ضخ البنك المركزي في الصين سيولة قدرها 70 مليار دولار في أسواق النقد خلال الشهر الجاري عبر أداة جديدة للسياسة النقدية، في خطوة تهدف إلى تخفيف نقص السيولة في الاقتصاد الهش وتشجيع البنوك على الإقراض.
أبرم بنك الشعب الصيني اتفاقيات إعادة شراء عكسي مباشرة بقيمة 500 مليار يوان خلال أكتوبر، للحفاظ على مستوى معقول من السيولة في النظام المصرفي، وتسري هذه الاتفاقيات لمدة 6 شهور، بحسب بيان أصدره البنك اليوم الخميس.
تعد هذه أول مرة يكشف فيها بنك الشعب الصيني عن استخدامه للأداة التي أعلن عنها في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويمكّن البرنامج البنك المركزي من شراء مجموعة متنوعة من الأوراق المالية من المتعاملين الأساسيين لمدة لا تتجاوز عام بحد أقصي. وتشمل هذه الأوراق المالية السندات السيادية، وسندات الحكومات المحلية، وسندات الشركات. كما ستساعد الأداة في سد فجوة في مجموعة أدوات البنك لضخ السيولة لفترة أطول من عمليات إعادة الشراء العكسي الحالية لأجل سبعة أيام.
تراجع السيولة بالبنوك الصينية
كذلك فإن عملية الضخ ستساعد البنوك في التعامل مع صافي نقص السيولة الذي بلغ 481 مليار يوان خلال الشهور الثلاثة الماضية، عبر تسهيلات الإقراض لأجل عام واحد، التي تعرف باسم “تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل”، التي يقدمها بنك الشعب الصيني. ويأتي ذلك وسط تزايد ضغوط التمويل على البنوك نتيجة انخفاض الودائع، وتوجيه السيولة من أدوات الدين منخفضة العائد إلى الأسهم.
يشكل ضمان توفر السيولة الكافية في السوق عاملاً رئيسياً في دعم الاقتصاد، الذي تضرر من ضعف الطلب المحلي واستمرار أزمة قطاع العقارات، ومن المنتظر أن تصدر الصين مزيداً من السندات الحكومية ضمن حزمة إجراءات تحفيز الاقتصاد، ما قد يسحب السيولة من سوق ما بين البنوك “إنتربنك”، كما سيتفاقم الضغط على السيولة في ظل حلول موعد استحقاق جزء كبير من تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل خلال الشهرين المقبلين.
تأثير الأداة الجديدة يعادل خفض الاحتياطي الإلزامي
قالت بيكي ليو، مديرة استراتيجية الاستثمار بناءً على أوضاع اقتصاد الصين الكلي في “ستاندرد آند تشارترد”، إن بنك الشعب الصيني يعتزم توفير سيولة إضافية أكثر قليلاً مما يعادل صافي مدفوعات البنوك بموجب برنامج تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، كما أشارت إلى احتمال أن تضطلع الأداة الجديدة بدور أكثر أهمية في ضمان توافر حجم السيولة المناسب في الاقتصاد.
وأضافت: “لم تتمكن الأداة حتى الآن إلا من تقليص العجز في ميزانية بنك الشعب الصيني نتيجة مدفوعات تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، لكنها ستؤدي دوراً أكبر في المستقبل في أن تسهل على البنك التوسع في الميزانية وضخ مزيد من القاعدة النقدية”.
لفتت سيرينا تشو، المحللة الاقتصادية في شركة “ميزوهو سكيوريتيز” (Mizuho Securities)، إلى أن ضخ سيولة حجمها 500 مليار يوان يعادل تأثير خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي بالبنوك، التي توفر لها السيولة للإقراض، بمقدار 25 نقطة أساس، مع ذلك، ستكون تكلفة هذه الأموال أعلى من نسبة السيولة المتاحة من خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي.
لم يكشف بنك الشعب الصيني في البيان عن سعر فائدة أداة عمليات الشراء العكسي المباشر.
إعادة هيكلة لأدوات السياسة النقدية
كما اشترى البنك المركزي سندات سيادية من السوق المفتوحة بصافي مبلغ 200 مليار يوان، بحسب بيان منفصل من البنك.
يعيد بنك الشعب الصيني هيكلة إطار سياساته النقدية عبر تغييرات تشمل أداة الشراء العكسي الجديدة، وبرنامجاً جديداً لشراء وبيع السندات الحكومية بشكل دوري، وقد يمكنه هذا التغيير من العمل بشكل أقرب إلى نظرائه العالميين والسيطرة على تكاليف الاقتراض بشكل أكثر فعالية.
وفي إطار هذا التغيير، يقلل بنك الشعب الصيني من أهمية برنامج تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل بصفته الأداة الرئيسية للسياسة النقدية في تحديد أسعار الفائدة وتوفير السيولة، ويعول على عمليات إعادة الشراء العكسي لأجل 7 أيام عوضاً عن ذلك.
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق