حصاد زيارة السيسي لتركيا.. مرحلة جديدة تؤسس لاستقرار إقليمي

حصاد زيارة السيسي لتركيا.. مرحلة جديدة تؤسس لاستقرار إقليمي


على أعتاب الذكرى المئوية لتدشين العلاقات التركية – المصرية، دشنت أنقرة والقاهرة مرحلة جديدة في مستوى التعاون المشترك، طوتا به، سنوات من التوترات.

مرحلة عنوانها «المصلحة المتبادلة والتضامن»، وهدفها «تعزيز السلام والازدهار والاستقرار في محيطيهما وخارجه، عبر الالتزام بمبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة»، بحسب بيان البلدين المشترك، في أعقاب زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا، التقى خلالها بنظيره التركي رجب طيب أردوغان.

ووقع الرئيسان الأربعاء 17 اتفاقية تعاون، بحسب الرئاسة التركية، وأكدا مجددا أمام الصحافيين رغبتهما في رفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار سنويا خلال خمس سنوات.

فكيف ستنعكس تلك الصفحة الجديدة على أمن المنطقة؟

وصف الكاتب والمحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز، في حديث لـ«العين الإخبارية»، زيارة السيسي التي جاءت تتويجا لتطوير العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بـ«التاريخية والهامة جدا»، مشيرًا إلى أنها ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب لصالح البلدين، وأمن واستقرار المنطقة.

وأوضح المحلل السياسي التركي، أن الزيارة عمقت بشكل كبير العلاقات بين الدولتين، و«حققت نتائج إيجابية على صعيد التنسيق المشترك في مختلف القضايا الإقليمية الخلافية، مثل الملف الليبي، بعد الاتفاق على العمل المشترك لمساندة الليبيين في تشكيل مؤسسات الدولة، إضافة إلى العمل من أجل وقف إطلاق النار في غزة».

الرئيس أردوغان (يمين) خلال استقباله السيسي بتركيا

بدوره، قال المحلل السياسي محمود علوش، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الزيارة «نجحت في نقل العلاقات من مستوى إعادة ترميم الثقة بعد المصالحة إلى الشروع في عملية تشكيل استراتيجية متعددة الأوجه».

وأوضح الباحث في مركز «تحليل السياسات»، والذي يتخذ من إسطنبول مقرًا له، أن خطاب الرئيسين، فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية يشير إلى رغبتهما في تطوير هذه العلاقة إلى مستوى تعاون في تلك القضايا، ما يشكل أهمية كبيرة ليس فقط للبلدين، بل أيضا بالنسبة للوضع في المنطقة.

وبحسب علوش، فإنه رغم عدم التطابق التام لسياسات البلدين في عدد من القضايا الإقليمية، إلا أن زيارة السيسي ستخلق فرصة للبلدين لتحقيق حد أقصى من مواءمة السياسات، في عديد الملفات، بينها: الأزمة الليبية والوضع في شرق المتوسط، والقرن الأفريقي.

هذا من شأنه، أن يسمح بالوصول إلى «مرحلة من التعاون التنافسي، مما سيشكل تحولا واختراقًا كبيرًا، في مسار السياسات الإقليمية التركية المصرية وفي مسار القضايا الإقليمية المتشابكة معها»، بحسب المحلل السياسي.

وحول نتائج التنسيق بين البلدين على القضية الفلسطينية، قال علوش، إن الانسجام التام في الموقفين التركي والمصري تجاه حرب غزة، انعكس على مساعيهما للعمل معا نحو وقف إطلاق النار.

الأمر نفسه ينطبق على الملف السوري، الذي بدا واضحًا من خلال خطاب الرئيسين أن هناك تطابقا في وجهات النظر تجاه تطبيع العلاقات التركية – السورية.

تنسيق كامل وانطلاقة كبيرة

في السياق نفسه، توقع الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تمهد الزيارة لمرحلة التنسيق الكامل بين الدولتين، وأن تؤدي إلى انطلاقة كبيرة في العلاقات على مختلف الأصعدة.

وأوضح الخبير في الشأن التركي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن القاهرة وأنقرة تستشعران خطورة الوضع الإقليمي الحالي المضطرب، والرغبة في العمل سويا لعدم إتاحة الفرصة لأطراف اقليمية أن تعبث بأمن ومستقبل المنطقة.

ماذا عن التعاون العسكري؟

قال المحلل السياسي محمود علوش، إن أنقرة والقاهرة تنظر إلى التعاون العسكري على أنه «ورقة ائتمان لحماية العلاقات من أي تقلبات مُحتملة في المستقبل، على غرار ما تفعله المشاريع الاستثمارية الكبيرة».

ورأى علوش، أن «مشروع الشراكة الاستراتيجية في مجال التعاون الدفاعي يتجاوز مبيعات الأسلحة إلى التصنيع المشترك لها، وهو ما يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين بالنظر إلى خبراتهما في هذا المجال».

بدوره، قال أوكتاي يلماز إن الزيارة فتحت آفاقا كبيرة للتعاون العسكري، في المستقبل القريب، وخاصة في ظل الإمكانات التركية الكبيرة في مجال التصنيع الدفاعي وإفادة الجانب من الخبرات المتراكمة في هذا المجال .

 وسبق أن أعربت أنقرة عن استعدادها لبيع مصر طائرات مسيرة، حين أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في فبراير/شباط الماضي أن بلاده وافقت على تزويد مصر بطائراتها المسيرة، بحسب وكالة «رويترز».

لكن كيف ستنعكس على الشراكة الثنائية؟

توقع الكاتب والمحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز أن تشهد الفترة المقبلة تكثيفًا للزيارات على مستوى الوزراء والمسؤولين ورجال الاقتصاد والأعمال من الجانبين في مختلف المجالات، من أجل ترجمة الاتفاقيات الموقعة بين البلدين على أرض الواقع.

وأشار إلى أن زيارة السيسي، عملت على تعزيز التعاون المشترك البناء في المجالات الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية والسياسية، بعد التوقيع على 17 اتفاقية.

الأمر نفسه، أشار إليه المحلل السياسي محمود علوش، الذي قال إن البلدين على أعتاب تشكيل استراتيجية متعددة الأوجه، من خلال إطلاق مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، ومن خلال الاتفاقيات التي أبرمت بينهما.

تلك الاتفاقيات الـ17، توقع الخبير في الشأن التركي عبد الفتاح، أن تقفز بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحهما المشتركة.

وبحسب عبد الفتاح، فإن العلاقات التي وصلت لمستوى الدبلوماسية الرئاسية، قطعت أشواطا نحو الشراكة الاستراتيجية، والتنسيق الكامل، في ظل رغبة جادة من الدولتين لتجاوز الماضي وإدارة الخلافات.

aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز FI

مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *