باحثة نمساوية في أخلاقيات التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي يعيق مهارات الإبداع الذاتي

باحثة نمساوية في أخلاقيات التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي يعيق مهارات الإبداع الذاتي

حذرت الباحثة النمساوية في أخلاقيات التكنولوجيا بجامعة زيورخ مورييل ليوينبرجر من تأثير الذكاء الاصطناعي على مهارات الإبداع الذاتي لدى البشر.

وفي مقال نُشر في كتاب بعنوان “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” صدر عن دار نشر أكسفورد عام 2024، حرره الفيلسوف البريطاني ديفيد إدموندز، قالت ليوينبرجر إن الاعتماد المتزايد على هذه التقنيات (الذكاء الاصطناعي) قد يؤدي إلى تآكل قدرتنا على اتخاذ القرارات بأنفسنا. وهو أمر يتجاوز تساؤلات تأثير الذكاء الاصطناعي على مستوى حدود التكنولوجيا والفرص التي يوفرها، ليشمل مجالات الأخلاق والفلسفة، بما في ذلك تأثيراته على الصحة والقانون وطبيعة العمل والسياسة، بالإضافة إلى هوياتنا الشخصية.

هواتفنا تتجسس علينا

في الفترة الأخيرة، أثبتت الدراسات والتسريبات أن هواتفنا الذكية وتطبيقاتها تجمع معلومات تفصيلية عن حياتنا، بداية من الأشخاص الذين نتواصل معهم إلى الأماكن التي نذهب إليها والمحتويات التي نفضلها. كما تم إثبات أن هذه البيانات يتم استخدمها في التسويق، وأيضًا توجيه الآراء السياسية. بينما يلفت بعض هذه الدراسات إلى أن شركات مثل جوجل وفيسبوك تتيح استنتاج ميولنا السياسية وتفضيلاتنا الاستهلاكية من آثارنا الإلكترونية.

هنا، تشير ليوينبرجر إلى أنه ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ورقمنة حياتنا، يصبح من المحتمل أن يعرف الذكاء الاصطناعي عنا ما قد لا ندركه عن أنفسنا. فقد تصبح ملفات التعريف الشخصية التي ينشئها الذكاء الاصطناعي أكثر دقة في وصف قيمنا واهتماماتنا من معرفتنا الذاتية. وفي بعض الأحيان، قد تكشف التكنولوجيا عن معلومات لم نكن ندركها عن أنفسنا.

أزمة الهوية التي ستعانيها أجيال الـ AI

ومن هذا المنطلق، تؤكد ليوينبرجر تحذيرها من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ليخبرنا من نحن، وذلك لعدة أسباب، أولها أنه يصعب تقييم مدى موثوقية المعلومات التي تقدمها هذه الأنظمة، خاصةً وأن العديد منها أظهر تحيزات واضحة. كما أن فهم نوايا المطورين وموثوقية الأنظمة يعد أمرًا معقدًا.

ثانيًا، يعكس الذكاء الاصطناعي فكرة أن الهوية شيء يمكن اكتشافه، متجاهلًا أننا نختار من نكون.

“الهوية ليست شيئًا مفروضًا علينا، بل هي نتاج اختياراتنا الفاعلة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم منظورًا خارجيًا أو اقتراحات، لكن يجب أن نظل في موقع القيادة ونكون مسؤولين عن هويتنا”؛ تقول ليوينبرجر.

ووفق الباحثة النمساوية، فقد يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل المهارات الضرورية للإبداع الذاتي. تضيف: “إذا أصبحنا نعتمد بشكل مفرط على هذه الأنظمة في اختيار الموسيقى أو المهنة أو حتى الميول السياسية، فقد ننسى كيفية اتخاذ هذه القرارات بأنفسنا”.

لذا، فإن اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي لا يعيقنا فقط على المستوى المهني، بل يمكن أن يؤثر أيضًا على تطورنا الشخصي، والإبداع الذاتي، مما يعكس أزمة هوياتية تواجهها المجتمعات في العصر الحديث.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *