
في خطوة غير مسبوقة، وجه أكثر من 800 شخصية عالمية من خلفيات سياسية وفكرية متباينة نداءً علنيا يطالب بـحظر فوري على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي قد تتفوق على العقل البشري، في ما وصف بأنه حدث سياسي عالمي، لا مجرد تحذير أخلاقي بشأن الخوارزميات.
تحالف غير متوقع يدعو لحظر عالمي على تطوير “الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء”
البيان، الذي نظم من قبل معهد مستقبل الحياة (FLI)، ضم توقيعات لعلماء بارزين ومشاهير ومفكرين وزعماء دينيين وسياسيين من مختلف التوجهات، من بينهم خبير الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، المخترع المشارك لشركة آبل ستيف وزنياك، الرئيسة الإيرلندية السابقة ماري روبنسون، الأمير هاري وميغان ماركل، ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابقة سوزان رايس، وغيرهم.
ما الذي يثير القلق؟
يحذر الموقعون من خطورة تطوير ما يعرف بـ”الذكاء الفائق” Superintelligence — وهو نوع من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتفوق على البشر في جميع المهام المعرفية، من التعلم والتخطيط إلى الإبداع واتخاذ القرار.
وبحسب البيان، فإن ترك مثل هذه الأنظمة تتطور دون رقابة أو معايير أمان موثوقة قد يؤدي إلى فقدان السيطرة البشرية، وتمكين آلات قادرة على تحسين ذاتها بشكل مستقل، ما يشكل تهديدا وجوديا في حال حدوث خلل.
نداء للحظر حتى إشعار آخر
على عكس دعوات سابقة طالبت بـ”إبطاء” تطوير الذكاء الاصطناعي، يطالب هذا البيان بحظر كامل على تطوير “الذكاء الفائق” حتى يتحقق إجماع علمي واسع بأن تطوير هذه الأنظمة يمكن أن يتم بأمان وقابلية للسيطرة.
وتظهر بيانات استطلاعية، أجريت بتكليف من FLI، أن فقط 5% من الأميركيين يؤيدون تطوير هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بدون تنظيم، بينما يدعم أكثر من 75% تنظيما صارما.
لماذا الآن؟
يرى الموقعون أن هناك سباقا محموما بين شركات التكنولوجيا الكبرى مثل OpenAI وجوجل وميتا وأنثروبيك وxAI لتطوير ما يعرف بالذكاء العام الاصطناعي AGI وما بعده، مما قد يدفعها لتجاهل إجراءات السلامة في سبيل التقدم.
يأتي البيان بعد نداء سابق في مارس 2023 دعا إلى تجميد لمدة 6 أشهر في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة، إلا أن النداء الجديد يذهب أبعد من ذلك، مطالبا بمنع شامل للتطوير حتى إشعار آخر.
تحالف عالمي واسع وغير مألوف
ما يميز هذا النداء هو التنوع الأيديولوجي الواسع بين الموقعين: من اليمين السياسي مثل ستيف بانون، إلى شخصيات أكثر ليبرالية مثل ميغان ماركل، إلى جانب علماء من الصين مثل أندرو ياو ويا-تشين زانغ، ما يعكس قلقا عابرا للحدود حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الأمن القومي والمجتمع البشري ككل.
أين تقف الحكومات؟
في أوروبا، لا يزال قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي (AI Act) هو الإطار التشريعي الأبرز رغم مقاومة الصناعة التكنولوجية. أما في الولايات المتحدة، فما زال الوضع القانوني مجزأا، بين بعض القوانين المحلية (مثل في كاليفورنيا وتكساس) وغياب واضح للتشريعات الفيدرالية المتماسكة.
قد يمثل هذا التحالف نقطة تحول في النقاش العام حول أخطار الذكاء الاصطناعي. فبعد أن كان هذا الجدل حكرا على الدوائر الأكاديمية والتقنية، بدأ يدخل الآن إلى المجال السياسي والمجتمعي كقضية أمنية وإنسانية.
وبحسب المتابعين، قد يدفع هذا الضغط السياسي المتصاعد صناع القرار للتحرك بوتيرة أسرع لإرساء أطر قانونية تواكب التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، قبل أن يصبح تفوق الآلة على الإنسان واقعا لا يمكن الرجوع عنه.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري
تعليقات