في دراسة تعد الأكبر من نوعها عن شات جي بي تي، قامت OpenAI مع معهد الأبحاث الأمريكي NBER (المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية) بتحليل حوالي 1.5 مليون محادثة من نسخ المستخدمين العادية لـ ChatGPT، وتكشف هذه الدراسة عن اتجاهات مفاجئة، لكنها تثير في الوقت ذاته قضايا كبيرة بشأن حماية البيانات.
يبدو أن OpenAI قد استمعت إلى محادثات نفسها، من حيث المعني، إذ قرر الباحثون، بالتعاون مع المعهد الأمريكي، دراسة المحادثات بشكل مباشر بدلا من إجراء استبيانات تقليدية حول كيفية استخدام الناس لـ شات جي بي تي، وعلى عكس الدراسات السابقة التي كانت تعتمد على أسئلة موجهة للمستخدمين، قرر الباحثون النظر داخل المحادثات نفسها.
من يستخدم شات جي بي تي؟
أحد أبرز النتائج هو التحول في التوازن بين الذكور والإناث، ففي بداية عام 2024، كان 37% فقط من المستخدمين يحملون أسماء تقليدية أنثوية، بينما بحلول منتصف 2025 أصبح هذا الرقم يشكل الأغلبية الضئيلة بنسبة 52%، وهذا يعني أن شات جي بي تي لم يعد “لعبة للرجال” فقط، بل أصبح الآن يمثل التوزيع السكاني العام.
كما تكشف الدراسة عن نمط واضح فيما يتعلق بالعمر: حيث أن ما يقرب من نصف المحادثات تأتي من أشخاص تحت سن الـ 26 عاما، وهم يستخدمون شات جي بي تي بشكل متكرر ولكن لأغراض شخصية، أما كبار السن فيكتبون أقل، لكنهم يستخدمون الأداة بشكل رئيسي لأغراض مهنية.
أين يتم استخدام شات جي بي تي؟
النمو الجغرافي لافت أيضا، على الرغم من أن الدراسة لا تحدد الدول بشكل دقيق، إلا أنها تشير إلى أن الاستخدام في المناطق الفقيرة والنامية ينمو بشكل أسرع بكثير من البلدان الغنية – بمعدل يصل إلى أربعة أضعاف، تسمي OpenAI هذا “ديمقراطية التكنولوجيا”، مما يعني أن المزيد والمزيد من الأشخاص حول العالم بدأوا يكتشفون شات جي بي تي كأداة يومية.
ماذا نفعل باستخدام شات جي بي تي؟
الدراسة توضح الأمر بجلاء: معظم المحادثات ليست متعلقة بالعمل، حوالي 70% من المحادثات هي في الواقع لأغراض شخصية، مثل طلب النصائح، الحصول على معلومات، وصفات الطبخ، أو مجرد التجربة الإبداعية، فقط حوالي 30% من المحادثات تتعلق بالعمل، وعادة ما تكون موجهة لحل مهام كتابة مثل الرسائل الإلكترونية أو المفاهيم، على عكس الضجيج الإعلامي، فإن البرمجة تمثل جزءا ضئيلا فقط: 4.2% فقط من المحادثات تتعلق بالبرمجة أو تحليل البيانات.
أما الفكرة القائلة بأن الناس يستخدمون روبوتات المحادثة بشكل جماعي للحديث عن موضوعات شخصية أو علاقات اجتماعية فهي أيضًا بعيدة عن الحقيقة: فقط 2.4% من المحادثات كانت تتعلق بمواضيع شخصية أو علاقات أو ألعاب تمثيلية.
مثير ولكن مقلق
كل هذه النتائج مبنية على ملايين المحادثات الحقيقية التي تم تحليلها دون أن يتم سؤال المستخدمين بشكل صريح إذا كانوا يوافقون على أن يتم استخدام محادثاتهم لأغراض بحثية، OpenAI تؤكد أن الرسائل لم تقرأ من قبل البشر، بل تم التعرف على الأنماط من خلال أنظمة آلية (مثل شات جي بي تي)، ولكن لا يمكن إخفاء الشعور بالقلق: نحن نتحدث عن محادثات شخصية للغاية تم تحويلها إلى نقاط بيانات دون إذن مسبق.
هل هذا هو الثمن الذي يجب دفعه للحصول على رؤى أفضل حول استخدام الذكاء الاصطناعي؟ أم أن OpenAI قد تخطت حدا لم يكن الكثيرون على دراية به؟ ربما يكون كلا الأمرين صحيحين.
من جهة، توفر الدراسة رؤى قيمة لم يكن بإمكان أي استبيان أن يقدمها بهذا القدر من الدقة. ومن جهة أخرى، تكشف لنا كيف أن تحكمنا في ما يحدث لبياناتنا في النهاية هو أمر محدود للغاية، حتى عندما نكتب أسئلة تبدو بريئة في نافذة دردشة.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات