عندما تنتحر الكلمات!!

عندما تنتحر الكلمات!!

د. ناهد باشطح

إعلامية ومدربة في التشافي الذاتي، بدأت الصحافة عام 1985 وحصلت على ثلاث جوائز دولية في الإعلام

فاصلة:
” اللغة العربية هي موسيقى الفكر ، في كل نغمة منها حكمة وفي كل لحن منها عاطفة” – عبدالله القصيمي –
******
كنت ابحث عن معلومات عن “الأمية الناعمة” التي تعني انه على الرغم من أن معدلات القراءة والكتابة التقليدية ارتفعت عالميًا، فإن العديد من الأفراد يفتقرون إلى المهارات والمعرفة الأساسية اللازمة للتفاعل بكفاءة مع التطورات السريعة في مجالات الحياة، لكن ما لفت نظري هو ربط الدكتور “محمد العمري” لهذه الأمية باللغة ففي تعريفه للأمية الناعمة وصفها بانها ” صناعة نموذج للكتابة والقراءة والاهتمامات والأفكار يتيح للجميع قبوله والتأثر به وتوهم التميز فيه باعتباره النموذج الاكمل والاوحد”
وقال عبر منصة اكس “ان الامية الناعمة تداهمنا من خلال لغة تطبيقات التواصل ، هجر الكتابة بالقلم، اعتماد الكتابة باللمس، الاستغناء بالرمز عن العبارة ، ضعف القدرة على الصياغة ، سطحية الأفكار والاهتمامات”
ومن خلال لقاء اجراه معه زميلنا القدير الإعلامي “جاسم العثمان” في برنامجه على اليوتيوب “مع جاسم”
(إن استخدام “الايموجي” الموجود في الحاسوب او المحمول في التعبير بدلا من استخدام كلمات آسف واشتقت لك اوجد اشكال تعبيرية نستخدمها بدلا من الكلمات وهكذا تدريجيا تطمس معالم اللغة العربية ويتعلم عقلنا الا يبتكر كلمات للتعبير)
استوقفني هذا الربط بين اللغة والمشاعر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووجدت ان المجال مازال الجدل فيه قائما حول إيجابية وسلبية استخدام الاشكال التعبيرية بدلا من الكلمات حين التعبير عن العواطف
وفي بحث في المؤتمر الدولي الحادي والخمسين لعلوم النظم المنعقد في هاواي عام 2018 وعبر ورقة عمل بعنوان ” العواطف تتغلب على الحقائق: دور العواطف في وسائل التواصل الاجتماعي: مراجعة الأدبيات” كشف الباحثان :هيسو هيفارينين و رومان بيكت
“ان البحث في كيفية استخدام المشاعر في تواصل الأشخاص عبر الإنترنت، مازال واعداً، وانه على الرغم من وجود بعض الأعمال الواعدة فيما يتعلق بالدوافع العاطفية في السلوك عبر الإنترنت، إلا أننا ما زلنا لا نعرف سوى القليل فيما يتعلق بكيفية توصيل المشاعر على وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويبدو اننا حين نتحدث عن العواطف والمشاعر فنحن نتحدث عن التعبير واللغة حيث ان هناك مصطلح “لغة وسائل التواصل الاجتماعي” الذي يستخدم لوصف المفردات الفريدة والنحو وأسلوب الكتابة الذي ظهر على منصات التواصل الاجتماعي.
هذه اللغة العامية المتلبسة بالصور والاشكال التعبيرية تتطور باستمرار
لكنها في المقابل تجعل أساليب الكتابة والتواصل التقليدية تبدو قديمة، كما ونشات لغة بصرية يمكنها نقل المشاعر والأحاسيس بسهولة حيث
وأصبحت هذه التعابير البصرية طريقة لتحديد هويتهم في المجموعات وتحديد شعورهم بالانتماء، وفي ذات الوقت تراجعت مهارات الاتصال التقليدية مثل القواعد وبنية الجملة.
وهذا يشكل تحديًا للمجتمع، في ظل غياب المؤسسات التعليمية عن دراسة هذه الآثار على اللغة التقليدية ومفرداتها.
مشكلة لغة وسائل التواصل الاجتماعي انها تكسر الحواجز اللغوية لكنها في المقابل تعزز التسطيح الثقافي، وعلينا الاختيار مابين تحقيق الاحتياجات وتطوير اللغة !!

المصادر
-Proceedings of the 51st Hawaii International Conference on System Sciences, Emotions Trump Facts:
The Role of Emotions in on Social Media: A Literature Review, Hissu Hyvärinen, Roman Beck, 2018.
– social-media-language-how-it-shapes-the-current- the-power-of generation, languages unlimited

– How Has Social Media Changed The Way We Express Our Emotions?, Gaurangi verma,2023.

تم نشر هذه المقالة عندما تنتحر الكلمات!! للمرة الأولي علي الوئام.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *