طفرة التعهيد بعد كورونا.. كيف تغيرت قواعد العمل عالميًا؟

طفرة التعهيد بعد كورونا.. كيف تغيرت قواعد العمل عالميًا؟

أكد خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات الدكتور أسامة مصطفى، أن صناعة التعهيد ليست استثمارًا مستحدثًا، لكنها شهدت خلال الفترة الأخيرة طفرة عالمية لافتة، خاصة عقب جائحة كورونا التي فرضت واقعًا جديدًا على أساليب العمل داخل كبرى الشركات الدولية، ودَفعتها إلى الاعتماد على منظومة العمل عن بُعد من خلال شركات أصغر وأكثر مرونة، وهو ما أعاد رسم خريطة سوق الخدمات عالميًا.

جائحة كورونا ونقطة التحول في صناعة التعهيد

أوضح مصطفى، خلال تصريحات تلفزيونية، أن جائحة كورونا كانت عاملًا حاسمًا في تسريع التحول نحو التعهيد، بعدما اضطرت المؤسسات الكبرى إلى البحث عن نماذج تشغيل بديلة تضمن استمرارية الأعمال مع تقليل النفقات، الأمر الذي فتح الباب أمام توسع غير مسبوق في الاعتماد على الشركات المتخصصة في تقديم الخدمات عن بُعد، سواء في المجالات التقنية أو الإدارية أو الخدمية.

فرص عمل واسعة للشباب المصري

وأشار خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات إلى أن هذا التحول العالمي انعكس بشكل مباشر على السوق المصرية، حيث أتاح فرص عمل كبيرة للشباب في مجالات متعددة، مؤكدًا أن مصر استفادت من هذا التوسع بفضل ما تمتلكه من طاقات بشرية شابة قادرة على التعلم السريع والتكيف مع متطلبات سوق العمل العالمي، وهو ما جعلها مقصدًا جذابًا للشركات الباحثة عن كوادر مؤهلة بتكلفة تنافسية.

استثمارات أجنبية ودعم للاحتياطي النقدي

وأضاف مصطفى أن صناعة التعهيد أسهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى قطاع الخدمات في مصر، مشيرًا إلى أن العائد الاقتصادي لهذا القطاع لا يقتصر على توفير فرص العمل فقط، بل يمتد ليشمل دعم الاحتياطي النقدي، نظرًا لأن أغلب المعاملات المالية المرتبطة بخدمات التعهيد تتم بالعملات الأجنبية، وهو ما يعزز من تدفقات النقد الأجنبي إلى الاقتصاد الوطني.

محوران أساسيان لتأهيل الشباب

وأوضح أن الاستفادة الحقيقية من فرص التعهيد تتطلب إعدادًا جيدًا للشباب عبر محورين أساسيين، يتمثل الأول في امتلاك المهارات التقنية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، بينما يركز الثاني على تطوير المهارات اللغوية والاتصالية، لافتًا إلى أن القدرة على التواصل الفعّال مع عملاء من جنسيات وثقافات مختلفة تُعد عنصرًا جوهريًا للنجاح في هذا المجال.

دور الجامعات والقطاع الخاص والمبادرات الحكومية

وشدد مصطفى على أهمية التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص في تدريب الطلاب وتأهيلهم وفقًا لاحتياجات السوق الفعلية، مؤكدًا أن هذا التكامل يسهم في سد الفجوة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل، إلى جانب الدور المحوري الذي تلعبه المبادرات الحكومية مثل مبادرة «رواد التكنولوجيا» ومبادرة «مشروعك»، والتي تستهدف تمكين الشباب وفتح آفاق جديدة أمامهم في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال.

تخصصات مطلوبة تقود مستقبل التعهيد

وأكد خبير التكنولوجيا ضرورة توجيه الشباب نحو التخصصات العالمية الأكثر طلبًا، وعلى رأسها مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، موضحًا أن هذه المجالات أصبحت المحرك الرئيسي لنمو صناعة التعهيد، كما أشار إلى أن أبرز مجالات التعهيد المتاحة حاليًا تشمل خدمات الدعم الفني وخدمة العملاء، والخدمات المالية والمحاسبة عن بُعد، والتسويق الرقمي وإدارة منصات التواصل الاجتماعي، فضلًا عن البرمجيات ودعم تكنولوجيا المعلومات.

مجالات جديدة وفرص واعدة لمصر

وأشار مصطفى إلى أن هناك مجالات جديدة تشهد توسعًا متزايدًا، من بينها التعهيد الطبي الذي يشمل معالجة البيانات الطبية والترجمة الطبية، وكذلك التعهيد القانوني المرتبط بتحليل المستندات والعقود، إضافة إلى خدمات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل تدريب النماذج على تحليل الصور واللغات، مؤكدًا أن مصر تمتلك قدرات بشرية كبيرة في هذه التخصصات، ما يؤهلها لتعزيز موقعها على خريطة التعهيد العالمية.

نقلاً عن : الجمهور الاخباري

محمد الهلالي، كاتب متخصص في الأخبار يتمتع بخبرة واسعة في تغطية الأحداث المحلية والعالمية. يسعى لتقديم محتوى دقيق وشامل يضع القارئ في قلب الحدث، مع تحليلات معمّقة ورؤية متوازنة تعزز الفهم العام وتسلط الضوء على خلفيات الأخبار وتأثيراتها.