بايدن يتفوق على ترمب اقتصادياً.. لكن "الشيطان في التفاصيل"

بايدن يتفوق على ترمب اقتصادياً.. لكن "الشيطان في التفاصيل"

تضمن تقرير الناتج المحلي الإجمالي لهذا الأسبوع تحديثات للبيانات الاقتصادية على مدى السنوات الخمس الماضية. هذه البيانات جعلت أداء الاقتصاد في ظل رئاسة جو بايدن يبدو إيجابياً للغاية. منذ تولي بايدن المنصب في 2021، نما الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم بوتيرة أسرع مقارنة بفترة رئاسة دونالد ترمب، بل وتجاوز الهدف السنوي للنمو الاقتصادي البالغ 3% الذي كانت تسعى إدارة ترمب لتحقيقه.

يشتمل الرسم البياني على الدخل المحلي الإجمالي، وهو مقياس يتم استخراجه من مصادر بيانات مختلفة عن الناتج المحلي الإجمالي، والذي يُفترض نظرياً أن يكون مساوياً له، لكنه في الواقع يختلف عنه دائماً. بعض الدلائل تشير إلى أن الدخل المحلي الإجمالي، أو متوسط الناتج المحلي الإجمالي والدخل المحلي الإجمالي، يعكس توقيت التقلبات الاقتصادية بدقة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي وحده، وهذا هو السبب الذي جعلني أعتمد عليه في تحليلاتي للنمو الاقتصادي الرئاسي منذ عدة سنوات. ورغم أنه سيكون هناك تقرير آخر للناتج المحلي الإجمالي قبل الانتخابات (في 30 أكتوبر وفق التقديرات المبدئية) فإن بيانات الربع الثالث للدخل المحلي الإجمالي لن تكون متاحة حتى أواخر نوفمبر.

تفوُّق بايدن على ترمب في مقياس الدخل المحلي الإجمالي، وفي متوسط الناتج المحلي الإجمالي والدخل المحلي الإجمالي، كان أقل مما هو عليه في الناتج المحلي الإجمالي. لكنه لا يزال كبيراً بشكل ملحوظ. كما أن سنوات حكم بايدن كانت بوضوح أفضل من سنوات حكم ترمب فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي. لكن يبقى السؤال، هل هذه المقارنة عادلة حقاً؟

تداعيات الجائحة

بالطبع، أدت جائحة كورونا إلى أكبر انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة على الإطلاق خلال السنة الأخيرة من ولاية ترمب. ورغم أنه كان بالإمكان إدارة الأمور بشكل أفضل، إلا أن الجائحة كانت عالمية وثمة دول أخرى شهدت انخفاضات مماثلة في الناتج المحلي الإجمالي. إذا أوقفنا القياس عند الربع الرابع من عام 2019، فإن النمو في عهد ترمب يبدو أفضل بكثير من النمو خلال كامل فترة ولايته. ومع ذلك، لا يزال هذا النمو أقل من ذلك الذي تحقق حتى الآن في عهد بايدن.

أما بايدن، فتولى الرئاسة في وقت كانت إجراءات التحفيز التي تم تطبيقها في عهد ترمب قد بدأت بالفعل في إعادة إحياء الاقتصاد، ولقاحات كوفيد-19 التي تم تطويرها بمساعدة إدارة ترمب كانت قد بدأت تُتاح على نطاق واسع. فهل يستحق بايدن حقاً الفضل في النمو الاقتصادي القوي خلال عامه الأول في المنصب؟ إذا استبعدنا ذلك، نجد أن النمو الاقتصادي في عهد بايدن كان أبطأ إلى حد ما مما كان عليه في سنوات حكم ترمب التي سبقت الجائحة.

بالتأكيد، يمكن اختيار تواريخ بداية ونهاية مختلفة لرواية القصص. كل رئيس يمر بفترات جيدة وسيئة، ومن المفيد قياس النمو الاقتصادي بشكل مستمر خلال فترات رئاساتهم. لا يُعتبر الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل القومي الإجمالي مقياساً مثالياً -بل هو بعيد عن ذلك- لكن بالنظر إلى الاهتمام الذي يُعطى لمعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي لمدة ربع سنة، يبدو من المفيد أن نرصد التغيير على مدى فترات طويلة. في هذا السياق، قمت بحساب معدلات النمو السنوية المركبة من تقدير لناتج محلي إجمالي حقيقي (أو الدخل القومي الإجمالي أو المتوسط بينهما) إلى تقدير آخر، وذلك في جميع الرسوم البيانية في هذا العمود.

استقرار النمو

تبدو سجلات النمو الاقتصادي خلال فترة ترمب أفضل بكثير الآن مقارنةً بتقارير الناتج المحلي الإجمالي التي صدرت بعد فترة قصيرة من خروجه من المنصب. في أغسطس 2021، أظهرت أرقام “مكتب التحليل الاقتصادي” أن نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عهد ترمب كان الأسوأ منذ إدارة هربرت هوفر (أرقام الناتج المحلي الإجمالي الفصلية تبدأ من عام 1947، ولكن هناك أرقام سنوية متاحة منذ عام 1929). الآن، يظهر أن النمو كان الأسوأ فقط منذ رئاسة جورج بوش الابن، ومن يعلم، قد تدفع المزيد من التنقيحات هذه الأرقام لتتجاوز حتى فترة باراك أوباما.

إذا أخذنا تقلبات الجائحة في الاعتبار، يبدو أن النمو الاقتصادي تحت رئاسة أوباما وترمب وبايدن كان متشابهاً إلى حد كبير. بدافع الفضول، قمت بحساب النمو الاقتصادي السنوي منذ عام 1947 باستخدام فترات متحركة مدتها أربع سنوات كأداة لتسوية التقلبات، والتي تتزامن مع مدة فترة الرئاسة. منذ أوائل عام 2013، ومع انتقال نافذة الحساب ذات الأربع سنوات متجاوزة بداية الركود الكبير، نما الاقتصاد بمعدل ثابت يتراوح بين 2% و2.5% باستثناء انخفاض حاد في بداية الجائحة وارتفاع كبير في الربع الأخير حيث أصبح الربع الثاني السيئ من عام 2020 هو نقطة المرجع.

في الربع المقبل، يُرجح أن معدل النمو سينخفض ليعود إلى حوالي 2%. يبدو أن الاقتصاد في عهد أوباما وترمب وبايدن –وهو أمر من غير المرجح أن تسمع عنه كثيراً في الحملات الانتخابية من أي من الحزبين الكبيرين– سيستمر في تقدمه البطيء لكن الثابت.

باختصار

يتناول المقال مقارنة أداء الاقتصاد الأميركي تحت إدارات كل من جو بايدن ودونالد ترمب، مع التركيز على النمو في الناتج المحلي الإجمالي والدخل المحلي الإجمالي. ويشير التقرير إلى أن النمو الاقتصادي في فترة بايدن، بعد تعديل البيانات، كان أسرع من فترة ترمب، متجاوزاً حتى الهدف السنوي الذي سعت إدارة ترمب لتحقيقه (3%). كما يوضح التقرير أن الدخل المحلي الإجمالي يعد مؤشراً أكثر دقة للتقلبات الاقتصادية.

ويشير التقرير إلى تأثير جائحة كورونا على اقتصاد ترمب، مما جعل أداءه يبدو أسوأ، في حين استفاد بايدن من سياسات التحفيز التي بدأها ترمب. كما يناقش مدى إنصاف مقارنة الأداء الاقتصادي بين الفترتين، ويخلص إلى أن النمو في عهد بايدن كان أسرع، ولكن عند استثناء العوامل المرتبطة بالجائحة، يبدو النمو في عهد ترمب أفضل.

في النهاية، يشير التقرير إلى أن النمو الاقتصادي تحت إدارات أوباما وترمب وبايدن كان متشابهاً إلى حد كبير، باستثناء تقلبات الجائحة، مع استمرار الاقتصاد في التقدم بشكل بطيء ولكن ثابت.

 

المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *