علماء يعلنون اختراقاً في شحن البطاريات.. هل بدأ عصر الطاقة اللحظية؟

علماء يعلنون اختراقاً في شحن البطاريات.. هل بدأ عصر الطاقة اللحظية؟

في خطوة قد تمهد لعصر جديد من الشحن فائق السرعة والطاقة المستدامة، أعلن باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة، بالتعاون مع فريق علمي صيني، عن اكتشافين علميين منفصلين من شأنهما إعادة تعريف طريقة تصنيع وتشغيل بطاريات الليثيوم أيون التي تُستخدم في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية وأجهزة الحواسيب المحمولة.

اكتشاف أمريكي يفتح الطريق أمام شحن أسرع

بحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، نجح فريق من علماء معهد MIT في فك أحد أكثر الألغاز تعقيداً في عالم الطاقة، والمتعلق بالتفاعل الأساسي الذي تتحكم به بطاريات الليثيوم أيون،و
تقوم هذه البطاريات على نقل جزيئات دقيقة تُعرف باسم “أيونات الليثيوم” بين الأقطاب الصلبة داخلها، وهي عملية تتكرر آلاف المرات أثناء الشحن والتفريغ، وتحدد سرعة هذا التفاعل مدى سرعة شحن البطارية وقدرتها على تخزين الطاقة.

ولسنوات طويلة، اعتمدت شركات التكنولوجيا على التجربة والخطأ لتحسين أداء البطاريات دون فهم دقيق للعوامل الحقيقية وراء كفاءة الشحن. لكن دراسة MIT الأخيرة كشفت أن السر يكمن في ما يُعرف بـ«نقل الأيونات والإلكترونات المقترنة»، أي أن الأيونات لا تنتقل بكفاءة إلا بوجود إلكترونات تتحرك في الوقت نفسه داخل القطب الكهربائي.

وقال البروفيسور مارتن بازانت، أستاذ الرياضيات في MIT، إن هذا الاكتشاف قد يغير قواعد اللعبة بالكامل، مضيفاً:”عملنا يفتح الباب أمام تسريع التفاعلات وضبطها بدقة، مما قد يسمح بشحن البطاريات في دقائق بدلاً من ساعات”.

وبحسب الفريق البحثي، جرى اختبار النظرية على أكثر من 50 مادة مختلفة، من بينها تلك المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية، وأثبتت النتائج إمكانية زيادة سرعة الشحن بشكل كبير عبر تعديل مكونات “الإلكتروليت” السائل داخل البطارية، دون التأثير على عمرها الافتراضي.

 

وأوضح الباحثون أن هذا التقدم قد يتيح لمصنّعي البطاريات تطوير منتجاتهم بطريقة علمية ومنهجية، بعيداً عن التخمين، مما يوفر وقتاً وتكلفة كبيرة ويسهم في تحسين كفاءة المركبات الكهربائية بشكل لافت.

 

 ابتكار صيني يعيد الحياة للبطاريات القديمة

 

وفي تطور موازٍ، أعلن فريق بحثي صيني من الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة تسينغهوا وجامعة سوتشو، عن تقنية جديدة لإعادة إحياء بطاريات الليثيوم أيون المستهلكة باستخدام مركّبات طبيعية مستخلصة من الشاي، في إنجاز علمي وبيئي مثير نُشر في مجلة Advanced Materials.

 

ومع تزايد الاعتماد العالمي على بطاريات الليثيوم، خاصة في السيارات الكهربائية، ظهرت مشكلة بيئية ضخمة تتعلق بتكدس البطاريات التالفة بعد انتهاء عمرها، وغالباً ما تعتمد أساليب إعادة التدوير التقليدية على عمليات كيميائية أو حرارية مكلفة وتضر بالبيئة، فضلاً عن أنها لا تستعيد إلا المعادن الثمينة دون إعادة استخدام البطاريات نفسها.

 

لكن التقنية الصينية الجديدة تقدم بديلاً مبتكراً وأكثر استدامة، إذ تعمل على إعادة تنشيط الأقطاب المتدهورة داخل البطارية نفسها بدلاً من تفكيكها، واستخدم العلماء في هذا السياق مركبات “البوليفينولات” الطبيعية الموجودة في أوراق الشاي كمصدر للإلكترونات، مما مكّنهم من تحويل أقطاب البطارية من الحالة المتدهورة إلى الحالة النشطة مجدداً.

 

وأسهمت الطريقة في إصلاح البنية الداخلية للبطارية وتحسين نقل أيونات الليثيوم داخلها، ما أدى إلى استعادة كفاءتها الكهربائية بشكل كبير، كما أضاف الباحثون عنصر الألمنيوم أثناء عملية التجديد لتكوين طبقة مزدوجة من فوسفات الألمنيوم والليثيوم، عززت من استقرار البطارية وطول عمرها التشغيلي.

 

 نحو مستقبل طاقة أكثر استدامة

يؤكد الخبراء أن الجمع بين الاكتشافين الأمريكي والصيني يمثل نقلة نوعية في مستقبل الطاقة، حيث يفتح الأول الباب أمام شحن أسرع وأكثر كفاءة، بينما يقدّم الثاني حلاً عملياً لإعادة تدوير البطاريات بطريقة صديقة للبيئة ومنخفضة التكلفة.

 

ومع تزايد الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، قد تسهم هذه الابتكارات في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليص النفايات الإلكترونية، وتحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة البيئية.

 

وبينما يعمل العلماء حول العالم على تطوير بطاريات أكثر أماناً وكفاءة، يبدو أن عصر “الشحن في دقائق” وإعادة استخدام البطاريات القديمة أصبح أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.

نقلاً عن : الجمهور الاخباري

محمد الهلالي، كاتب متخصص في الأخبار يتمتع بخبرة واسعة في تغطية الأحداث المحلية والعالمية. يسعى لتقديم محتوى دقيق وشامل يضع القارئ في قلب الحدث، مع تحليلات معمّقة ورؤية متوازنة تعزز الفهم العام وتسلط الضوء على خلفيات الأخبار وتأثيراتها.