ربما يكون استعمار المريخ ضرباً من الخيال، لكن إيلون ماسك يراهن بكل ما لديه على استعمار مكان أقرب؛ البيت الأبيض، فيغدق أثرى شخص في العالم المال وموارد شركاته الهائلة، لضمان إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، كما أن المجموعة الكبيرة من العقود والدعم السخي التي تربط إمبراطوريته بالحكومة، لم تمنعه من التدخل في الوضع السياسي المشحون، وقد يتغلغل بشكل أعمق في نسيج المجتمع والأمن القومي بحسب نتيجة الانتخابات.
يندر أن ينفق المليارديرات ورؤساء الشركات العملاقة، بل وأي شخص آخر تكون مصالحه المالية على المحك، الثروة والوقت من دون مقابل. إذاً، إلى ماذا يسعى ماسك؟ وما تضارب المصالح المحتمل أن ينتج عن انغماسه الكبير في واحدة من أشد الانتخابات أهمية في تاريخ الولايات المتحدة؟
حقيقة الأمر أن ماسك، الذي يدير “تسلا” و”إكس” و”سبيس إكس” ومجموعة من الشركات الأخرى، لا يدعم الرجل الذي قد يصبح رئيساً مرة أخرى في حملته الانتخابية فحسب، بل يحتمل أن ينضم إلى إدارة ترمب في الولاية الرئاسية الثانية.
رغم أن الحدود بين الأعمال والسياسة في الولايات المتحدة قابلة للتغيير، سواء للأفضل أو الأسوأ، أثار دور ماسك ونفوذه شكوكاً غير مسبوقة حول تفضيله مصلحته الذاتية، وتلاشي القواعد الأخلاقية والقانونية والمالية التي تهدف إلى حماية المصلحة العامة والحكم الرشيد.
ماسك يقدم مساهمات كبيرة
مما لا شك فيه، أن ماسك بنى نفوذه عبر مسيرة مهنية مميزة، فنشرت شركة “تسلا” السيارات الكهربائية، وفرضت على قطاع السيارات التقليدية السعي لمواكبتها، وأعادت “سبيس إكس” للولايات المتحدة قدرتها على المنافسة في قطاع رحلات الفضاء التجارية، فيما توفر “ستارلينك” (Starlink) التابعة لـ”سبيس إكس”، شبكة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية التي تغطي العالم كله، وما تزال منصة التواصل الاجتماعي “إكس”-“تويتر” سابقاً- تحدد مسار الرأي العام بضغطة زر، على الرغم من إدارتها المتخبطة، وتحولها إلى مصدر للمعلومات المضللة والفوضى تحت إدارة ماسك.
كذلك، يمكن لماسك أن يضيف التأثير المباشر في وضع السياسات إلى محفظته التجارية، عبر ترسيخ مكانته في دائرة المقربين من ترمب، ما سيمنحه نفوذاً في المالية العامة، وفرصة لضم علامته المميزة “التقدم السريع وتجاهل الأخطاء” إلى أسس البرامج العامة مثل الضمان الاجتماعي وبرنامج الرعاية الصحية “ميديكير” (Medicare).
يسلك ماسك مساراً معروفاً، فقدرته على الابتكار، وثقله الصناعي، وولعه بنظريات المؤامرة العنصرية، وغرابة أطواره الواضحة، تعيد إلى الأذهان شخصيات مثل هنري فورد وهوارد هيوز.
لكن ما يميز ماسك عنهما هو الحجم الهائل لمساهمته، التي لم تقتصر على تبرعات تتجاوز 100 مليون دولار، لكنها تشمل أيضاً دعاية مجانية على “إكس”، وأغلب وقته، وحضوره البارز في تجمعات ترمب الانتخابية، فيما تستهدفه جهات إنفاذ القانون نتيجة إنفاقه لصالح ترمب، خصوصاً عرضه “جائزة” بقيمة مليون دولار.
كما يضفي ماسك لمسة شخصية على استغلال نفوذه، حيث يمزج بين سيطرته على التقنيات الهامة وشخصيته المتقلبة حادة الطباع، وهو مزيج قابل للاشتعال قد تدعمه السلطة السياسية الرسمية في حالة فوز ترمب بالرئاسة مرة أخرى في الانتخابات التي ستقام الثلاثاء.
نفوذ ماسك شبه مضمون
تتشابه قصتا نجاح ماسك وترمب بدرجة كبيرة، فالأول مهاجر بنى نفسه بنفسه، وملياردير في “وادي السيليكون”، والآخر روّج لنفسه في فترات الانتعاش والكساد، وورث ثروة عقارية في نيويورك. كما أن هناك أوجه تشابه كثيرة تفسر علاقتهما ومصالحهما المشتركة، فلدى كل منهما أتباع مخلصون، ما يجعلهما على ما يبدو في مأمن من العواقب، وكلاهما لديه ثقة هائلة في النفس، ولا يحترم المؤسسات والقواعد، كما أن معاملاتهما تعتمد على عقد الصفقات بكل معنى الكلمة، بالأخص في الاستعداد لتجاهل الإهانات السابقة، وتجاوز الخلافات التي لا يمكن حلها، التي وضعتهما في موقفين متناقضين في ما مضى. والأكثر أهمية من كل ذلك أن لهما مصالح شخصية في سلطات الحكومة الفيدرالية، وحمايتها، ومواردها.
قد يدير ماسك، الذي لم ينزعج بسبب افتقاره للخبرة في شغل المناصب العامة، “إدارة الكفاءة الحكومية” (Department of Government Efficiency) الجديدة، التي ستسعى لخفض الموازنة الفيدرالية البالغة نحو 6.8 تريليون دولار بمقدار تريليوني دولار. مع ذلك، ربما يكون الواقع مختلفاً، حيث إن الكونغرس، وليس الرئيس، هو من يؤسس الإدارات الفيدرالية الجديدة في العادة. فضلاً عن أن كثرة صراعات ماسك المالية والسياسية، قد تجعل موافقة الكونغرس على إدارته لهيئة حكومية أمراً مستحيلاً.
لكن ماسك لا يحتاج بالضرورة هيئة حكومية أو مسمى وظيفي ليحظى بنفوذ في إدارة يرأسها ترمب، فمن شبه المؤكد أنه سيظل مستشاراً صاحب نفوذ قوي في حالة فوز ترمب، وشخص ذو سلطة يمكنه تحديد مسار التشريعات وأجندة مكتب رئيس الولايات المتحدة. وستكشف جولة في أسهم محفظة أعماله عن الاستفادة الواضحة لكبرى شركات من علاقته الوثيقة بترمب. (لم يرد ماسك أو شركاته على طلبات الحصول على التعليق لهذا المقال).
“تسلا” تسعى لضمان مستقبل المركبات ذاتية القيادة
تعد “تسلا” واحدة من الشركات الرائدة في مجال تحول الطاقة التي انتقدها ترمب بحدة ووصفها بأنها ضرب من الاحتيال. ورغم أن ماسك وضع “الخطة الرئيسية” الأصلية لـ”تسلا” منذ 18 عاماً، وهي دعم التحول إلى اقتصاد قائم على الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية عبر نشر السيارات الكهربائية، حدث التقدم الأولي في 2012 بإطلاق “موديل إس”، سيارة سيدان كهربائية فاخرة أثبتت رونق المركبات الكهربائية وقدرتها على منافسة السيارات التقليدية.
وفي ظل تولي ماسك منصب الرئيس التنفيذي، أصبحت “تسلا” أكبر شركة سيارات من حيث القيمة في العالم بفارق كبير، إذ بلغت قيمتها السوقية نحو 800 مليار دولار، كما أصبحت أكبر شركة لبيع بطاريات السيارات الكهربائية على مستوى العالم، كما أصبحت شبكة الشحن التابعة لها في الولايات المتحدة المعيار الفعلي لقطاع المركبات الكهربائية.
بينما شكلت رؤية ماسك وبراعته في جمع رأس المال عاملاً حاسماً خلال سنوات الخسائر الممتدة للشركة، كان للدعم الحكومي دوراً مهماً أيضاً، حيث أقرض “مكتب برامج القروض” التابع لوزارة الطاقة الأميركية لشركة “تسلا” مبلغ 465 مليون دولار في فترة حرجة عام 2010، وتم سداده.
الأمر الأكثر أهمية أن تخفيضات ضرائب المستهلكين أدت دوراً كبيراً في خفض السعر المقدم لمن تبنوا استخدام السيارات الكهربائية، حيث أتاح قانون خفض التضخم، الذي أقره الرئيس جو بايدن، منح تخفيض من الضريبة الفيدرالي بمبلغ 7,500 دولار في نقطة البيع. كما نص القانون على تقديم تخفيضات ضريبية سخية على البطاريات وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى التي تصنّع في الولايات المتحدة.
“تسلا” ضمن المستفيدين من قانون خفض التضخم
حتى في الفترة الحالية، ورغم إنتاج “تسلا” نحو مليوني سيارة كهربائية سنوياً وتوافر صافي سيولة قدره 20 مليار دولار في ميزانيتها، أشار تحليل أجراه بنك “إيفر كور آس إس آي” (Evercore ISI) الاستثماري في مارس، إلى أن ما يناهز 40% من الربح التشغيلي المقدر للشركة في العام الجاري مصدره التخفيضات الضريبية التي قدمها قانون خفض التضخم، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار عندما ينتقد ماسك الإنفاق الحكومي.
بالنظر إلى كل ذلك، يبدو غريباً أن يتحالف ماسك مع مرشح يتعهد بإلغاء الدعم الذي قدمه بايدن للطاقة النظيفة، لكن ذلك يغفل تحولاً مهماً في مسار استثمار “تسلا” خلال العامين الماضيين، حيث تراجعت مبيعاتها من السيارات الكهربائية، فيما يتوقع المحللون انخفاضاً واضحاً فيها هذا العام (تشير “تسلا” لعكس ذلك). رغم ذلك، حافظ سهم “تسلا” على ارتفاعه بفضل رؤية ماسك في مجالي سيارات الأجرة ذاتية القيادة والروبوتات الشبه بشرية.
اعتمدت “تسلا” على الحكومة في ما يخص الدعم في نشاط السيارات الكهربائية، لكن سيارات الأجرة ذاتية القيادة مسألة مختلفة، حيث تفضل الشركة أن تبتعد الحكومة عن هذا النشاط.
تضمن نهج “تسلا” في مجال السيارات ذاتية القيادة زيادة مبيعات تقنيات مساعدة السائق المتطورة، على فرضية أن تلك التكنولوجيا ستصل إلى مستوى من التطور يمكّن المركبات في النهاية من قيادة نفسها. فالسائقون في الأساس يختبرون هذه الأنظمة على الطرق العامة، ويجمعون بيانات على امتداد ملايين الكيلومترات لتدريب برنامج “تسلا” للقيادة الذاتية، رغم كل المخاطر التي ينطوي عليها ذلك، بالأخص نظراً للتوقعات غير الحقيقية التي تشير إليها أسماء المنتجات، مثل “أوتو بايلوت” التي تعني “القائد الآلي”، و”فول سيلف درايفينغ” التي تعني “القيادة الذاتية بالكامل”.
منذ ذلك الحين، حدد ماسك وفوّت مواعيد نهائية لإطلاق سيارات “تسلا” ذاتية القيادة، وما تزال الشركة تحتاج لوقت أطول بكثير. رغم ذلك، أفضت سلسلة من الحوادث المرتبطة بالسيارات التي تعمل بهذه الأنظمة، تسبب بعضها في وفيات، إلى رفع دعاوى قضائية، وتكثيف تدقيق هيئات فيدرالية في الآونة الأخيرة، مثل الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
مجرد العلاقة الوثيقة بين ماسك وأي إدارة يرأسها ترمب في المستقبل قد يمثل سبباً لتردد الهيئات الفيدرالية في إزعاج حليف للرئيس لديه القدرة على التأثير في الميزانيات والتعيينات. كما يمكن لماسك بالتأكيد الاستفادة من فرصة حكومية بعينها، تتمثل في رفع الحد الأقصى الذي وضعته الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة على عدد المركبات التي يمكن لشركة ما استخدامها سنوياً، ولا تحتوي على عجلة قيادة ودواسات، عبر إصدار تصريح بذلك. ويبلغ الحد الأقصى حالياً 2500 مركبة، لكن ماسك يطمح إلى إنتاج ملايين من هذه المركبات التي يطلق عليها اسم “سيارات الأجرة الآلية” (سايبر كابس). سيتطلب رفع هذا الحد الأقصى موافقة الكونغرس، لكن ترمب قد يساعد في الحصول عليها عبر أغلبية جمهورية تسمع منه.
تولي ماسك منصب حكومي قد يفيد “تسلا”
يعد تولي ماسك منصباً رسمياً في الحكومة أمراً مستبعداً، إذ يتطلب ذلك موافقة مجلس الشيوخ، كما من المؤكد أنه سيتعين عليه الاستقالة من منصب الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، وربما يضطر لبيع أسهمه فيها كما فعل هانك بولسون، عندما باع أسهمه في “غولدمان ساكس” عندما تولى منصب وزير الخزانة في 2006.
ربما يوافق بعض المستثمرين على استقالة ماسك من المنصب نظراً لسيطرته على شركاته ومجلس إدارة “تسلا” الضعيف، إلا إن بيعه الجبري لحصته من الأسهم البالغة 12.8% سيسبب كارثة مالية، فعندما باع كمية كبيرة من أسهمه في 2022 خلال الاستحواذ على “تويتر”، هبط سعر سهم “تسلا”. (وقد تثار المسألة نفسها حول أسهمه في شركات تشمل “سبيس إكس” و”إكس” أيضاً، مع ذلك، قد يكون البديل الأكثر قبولاً هو وضعها كلها في صندوق ائتمان أعمى، كما فعل ترمب في حصصه بالشركات خلال ولايته الرئاسية).
من الناحية الأخرى، رغم أن تولي منصب إدارة هيئة استشارية أو لجنة بدوام جزئي قد يمثل مصدر تشتيت آخر لماسك، ربما يعتبره المستثمرون في “تسلا” (وشركاته الأخرى) ميزة، بالنظر إلى قدرته المحتملة في التأثير على القيود التنظيمية والسياسات.
قد يتمكن ماسك من تخفيف الانتقادات الموجهة للسيارات الكهربائية، على سبيل المثال، التي ما تزال مصدر معظم التدفقات النقدية لـ”تسلا”. ويتوقع أن يتولى جون بولسون، مدير صندوق التحوط الملياردير، وزارة الخزانة في حكومة ترمب، حيث قد يعمل مع ماسك على خفض الدعم الذي ينص عليه قانون خفض التضخم. وفي المنصب الذي سيشغله ماسك، قد يتمكن من تحويل دفة هذه الخفض بعيداً عن السيارات الكهربائية، وربما يوجهه إلى قطاع الطاقة المتجددة، على سبيل المثال، أو في مفارقة قاتمة، إلى مكتب برامج القروض الذي ساعده في ما مضى في دعم “تسلا”، والذي تستهدفه تخفيضات الدعم من قبل الجمهوريين بشكل مباشر.
مع ذلك، فالقول أسهل من الفعل، فهناك طبقة أخرى تحمي الدعم المقدم لتقنيات الطاقة النظيفة، فمعظم الوظائف والاستثمارات التي نتجت عن قانون خفض التضخم تتجه إلى مناطق مؤيدة للحزب الجمهوري، ما سيدفع الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب إلى إعادة التفكير في الإلغاء التام للدعم.
سيكون دعم السيارات الكهربائية في مأمن حالة خسارة ترمب بالتأكيد، لكن إدارة كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، تمثل مخاطر أخرى، فرغم أن إدارة أميركية من الحزب الديمقراطي لن تغير أي شيء في قانون خفض التضخم، فلن تقيد رقابة الهيئات الحكومية على سيارات الأجرة ذاتية القيادة أيضاً، ربما سيكون الفارق الأبرز في تلك الحالة تراجع فرص رد فريق هاريس على مكالمات ماسك.
“سبيس إكس” تتفوق في وجود ترمب أو من دونه
ستمثل “سبيس إكس”، شركة المساهمة المغلقة لتطوير الصواريخ الذي يشغل فيها ماسك منصب الرئيس التنفيذي ويعد المساهم الأكبر، نقطة التداخل الأكثر وضوحاً بين إمبراطوريته والمصلحة العامة والأمن القومي، حيث تهيمن الشركة على مجال النقل الفضائي، وأنعشت قطاع الفضاء في الولايات المتحدة، وأصبحت عنصراً لا غنى عنه للحكومة الفيدرالية.
وكان ابتكارها الأكثر أهمية هو تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام بغرض خفض تكاليف الإطلاق، وهي فكرة مصدرها طموح ماسك في السفر إلى المريخ، واستعماره في نهاية المطاف.
في 2002، راهن ماسك بجزء من ثروته التي جمعها من نجاحاته الأولى في ريادة الأعمال، بما في ذلك شركة “باي بال هولدينغ”، على “سبيس إكس”، وتحمل خسائر عديدة ليحقق أخيراً أول عملية إطلاق ناجحة في 2008، فيما كانت وكالة “ناسا” أحد أوائل وأهم الشركاء، وزودت الشركة بالعقود، والخبرة، والطاقم.
لكن الأوضاع أخذت منحى إيجابي لصالح “سبيس إكس” في 2014، عندما اختارت “ناسا” الشركة و”بوينغ” لنقل رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، ما مثل نهاية اعتماد الوكالة على الصواريخ الروسية. وقد استعادت الشركة أول معزز دفع صاروخي لها في العام التالي، وتتباهى حالياً بالصاروخ الأكثر إطلاقاً في العالم “فالكون 9”.
رغم أن “سبيس إكس” حصلت على عقد مبدئي أقل قيمة مقارنة بـ”بوينغ”، نقلت الشركة التي يديرها ماسك رواد الفضاء إلى المحطة الدولية في عدة رحلات، بينما لم تكمل “بوينغ” عقدها حتى الآن، وسط العقبات التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.
“ستارلينك” تهيمن على خدمة الإنترنت
كذلك، أطلقت “سبيس إكس” أول مجموعة مكونة من 60 قمراً اصطناعياً إلى المدار الأرضي المنخفض في 2019، ما مثل بداية “ستارلينك”، التي لديها في الفترة الحالية أكثر من 6 آلاف قمر اصطناعي توفر الإنترنت فائق السرعة في كل مكان تقريباً، بما يشمل في المركبات على الطرق، مثل مقطورات الترفيه، والطائرات والسفن. وحيث إن الخدمة مصممة للمستهلكين، أصبح لا غنى عنها للحكومات في حالات الكوارث ومناطق الحروب. كما يعتزم ماسك إطلاق أقمار اصطناعية مؤمنة الاتصالات لبناء شبكة يطلق عليها “ستارشيلد” (Starshield) مخصصة للحكومات.
كل هذه العوامل جعلت من “سبيس إكس” مقاولاً حيوياً للحكومة الأميركية، بما يشمل القوات المسلحة ووكالات الاستخبارات، فضلاً عن الدول في جميع أنحاء العالم، ما منح ماسك قدرة على الوصول إلى المسؤولين ونفوذاً لديهم بشكل غير مسبوق.
قدمت “ستارلينك” خدمات الإنترنت إلى أوكرانيا التي مزقتها الحرب، لكن ماسك دخل في صدام مع حكومة البلاد بعد تقييده الخدمة لمنع مهاجمة أسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم المحتلة، حيث تخوف ماسك من أن تستفز هذه العملية روسيا وترد بضربة نووية، بحسب سيرته الذاتية. وفي الفترة الحالية، استخدمت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة “ستارلينك” لتوفير الاتصالات في المناطق التي ضربها إعصار هيلين.
مع ذلك، هناك قلق من مناورات ماسك المثيرة للجدل، من بينها دعمه الحماسي لترمب، والأمر الأكثر إثارة للريبة، تواصله الدوري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما كشفت جريدة “وول ستريت جورنال”. ورغم كل ذلك، اضطرت إدارة بايدن للتعامل معه، وإن لم يكن بشكل منسجم دوماً. ويُنتظر أن يستمر ذلك التعاون في حالة فوز هاريس.
من الناحية الأخرى، فقد تساعد إدارة ترمب في معالجة سيل شكاوى ماسك ضد الهيئات الحكومية، حيث اعترض بعد عدم تأهل “ستارلينك” لتوفير الخدمة ضمن برنامج “المساواة في النطاق العريض، وحق الدخول إليه، ونشره” (Broadband Equity, Access, and Deployment)، بتمويل قدره 42 مليار دولار لتوفير الإنترنت فائق السرعة في المناطق الريفية.
الحكومة الأميركية تواصل الاعتماد على “سبيس إكس”
كما دخل ماسك في صدام مع إدارة الطيران المدني الفيدرالية بسبب تصاريح لعمليات إطلاق صواريخ، واستنكر الغرامات المفروضة نتيجة مخالفة التراخيص، ووصفها بأنها “حرب قانونية”، ووجهت “سبيس إكس” انتقادات شديدة لإدارة الطيران المدني الفيدرالية في سبتمبر بسبب مخاوف بيئية، وهو أسلوب أظهر نجاحه عندما صدر تصريح الإطلاق في موعد أبكر من المتوقع. (أذهلت “سبيس إكس” العالم بالإمساك بمعزز الدعم الصاروخي للمرحلة الأولى بعد استكمال مهمته بواسطة أذرع آلية في منصة الإطلاق).
في ظل استقرار مكانة ماسك في إدارة يرأسها ترمب، قد يتراجع اتجاه الجهات التنظيمية الفيدرالية للصدام مع “سبيس إكس” بدرجة أكبر (ما سيعكس المعاملة التنظيمية التي يفضلها مع المركبات ذاتية القيادة). وحينها سيكون لدى ماسك نفوذ كبير في سياسة الفضاء، المجال الذي يحظى باهتمام خاص من ترمب، الذي أُنشئت في عهده قوات الفضاء الأميركية.
كما يُتوقع أن تخفف إدارة ترمب تطبيق القواعد التنظيمية على “سبيس إكس” في مجالات مثل سلامة الإطلاق والآثار البيئية، ويُحتمل أن يزيد اعتماد الحكومة على الشركة، متجاهلة تضارب المصالح الذي قد ينشأ عن ذلك.
وبعيداً عن الصعيد المحلي، ربما يسعى ترمب لاستخدام ماسك وشركته أداة للسياسة الخارجية، لذلك فإن الإشارة إلى التأثير الكبير لتكنولوجيا “ستارلينك” ليس ضرباً من المبالغة، بالأخص خارج الولايات المتحدة. وأثار ذلك قلق بعض المسؤولين في إدارة بايدن، نظراً لقدرة ماسك على تشغيل الخدمة أو وقفها متى أراد. تبلغ تكلفة مجموعة خدمة “ستارلينك” نحو 600 دولار، ويسهل استخدامها. ومنحت حكومات في أنحاء أميركا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا، الشركة ترخيصاً لتقديم الخدمة، فيما توضح المبيعات في السوق السوداء في الدول الأخرى حجم الطلب.
بغض النظر عن الفائز بالانتخابات، سيزداد اعتماد الحكومة على “سبيس إكس” فيما يستعد العالم لسباق فضاء آخر. سيضيف فوز هاريس توتراً على هذه العلاقة نتيجة القيود التنظيمية وقدر من الارتياب، بينما ستتسم العلاقة بين الشركة والحكومة في عهد ترمب بتخفيف الحواجز، ما يُحتمل أن يسفر عن تبعات مقلقة بشأن السلامة (في حالة تخفيف القيود)، والمنافسة، والأمر الأكثر أهمية؛ الأمن القومي.
دور محوري لمنصة “إكس” في حملة ترمب
لو فاز ترمب واستعان بماسك بالفعل في البيت الأبيض، ستصل منصة “إكس” لمكانة لم يسبق توقعها؛ شبكة أميركية للتواصل الاجتماعي تديرها الدولة.
بدأ التحول في الموقع عام 2022 عندما استحوذ ماسك على الموقع، الذي كان مستخدماً نشطاً عليه بالفعل، مقابل 44 مليار دولار، بعد محاولة لم تستمر طويلاً للانسحاب من الصفقة. وحتى تلك المرحلة، استخدم ماسك ما كان يعرف حينها باسم “تويتر” للترويج لأعماله في الغالب، حيث كانت تغريدة واحدة كافية لرفع أسهم “تسلا”، وهو أمر حدث بالفعل.
كان ماسك –في ذلك الوقت على الأقل– يصف نفسه بأنه “مدافع مطلق عن حرية التعبير”. وأكد لفترة طويلة أنه طرف محايد، سيلتزم بذلك المعيار ويتجنب الترويج لأي أجندة سياسية محددة. وأعاد تفعيل الحساب الشخصي لترمب –بدعوى الحرص على حرية التعبير حسب قوله– بعدما علقته إدارة “تويتر” السابقة في أعقاب أعمال الشغب بمبنى الكابيتول في 6 يناير.
لكن سرعان ما بدأت سياسات ماسك التي وصفها بأنها “معتدلة” تتبخر، وما لبث أن خرج في بث مباشر من على الحدود الأميركية المكسيكية. وأصبح، إحصائياً، أكبر مروج منفرد لنظريات المؤامرة اليمينية على الموقع. وأعلن في أعقاب محاولة اغتيال ترمب في يوليو تأييده للرئيس السابق، وهو ما لم يكن مفاجأة للكثيرين.
ماسك وحده يعلم إن كان هذا الدعم نابعاً من إيمان حقيقي بسياسات ترمب أو أنه مجرد تكتيك لحماية أعماله. أياً يكن فقد تحول “إكس” إلى ذراع إعلامية لحملة ترمب.
استخدم ماسك منصته لدفع جهود الإنفاق السياسي للجنة العمل السياسي “أميركا”، بما في ذلك تضخيم الادعاءات التي لا أساس لها بوجود احتيال انتخابي والمبالغات والأكاذيب الخطرة المتعلقة بالهجرة وتأثيرها، كما أشار زملاؤنا في “بلومبرغ”.
وقام ببث مباشر لمسيرات نظمها للحث على التصويت لصالح ترمب، وشارك بنفسه الكثير من المنشورات المؤيدة لترمب وتلك المتعلقة بنظريات المؤامرة، بمعدل يصل عادة لعشرات المرات يومياً. وقفز معدل انتشار رسائل الجمهوريين على “إكس” خلال الحملة إلى ذروته، وفقاً لأحد المحللين.
“إكس” تجني المكاسب إذا فاز ترمب أو خسر
هذه القدرة على تشكيل الرواية على الإنترنت، تجعل ماسك حليفاً مهماً لترمب خلال فترة رئاسته الثانية المحتملة، بل حتى لو خسر. وفي حالة فوز هاريس بالانتخابات، قد يتحول “إكس” إلى القلب النابض للمعارضة. وقد تأسست بالفعل مجموعة على منصة “إكس” مدعومة من ماسك لنشر “المشكلات المحتملة” في مراكز الاقتراع، وهو ما يمهد لظهور حملة جديدة على غرار حملة “أوقفوا السرقة”.
“إكس” التي تواجه صعوبات بعدما هجرها الكثير من كبار المعلنين، ستجني مكاسب كبيرة من فوز ترمب بفترة رئاسية ثانية، لو استخدم الموقع كما فعل خلال ولايته الأولى، حيث كان “تويتر” وسيلة ترمب الأساسية لإعلان سياساته حينما كان في البيت الأبيض، ليعلن عن عزل أعضاء في الحكومة، أو توجيه انتقاد لمعارضيه، أو الزعم بأرقام مبالغ فيها للحشود وما شابه.
لم يعد لترمب صوت يذكر على “إكس” منذ استعادة حسابه، إذ توجد فرصة لجني المال في مكان آخر، فهو يملك حصة 57% في الشركة التي تملك “تروث سوشيال” (Truth Social)، منصة “حرية التعبير” المنافسة.
تبلغ قيمة هذه الأسهم حالياً 3.5 مليار دولار، وإن كانت هذه القيمة مرتبطة بشكل وثيق بفرص ترمب الانتخابية وقد شهدت تذبذباً شديداً. عند طرح أسهم شركة “ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب” (Trump Media & Technology Group) للاكتتاب حصل المستثمرون على تأكيدات بموافقة ترمب على بند ملزم بظهور منشوراته -عدا بعض الاستثناءات الغامضة- على منصة “تروث سوشيال” قبل ظهورها على أي منصة أخرى بست ساعات. وعلى مدى عام كامل لم ينشر ترمب على منصة “إكس” سوى منشور واحد؛ صورته الجنائية.
“إكس” منبر ترمب للإعلان عن قراراته
مع اقتراب يوم الانتخابات، لم يعد هناك التزام كبير بهذا البند، ما يوحي بأن ترمب لا يزال يرى قيمة سياسية في “إكس”. وبدأ ينشر تغريداته هناك بانتظام عندما أصبحت هاريس المرشحة عن الحزب الديمقراطي. كما شارك في بث خارجي مباشر مليء بالمشاكل التقنية مع ماسك، طرح خلاله الاثنان لأول مرة فكرة انضمام ماسك لإدارة ترمب حال فوزه.
لم يفصح ترمب عما ينوي فعله في أنشطته التجارية المتنوعة حال فوزه (لم ترد “ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب” على طلبات للتوضيح). وكان قد وضعها في المرة الماضية في صندوق ائتمان أعمى تحت سيطرة أبنائه ومديره المالي الذي عمل معه لفترة طويلة، وهو ما أثار شكوكاً مبررة حول مدى كون الصندوق “أعمى” بالفعل. وأي تغير في الظروف قد يمهد الطريق لعودة ترمب الكاملة إلى “إكس”، ليستعيد الموقع معه على المدى البعيد بعض التفاعل المربح الذي تشتد حاجته إليه.
لا تعد “تروث سوشيال” منافسة حقيقية لمنصة “إكس”؛ فسعر سهم الشركة شديد الارتفاع والمستند إلى الآمال في فوز ترمب، لا يتناسب مع ضآلة -وأحادية- قاعدة مستخدميها وخسائرها المالية. على الجانب الآخر، سترحب “إكس” باستيعاب أسوأ تجاوزات ترمب، مما سيجعل وجود “تروث سوشيال” لا داعي له.
بطريقة أو بأخرى، يمكن أن نتوقع من ماسك أن يستغل قربه من ترمب لتحقيق أهدافه التجارية لـ”إكس”، ومن بينها ملاحقة المعلنين والجهات غير الهادفة للربح التي هجرت المنصة. ويقاضي ماسك، في خطوة ذات أثر عكسي، بعض المعلنين الذين تجنبوا الموقع، متهماً إياهم بـ”المقاطعة غير القانونية”.
هدف ماسك المعلن لجعل “إكس” تطبيقاً “شاملاً”، يتضمن مكوناً رئيسياً للخدمات المالية، قد يستفيد أيضاً من بعض الدعم الحكومي. حيث أعلنت الشركة حصولها على تراخيص لتحويل الأموال في 38 ولاية أميركية، لكن ليس في السوق الحيوية في نيويورك بعد.
“إكس إيه آي” وطموحات ماسك في الذكاء الاصطناعي
على صعيد آخر، شركة الذكاء الاصطناعي المملوكة لماسك “إكس إيه آي” (xAI) بصدد إطلاق جولة تمويل جديدة أفادت تقارير بأنها ستقيّم الشركة عند 40 مليار دولار (وقال ماسك في السابق إن “إكس” ستمتلك 25% من “إكس إيه آي”). وتمثل الشركة الناشئة محاولة من ماسك للحاق بركب القطاع المزدهر الجديد، بعدما ترك “أوبن إيه آي” -التي كان أحد مؤسسيها- بسبب خلافات مع رئيسها التنفيذي سام ألتمان.
يُروَّج ماسك لـ”إكس إيه آي” على أنها بديلة ممكنة لشركة “أوبن إيه آي” ومنتجات منافسة أخرى تطورها شركتا “أنثروبيك” (Anthropic) و”ميتا”. ويجري تدريبها (جزئياً) على منشورات “إكس” كما يستخدم لتشغيل روبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي المسمى “غروك” في الموقع.
يعمل ماسك على تطوير حاسوب فائق لتدريب الذكاء الاصطناعي، وقد بدأ تشغيله في ممفيس الشهر الماضي. ويمثل تشغيل هذه النماذج الكبيرة كثيفة استهلاك الطاقة تحدٍ آخر يمكن أن تتولى إدارة ترمب التعامل معه. فمن شبه المؤكد أن تخفف الإدارة القيود على الانبعاثات، مما يسهل على الشركات استخدام الكهرباء المولدة باستخدام الغاز، وربما يتم إقناعها بضخ مزيد من التمويل في الطاقة النووية، وكلها أمور ستصب في صالح جهود ماسك.
أن تصبح نموذج الذكاء الاصطناعي المفضل لدى الحكومة الفيدرالية هو فرصة تقدر بمليارات الدولارات. كما أن إصرار ماسك على أن نموذجه “معادٍ للوعي”، ويختلف عن الجهود المفترض أنها ملوثة للمتحررين في “وادي السيليكون”، قد تزيد جاذبيته لدى الرئيس المحتمل الجديد.
تشابه نهج ترمب وماسك مدعاة للتشاؤم
تمكن ماسك بفضل فطنته في المخاطرة وفهمه العميق للسوق من تحويل الأرباح غير المتوقعة من “باي بال” إلى ثروة هائلة، ما أتاح له إعادة تصور قطاعات بأكملها والوصول إلى مستوى من النفوذ العالمي نادراً ما يحظى به رجال الأعمال.
يعتبر ماسك دافعاً مرحباً به ونادراً للتغيير، كما أنه رمز للامتيازات الكبيرة والمؤرقة المصاحبة للثروة الهائلة، إذ يجسد ماسك عالماً يستطيع فيه شخص واحد، بلا قيود وبلا ندم على ما يبدو، استخدام الثروة والسلطة للهيمنة على قطاعات حيوية من المجتمع والاقتصاد. وبالتبعية، يسمح له ذلك بتحدي القواعد واللياقة والحقيقة وسيادة القانون. ومن الطبيعي، من هذا المنطلق، أن يكون شريكاً لترمب.
ما الذي قد يحد من سلطة ماسك إذا انضم إلى إدارة ترمب، أو يضمن عدم استخدامها لمجرد خدمة أغراضه الخاصة على الأقل؟ المؤسسات الأميركية، بما في ذلك الكونغرس والهيئات التنظيمية والمحاكم، التي يجب أن تظل شامخة.
هناك سبب وجيه للتشاؤم، فقد خالف ترمب المعايير الأخلاقية التي التزم بها أسلافه خلال رئاسته، ودخل في تضارب مصالح مالية وسياسية ووضع القانون موضع الاختبار، بل وربما خرقه. فلم يجد من يكبح جماحه في لحظات حاسمة من جهات إنفاذ القانون والكونغرس. وعودته للظهور بعد خروجه من الرئاسة عقب حصار مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021 أوضحت أن الحزب الجمهوري وعشرات الملايين من الناخبين الأميركيين لم يكترثوا بتجاوزاته التي لا تعد ولا تحصى.
راقب ماسك ترمب وهو يتجاوز الكثير من مشاكله، ومن المرجح أن يتعلم من تلك التجربة. وهو معتاد بالفعل على التعامل مع مجالس إدارات الشركات المتساهلة والمساهمين المخلصين، لذا، فالعمل دون قيود في إدارة ثانية لترمب سيكون أمراً سهلاً بالنسبة له.
ترمب وماسك مزيج قابل للاشتعال
قد تكون البيروقراطية الحكومية هي الشيء الوحيد القادر على وضع حد. ماسك معتاد على فصل عشرات الآلاف من الموظفين كما يشاء، وإحداث نقلة لشركة بأكملها بتغريدة أو اثنتين. ربما هذا ما يجعله غير ملائم للتعامل مع الجمود والإحباط والملل البحت الذي يتسم به العمل الحكومي وعمليات بناء التوافق.
لن يكون ماسك أول من يحاول تنظيف “المستنقع” ليجد نفسه عالقاً في الوحل، بدلاً من ذلك. ريكس تيلرسون، وهو قطب آخر في عالم الشركات اعتاد إدارة شركة سلسة ورائدة في الصناعة هي “إكسون موبيل”، ووجد نفسه غير مستعد لطريقة العمل في وزارة الخارجية والتعامل مع دهاليز البيت الأبيض في عهد ترمب.
أصبح تيلرسون أول مسؤول حكومي في التاريخ يجري فصله عبر منصة التواصل الاجتماعي، بعد أن وصف رئيسه فيما قيل بكلمات قد تتجاوز حدود ما يعتبره إيلون ماسك حرية التعبير. وربما يكمن هنا قيد آخر محتمل.
يفضل ترمب أن يحاط برجال أثرياء محبين للظهور وذوي حضور قوي، وهي كلها صفات تتوفر في ماسك. لكن ترمب لا يحب أن يشاركه أحد الأضواء، خاصة إذا كان هذا الشخص له شهرة واسعة مثل ماسك. هذه وصفة مثالية لنشوب صراع.
لدينا الآن رجلان قويان ينصب اهتمامهما على نفسيهما في شراكة مبنية على المصلحة المتبادلة، كما يشتركان في الشغف بلفت الأنظار والمكسب السريع والقوة اللامحدودة، حتى لو كان ذلك على حساب الديمقراطية والمصلحة العامة. فما المشكلة التي يمكن أن تحدث؟
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق