
وسط صخب الحياة اليومية، يختبئ خطر غير مرئي يتسلل إلى أطباقنا وكؤوسنا، لم يعد التلوث البلاستيكي مشكلة محصورة في المحيطات والشواطئ، بل أصبح ضيفاً غير مرغوب فيه على موائدنا، دراسة حديثة أطلقت جرس الإنذار بعدما كشفت عن وجود جسيمات دقيقة من البلاستيك في جسم الإنسان، مؤكدة أن ما كنا نخشاه أصبح واقعاً.
عينات من ثمانية متطوعين ينحدرون من دول مختلفة
ففي تجربة بحثية غير مسبوقة، فحص العلماء عينات من ثمانية متطوعين ينحدرون من دول مختلفة بينها النمسا، فنلندا، إيطاليا، اليابان وروسيا، ليتبين أن جميعهم يحملون في أمعائهم جزيئات بلاستيكية يتراوح حجمها بين 50 و500 ميكرومتر؛ أي ما يعادل سماكة شعرة، والمشاركون كانوا قد سجّلوا وجباتهم اليومية طوال أسبوع، ليتضح أن السبب المحتمل يعود إلى المياه المعبأة، الأسماك أو الأطعمة المغلفة بالبلاستيك.
الربط بشكل قاطع بين النظام الغذائي والكمية المكتشفة من الجزيئات
الدراسة، التي قُدمت في مؤتمر لطب الجهاز الهضمي في فيينا، رصدت تسعة أنواع مختلفة من البلاستيك، ومع أن العلماء لم يتمكنوا من الربط بشكل قاطع بين النظام الغذائي والكمية المكتشفة من الجزيئات، فإنهم حذروا من مخاطر محتملة على صحة الجهاز الهضمي، داعين إلى مزيد من الأبحاث لتحديد التأثيرات الفعلية.
إنتاج البلاستيك ارتفع بشكل هائل خلال العقد الأخير
ويرى خبراء أن النتائج ليست مفاجئة، إذ سبق أن وُجدت آثار البلاستيك في مياه الصنابير، العبوات، بل وحتى في الأسماك وما يثير القلق هو أن إنتاج البلاستيك ارتفع بشكل هائل خلال العقد الأخير ليصل إلى 348 مليون طن، يُلقى ما بين 2 إلى 5% منها في المحيطات، ليعود جزء منها إلى أجساد البشر عبر السلسلة الغذائية.
الدراسة فتحت باب التساؤل، إذا كان البلاستيك قد وصل إلى أمعائنا، فما الذي ينتظرنا في المستقبل إن لم نواجه هذه الأزمة بجدية؟.
تكشف هذه الدراسة عن حقيقة صادمة تعكس حجم الخطر الذي يحيط بحياتنا اليومية، فالبلاستيك لم يعد مجرد نفايات تلوث البيئة، بل أصبح ضيفاً دائماً على موائدنا وأجسادنا.
ورغم أن الأبحاث ما زالت في بداياتها، إلا أن المؤشرات تدق ناقوس الخطر بشأن صحة الإنسان ومستقبل الأجيال القادمة، واستمرار الاعتماد المفرط على البلاستيك قد يفتح الباب أمام أزمات صحية يصعب التحكم فيها، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من الحكومات والمجتمعات لتقليل استخدامه والبحث عن بدائل آمنة.
المصدر : تحيا مصر
تعليقات