ظهور تجمع مائي طبيعي في صحراء البهنسا بالمنيا يثير جدلاً بين القلق وفرص الاستثمار

شهدت منطقة البهنسا بمحافظة المنيا جنوبي مصر ظاهرة نادرة تمثلت في ظهور تجمع مائي كبير بشكل مفاجئ في قلب الصحراء الغربية، مما أثار اهتمام السكان والمسؤولين وخبراء الجيولوجيا، وأدى إلى جدل واسع حول طبيعة هذا التجمع وأسباب تشكله.
أكدت الجهات الرسمية أن هذا التجمع المائي هو نتيجة طبيعية لتجمع المياه الجوفية في منخفض جيولوجي، ناجم عن تسربات مياه جوفية طبيعية وليس بسبب تدخل بشري.
وأظهرت التحاليل أن مياه التجمع تحتوي على نسب عالية جداً من الأملاح، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري سواء للشرب أو الزراعة.
وأكد فريق علمي ميداني أن المياه تراكمت في منطقة تضم محاجر قديمة منخفضة، حيث تسربت المياه إلى هذه المنخفضات بفعل عوامل طبيعية.
وبلغت نسبة الملوحة في بعض المواقع 9 آلاف جزء في المليون، وفي مواقع أخرى 20 ألف جزء في المليون، مما يعكس خطورة استخدام هذه المياه.
وأوضح أستاذ الجيولوجيا أن التجمع المائي ليس جديداً، بل يعود إلى عام 2016، إلا أن اتساعه وزيادة حجم المياه فيه مؤخراً جعلا ظهوره أكثر وضوحاً.
وأشار إلى أن النشاط الزراعي المتزايد في المنطقة، مع حفر آبار جوفية واستخدام كميات كبيرة من المياه في الري، ساهم في زيادة تسرب المياه إلى المنخفضات الرملية التي تحولت إلى تجمعات مائية.
وأدى ظهور التجمع إلى قلق بين السكان، خصوصاً بعد وقوع حادث غرق، مما دفع البعض إلى إطلاق اسم “بحيرة الموت” عليه، وانتشار العديد من الأساطير الشعبية حوله.
ودعا الخبراء إلى تنظيم استخدام المياه في الزراعة وترشيد الري لتفادي زيادة تسرب المياه والحد من توسع هذه التجمعات، مع توعية السكان بعدم استخدام المياه لعدم صلاحيتها بسبب ملوحتها وخطورتها.
وفي المقابل، رأى بعض المختصين أن هذا التجمع يشكل فرصة للاستثمار العلمي والبيئي والسياحي، حيث يمكن تحويله إلى موقع لدراسة العلاقة بين المياه الجوفية والزراعة في المناطق الصحراوية.
وحذر خبراء من التوسع المستمر للتجمع وتأثيره السلبي على القرى والمساكن المجاورة، مؤكدين ضرورة مراقبة الظاهرة وتقييم آثارها البيئية والاقتصادية على المدى الطويل. كما اقترح بعضهم استثمار التجمع في زراعة نباتات مقاومة للملوحة مثل المانغروف لما لها من فوائد بيئية واقتصادية.
في سياق متصل، عبر حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين بمحافظة المنيا، عن استغرابه من الضجة الإعلامية التي أثيرت حول ما يُسمى بالبحيرة الغامضة غرب قرية البهنسا، مؤكداً أن تجمع المياه الجوفية هذا هو نتيجة طبيعية لانخفاض الأرض بشكل كبير مقارنة بالمناطق المحيطة، حيث كانت الأرض تستغل كمحجر رملي كبير تم حفره منذ عقود بواسطة معدات ثقيلة.
وأضاف أبوصدام أن هذا التجمع عبارة عن بركة مياه جوفية وليس بحيرة ولا يحمل طابع الغموض، ولا يستدعي الدهشة أو القلق.
وذكر أنه من سكان المنطقة ويمتلك أراضٍ زراعية قريبة من الموقع، مشيراً إلى أن طبيعة الأراضي الصحراوية غرب البهنسا معروفة بوجود مياه جوفية كثيرة، غالباً ما تكون مسربة من مياه البحر اليوسفي، وهي مياه عذبة من نهر النيل تسربت عبر الشقوق الطبيعية بين الصخور، لكنها اكتسبت ملوحة نتيجة اختلاطها بالأملاح الموجودة في التربة الصحراوية المالحة.
وأشار إلى أن معظم مزارعي غرب البهنسا يقومون بحفر آبار تقليدية تكسر الصخور، حيث تتدفق المياه على بعد أمتار قليلة من سطح الأرض، ويستخدمون مضخات لري محاصيلهم من هذه الآبار التي لا تنضب بسبب وفرة المياه الجوفية.
وأكد أن الدهشة والقلق الناتجين عن نشر صور البركة تعود إلى تضخيم الحدث من قبل البعض لجذب المتابعين، بينما البركة كانت موجودة منذ سنوات بعد هجر أصحاب المحاجر للمكان بسبب تدفق المياه الجوفية وزيادة الزراعة حولها، مما أدى إلى زيادة تجمع المياه وارتفاع ملوحتها بسبب وقوف الماء وعدم وجود تصريف.
وأشار إلى أن هذه البركة مثل أي بركة مياه أخرى يمكن ردمها واستخدام الأرض في الزراعة لاحقاً، وذكر وجود بركة أخرى في المنطقة تقلصت بعد ردمها من قبل الأهالي، وتقع جنوب شرق البركة الحالية بالقرب من نفق البهنسا شرق الطريق الصحراوي الغربي، قرب صوامع الغلال.
نقلاً عن : اجري نيوز
تعليقات