خبير سياسي لـ”الوئام”: اختيار ماكرون لـ”بارنييه” ٳهانة سياسية لأكبر الكتل البرلمانية

خبير سياسي لـ”الوئام”: اختيار ماكرون لـ”بارنييه” ٳهانة سياسية لأكبر الكتل البرلمانية

الوئام – خاص

تعيش فرنسا أزمة سياسية كبيرة على وقع اختيار الرئيس إيمانويل ماكرون، الدبلوماسي السابق ميشيل بارنييه، لتشكيل الحكومة، ونظّم نحو 110 آلاف شخص، حسب أرقام وزارة الداخلية الفرنسية، مسيرات في فرنسا يوم السبت 7 سبتمبر، ضد “انقلاب القوة” الذي قام به إيمانويل ماكرون.

ومع التخطيط لنحو 150 عملية تعبئة في مختلف أنحاء البلاد، اختارت قوى اليسار، التي يتزعمها حزب “فرنسا الأبيّة”، الشوارع، كجولة تمهيدية لخريف سياسي، يَعِد بأن يكون ساخنا.

إهانة سياسية

يرى كارزان حميد، الخبير في الشأن الفرنسي، أن قرار إيمانويل ماكرون باختيار ميشيل بارنييه، كرئيس وزراء جديد، يمكن ترجمته بأن الرئيس أدخل العملية السياسية برمّتها في نفق، لا يمكن الخروج منه بسلاسة، بل قد يطول أكثر مما يتصوّره البعض، لأن اختيار مرشّح من اليمين الوسطي أو من كتلة الجمهوريين الذين حلوا رابعا في الجمعية الوطنية بـ47 مقعدا نيابيا، يعتبر ٳهانة سياسية لأكبر الكتل البرلمانية.

ويقول كارزان حميد، في حديث خاص لـ”الوئام”، إن الرئيس الفرنسي لم يحترم العملية السياسية الذي هو مَن دعا إليها، بعد هزيمته التاريخية في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، منتصف يونيو الماضي، وخلال جولتين انتخابيتين في فرنسا، لم يتمكّن من جذب ناخبين فرنسيين إلی صفوفه، وحل ثانيا في الجمعية الوطنية في البلاد.

إضراب عام كُلي

ويعتقد الخبير في الشأن الفرنسي أن فرنسا أمام أزمة سياسية، والأعين تتجه نحو مسؤولي تيار اليمين حول ماذا وكيف يمكنهم إدارة دولة لا يملكون الأكثرية فيها، وهذا يغذّي الشارع للغليان أكثر، كما ستزداد الاشتباكات والمظاهرات بشكل أكبر، وربما نری مجددا إضرابا عاما كليا في عموم فرنسا.

130 مظاهرة

حميد يضيف أن خروج مظاهرات شعبية، دعت لها التيارات اليسارية، كانت جهزت لها منذ أسابيع، أي قبل ترشيح بارنييه لمنصب رئيس الوزراء، لكن تطوّرات الأيام الأخيرة، غيّرت من مضمون الاحتجاجات، وقرار الرئيس الفرنسي زاد من غضب الجبهة الشعبية الجديدة، وتم التخطيط لإجراء 130 مظاهرة جماهيرية في عموم فرنسا، والعمل علی شلّ الشارع والمرافق الحكومية الفرنسية في بداية أكتوبر المقبل.

ويذكر الخبير السياسي أنه بالرغم من قوة الاحتجاجات في الشارع الفرنسي، لكن ماكرون منذ دورته الثانية غيّر استراتيجيته السياسية تجاه الأوضاع الراهنة، وبدأ يختار عدم المواجهة من أجل تمرير ما يراه مناسبا، لكن التيارات اليسارية ونقابات العمال تقف له بالمرصاد، ولن تدع حكمه يمر بسلام.

أوضاع ساخنة

ويوضح أن الأشهر المقبلة ستكون ساخنة علی الشارع وعلی الطبقة السياسية الحاكمة والمعارضة أيضا، والفرنسيون لن يدعوا رئيس البلاد يتجاوز الدستور والأعراف السياسية، ويهمّش نتائج الانتخابات التشريعية في البلاد.

الجبهة الشعبية

وينوّه حميد بأن الجبهة الشعبية بشكل كلي ضد تعيين بارنييه، ومستعدون للتصعيد إلی أعلی درجات المواجهة السياسية، وهناك اليمين المتطرف المتمثل بالتجمع الوطني، ينتظر موقف رئيس الوزراء المكلف، لكي يحدّد موقفه من التصويت له من عدمه، خاصة في ملفات الهجرة والوعود الانتخابية التي أطلقت خلال يوليو الماضي، وفي حال عدم توافق أفكار بارنييه مع اليمين المتطرف، سيكون إسقاطه سهلا، لو اتفقت الجبهة الشعبية مع اليمين المتطرف علی عدم تمرير مرشّح ماكرون لرئاسة الحكومة.

دبلوماسي بارع

كارزان حميد يتابع: “لكن لا ننسی بارنييه دبلوماسي سابق، وله باع طويل في السياسة الفرنسية، واستطاع خلال الساعات الماضية، إرضاء بعض التيارات من اليسار الوسط للانضمام لحكومته، وهذا رأيناه في التظاهرات التي لم يشارك فيها الحزب الاشتراكي، وربما يهدي بعض النقاط لليمين المتطرف أيضا، خاصة في ملفات الهجرة، لكي يكسب ودهم من أجل التصويت لصالحه علی تشكيلة حكومته الجديدة”.

ماكرون يكرّر أخطاءه

ويختتم الخبير في الشأن الفرنسي حديثه مشيرا إلى أن “ماكرون يعلم أن حكومة بارنييه لن تدوم أكثر من حكومة سلفه جابرييال أتال، رئيس الوزراء السابق في منصبه، لكن الهدف من كل هذه اللعبة إتمام سنة كاملة علی إجراء انتخابات برلمانية فرنسية، لكي يُعيد الرئيس الفرنسي الكرة، ويحل البرلمان مجددا، علی أمل حصوله علی الأكثرية المطلقة داخل الجمعية الوطنية، في المقابل، هناك أزمة عدم فهم مزاجية الشارع الفرنسي عندما يرفض سياسي ما، يتم معاقبته عبر صناديق الاقتراع، ويحترق سياسيا واجتماعيا، وهذا ما لم يتعلمه ماكرون منذ 2017، والآن المقربون منه منبوذون سياسيا، وكل الذين معه لا يمكنهم الفوز في أي انتخابات تشريعية أو محلية”.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *