولات عالم متتالية بين 2010 و2013، قبل أن يقود فيرستابن إلى قمة المجد بتحقيق أربعة ألقاب متتالية، ما جعل ريد بول أحد أنجح الفرق في تاريخ الرياضة الحديثة.
فيرستابن: “لقد آمنت بي عندما كنت مجرد مراهق”
جاءت ردود فعل ماكس فيرستابن، بطل العالم أربع مرات، سريعة ومؤثرة عقب إعلان الاستقالة. وقال في منشور عبر إنستجرام:
“شكرا لك يا هيلموت. لقد حققنا معا كل ما حلمنا به. سأظل ممتنًا لك إلى الأبد لإيمانك بي”.
كان ماركو هو صاحب قرار دفع فيرستابن للفورمولا 1 وهو لم يتجاوز السابعة عشرة، ليصبح أصغر سائق يشارك في سباق رسمي عام 2015، وهو أحد القرارات التي غيرت موازين القوة داخل البطولة خلال السنوات التالية.
علاقة تتجاوز العمل… صداقة حقيقية امتدت سنوات
على الرغم من الدور الإداري الرسمي لماركو، فإن علاقته بفيرستابن كانت أقرب إلى علاقة mentor–student، وتطورت لاحقًا إلى صداقة قائمة على الثقة المتبادلة. ورغم صرامة ماركو المعروفة، كان دائمًا يقف خلف فيرستابن في اللحظات الحاسمة، وهو ما أسهم في بناء شخصية البطل داخل السائق الهولندي.
تغييرات ضخمة تضرب ريد بول… ورحيل ماركو يفتح الباب لمستقبل غامض
لا يأتي رحيل ماركو بمعزل عن سلسلة تغييرات عميقة يشهدها فريق ريد بول هذا العام. فقد سبقه:
إقالة كريستيان هورنر من منصبه كرئيس للفريق في يوليو/تموز، وتعيين الفرنسي لوران ميكيس بدلًا منه.
رحيل المصمم الأسطوري أدريان نيوي، العقل المدبر للسيارات التي سيطرت على البطولة، لينضم لفريق أستون مارتن بداية 2026.
هذه الأحداث تثير العديد من التساؤلات حول قدرة الفريق على الحفاظ على هيمنته في ظل غياب أهم ثلاثة أركان ساهموا في صناعة مجده.
خسارة لقب 2024… نقطة التحول التي دفعت ماركو إلى الرحيل
كشف ماركو في بيان رسمي أن خسارة فيرستابن للقب هذا الموسم بفارق ضئيل في جائزة أبوظبي الكبرى كانت لحظة صعبة شكلت نقطة تحول بالنسبة إليه. وقال:
“لقد تأثرت بفقدان بطولة العالم بفارق ضئيل هذا الموسم بشدة، وأوضح لي ذلك أن الآن هو الوقت المناسب لي شخصيًا لإنهاء هذا الفصل الطويل والمكثف والناجح”.
“أتمنى للفريق بأكمله دوام النجاح، وأنا على ثقة بأنهم سينافسون على لقبي بطولة العالم مجددًا العام المقبل”.
ما الذي ينتظر ريد بول في السنوات القادمة؟
رحيل ماركو يأتي في لحظة حساسة قبيل دخول الفورمولا 1 مرحلة القوانين الجديدة لعام 2026، والتي ستشهد:
اعتماد أنظمة هجينة مطوّرة
منافسة شرسة من فرق مثل مرسيدس، فيراري، مكلارين، وأستون مارتن
كما يضع غياب ماركو ضغوطًا إضافية على الإدارة الجديدة لضمان استمرار هيمنة الفريق في ظل المنافسة المتصاعدة.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات