
كشف الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عن العوامل المؤثرة على قرار المستثمر الأجنبي والمحلي بالبقاء والاستمرار في السوق المصري، مؤكدًا أن الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتوافر التسهيلات، هما الركيزتان الأساسيتان لجذب رؤوس الأموال.
وصحح “السيد”، خلال لقائه مع الإعلامي حسين محمد، ببرنامج “بيزنس تو بيزنس”، المذاع على قناة “النهار”، فكرة أن “رأس المال جبان”، موضحًا أن “رأس المال حكيم”، فهو ينجذب إلى البيئات التي تُحقق له أعلى معدلات ربحية، مشيرًا إلى أن هناك عوامل أساسية تدفع المستثمر للاستمرار في أي دولة، ومنها الاستقرار السياسي والاقتصادي، والذي يوفر بيئة آمنة للمشروعات ويُقلل من المخاطر، فضلًا عن توافر الأراضي بأسعار تنافسية والذي يُساهم في خفض التكاليف الأولية للمشروع، علاوة على التسهيلات الحكومية وتشمل التيسيرات الضريبية، وسهولة الحصول على التراخيص، وآليات واضحة لفض المنازعات، إضافة إلى السياسات المالية والضريبية المستقرة؛ حيث أن المستثمر يحتاج إلى سياسات ثابتة تمكنه من وضع دراسات جدوى دقيقة، وأي تغيير حتى لو كان للأفضل قد يدفعه لإعادة التفكير في وجهته الاستثمارية.
وكشف عن مخاوف المستثمرين الصغار والمتوسطين من الضرائب، واصفًا إياها بـ”البعبع” الذي يُخيف البعض من بدء مشروعاتهم، موضحًا أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات مهمة لمعالجة هذه المخاوف من خلال القانون رقم 152 لسنة 2020، والذي يُقدم تيسيرات ضريبية كبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وأوضح أن هذا القانون يُطبق ضرائب مبسطة وقطعية على المشروعات التي لا تتجاوز إيراداتها 20 مليون جنيه سنويًا؛ حيث تبدأ النسبة من 0.5% على الإيرادات التي تصل إلى 250 ألف جنيه، وترتفع إلى 1% على الإيرادات التي تصل إلى 10 ملايين جنيه، وأخيرًا إلى 1.5% على الإيرادات التي تصل إلى 20 مليون جنيه.
وأكد أن هذه التيسيرات تُعفي أصحاب المشروعات من العديد من الإجراءات المعقدة، مثل ضريبة خصم المنبع وبعض ضرائب الدمغة، كما تُبسط الإقرارات الضريبية الشهرية إلى أربعة إقرارات سنوية فقط، موضحًا أن الضريبة ليست عبئًا، بل هي أساس تنمية المجتمعات، وأن التيسيرات الجديدة تجعلها مناسبة لأصحاب المشروعات الصغيرة.
ولفت إلى أنه في حال تجاوزت إيرادات المشروع 20 مليون جنيه (حتى 25 مليون جنيه)، يُمكن أن يستفيد من نفس التيسيرات مرة واحدة كل خمس سنوات، وإذا تجاوزت ذلك يخضع للضريبة العادية المقدرة بـ22.5% من صافي الأرباح بعد خصم جميع التكاليف، مشددًا على أن هذه الإجراءات تهدف إلى دعم وتشجيع المشروعات الناشئة، وتوفير بيئة استثمارية محفزة تساعد على نموها واستمراريتها في السوق المصري.
القاهرة للدراسات الاقتصادية: الضرائب مشاركة مجتمعية واستثمار في مستقبل التنمية
أكد الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الضرائب ليست مجرد عبء على المستثمرين والمواطنين، بل هي شكل من أشكال المشاركة المجتمعية التي تُسهم في دفع عجلة التنمية وتُعد الركيزة الأساسية لتمويل الخدمات الحكومية الحيوية.
وقال “السيد”، خلال لقائه مع الإعلامي حسين محمد، ببرنامج “بيزنس تو بيزنس”، المذاع على قناة “النهار”، إن الحصيلة الضريبية تُشكل المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة، حيث تُستخدم في تمويل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وتغطية نفقات العلاج على نفقة الدولة، كما أنها تُعد الممول الرئيسي للاستثمار الحكومي في البنية التحتية والمشروعات الكبرى التي تعود بالنفع على المجتمع ككل، موضحًا أن الإحصائيات تُشير إلى أن الإيرادات الضريبية تُشكل حوالي 78% من إيرادات الموازنة العامة المصرية، وهي المسؤولة عن تغطية بند الأجور والمرتبات في الدولة، والذي يتجاوز 575 مليار جنيه.
وأوضح أنه لا يختلف النظام الضريبي المصري كثيرًا عن الأنظمة العالمية، مؤكدًا على أن الضريبة ترتبط بشكل مباشر بحجم الخدمات التي تُقدم للمواطن؛ ففي الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو دول الاتحاد الأوروبي، قد تصل نسب الضرائب إلى 60%، لكنها تُقابل بخدمات متقدمة في جميع القطاعات، مشيرًا إلى أنه في مصر تُعتبر معدلات الضرائب على الشركات جيدة ومقبولة وعنصرًا جذابًا للاستثمار، خاصة مع وجود شريحة قطعية تصل إلى 22.5% من صافي الأرباح، كما تُقدم الدولة إعفاءات ضريبية لبعض القطاعات الاستراتيجية لمدة قد تصل إلى ثلاث أو خمس سنوات، بهدف تشجيع الاستثمار في تلك المجالات.
وأشاد بجهود الدولة لتسهيل الإجراءات للمستثمرين، مثل مبادرة “الرخصة الذهبية”، موضحًا أن التيسيرات لا يجب أن تقتصر على الإعفاءات الضريبية فقط، بل يجب أن تشمل جوانب أخرى أكثر أهمية للمستثمر، مثل سهولة الحصول على الأراضي الصناعية بأسعار منخفضة، وسرعة استخراج التراخيص اللازمة لبدء الإنتاج، وتبسيط الإجراءات الجمركية لاستيراد المعدات والآلات، وتوفير العمالة المدربة وتسهيل عملية تدريبها، وضمان استقرار الإجراءات الضريبية وعدم تغييرها بشكل مفاجئ.
ولفت إلى أن توفير بيئة استثمارية مستقرة ومتكاملة، تُركز على التسهيلات الإجرائية واللوجستية، يُعد عاملًا أكثر جاذبية للمستثمر من الإعفاءات الضريبية وحدها، خاصة وأن بعض المستثمرين قد يفضلون دفع الضريبة في بلد الاستثمار بدلاً من دفعها بسعر أعلى في بلدهم الأصلي.
القاهرة للدراسات الاقتصادية: تسهيل الإجراءات للمستثمرين دعم مباشر للنمو الاقتصادي
قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه رغم الجهود الحكومية الكبيرة لتشجيع الاستثمار، إلا أنه لا يزال المستثمرون يعانون من بعض التعقيدات والإجراءات البيروقراطية التي تُعيق مسار عملهم، وعلى الرغم من أن التحول الرقمي خطوة جريئة ومهمة، إلا أن حل المشكلة لا يكمن فقط في التكنولوجيا، بل في تغيير ثقافة العمل داخل المؤسسات الحكومية.
وأضاف “السيد”، خلال لقائه مع الإعلامي حسين محمد، ببرنامج “بيزنس تو بيزنس”، المذاع على قناة “النهار”، أن المشكلة لا تكمن في التشريعات والقوانين الصادرة من القيادات العليا، بل في آليات التطبيق والتفسير من قبل الموظفين؛ ففي كثير من الأحيان يواجه المستثمرون اختلافات في تفسير اللوائح والتعليمات من موظف لآخر، مما يؤدي إلى ضياع الوقت وتأخير الإجراءات.
ودعا إلى ضرورة وضع آليات موحدة للتطبيق، وتحديد مدة زمنية قصوى للرد على طلبات المستثمرين، بحيث لا تتجاوز 48 ساعة، مؤكدًا أن تسهيل الإجراءات ليس فقط خدمة للمستثمر، بل هو دعم مباشر للنمو الاقتصادي، حيث أن كل مشروع جديد يفتح أبواب رزق للعمالة المصرية، ويزيد من الإنتاج المحلي، ويُقلل من الواردات.
وأشاد بمسار التحول الرقمي الذي بدأته الدولة المصرية منذ عام 2017، مؤكدًا أنه خطوة ضرورية لمكافحة الفساد وتقليل البيروقراطية، وضرب أمثلة على نجاحات هذا المسار في قطاعات مثل الشهر العقاري، وتراخيص السيارات، والسجل المدني.
وأشار إلى أن الربط الإلكتروني بين الهيئات الحكومية المختلفة يُعد إنجازًا مهمًا، حيث يُلغي حاجة المستثمر إلى تقديم نفس المستندات عدة مرات، مؤكدًا أن هذا المسار لم يكتمل بعد، وأن هناك حاجة للمزيد من العمل لضمان تطبيق شامل وفعّال لجميع الإجراءات الحكومية إلكترونيًا.
وأكد أن المشروعات التنموية الكبرى التي تنفذها الدولة، وخاصة المتعلقة بالبنية التحتية والتحول الرقمي، هي استثمار طويل الأمد يُساهم في تغيير وضع مصر الاقتصادي على الخارطة العالمية، مشددًا على أن هذه التكاليف ضرورية وحتمية لمواكبة التطور العالمي، وأنها ستؤدي في المستقبل إلى تحقيق نتائج ملموسة تُفيد جميع شرائح المجتمع من خلال توفير فرص عمل، وتحسين مستوى الخدمات، وزيادة جاذبية الاقتصاد المصري للاستثمار.
القاهرة للدراسات الاقتصادية: جهود التنمية تُعزز قوة مصر السياسية والاقتصادية عالميًا
قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه على مدار العقد الماضي، وتحديدًا منذ عام 2015، تبنت الدولة المصرية رؤية اقتصادية واستراتيجية شاملة، عُرفت بـ”رؤية مصر 2030″، وانطلقت هذه الرؤية لمعالجة قصور بنيوي في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والطاقة، والاتصالات، والزراعة، بهدف تحويل التحديات إلى فرص وإعادة صياغة مكانة مصر الاقتصادية على الساحة العالمية.
وأضاف “السيد”، خلال لقائه مع الإعلامي حسين محمد، ببرنامج “بيزنس تو بيزنس”، المذاع على قناة “النهار”، أن البداية كانت مع وضع خطة طموحة للتوسع العمراني لمواجهة الزيادة السكانية الكبيرة، ولم يقتصر الأمر على إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، التي ستكون مركزًا للحكومة، بل شملت الخطة بناء نحو 30 مدينة جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية، مثل الإسماعيلية الجديدة وأسوان الجديدة ودمياط الجديدة، بهدف استيعاب الزيادة السكانية وتوفير ظهير عمراني للمحافظات.
وأوضح أنه لم تكن المدن الجديدة مجرد مبانٍ، بل كانت جزءًا من منظومة متكاملة لتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار؛ فالعمل على توفير الطاقة والمرافق والبنية التحتية الحديثة أصبح أولوية قصوى، ليكون لدى أي مستثمر خارجي أو محلي أرضية صلبة للانطلاق، مشيرًا إلى أن مسار التنمية لم يغفل قطاعات أخرى أساسية؛ ففي الزراعة تم إطلاق مشروعات استصلاح زراعي ضخمة مثل “الدلتا الجديدة” ومشروعات في “توشكى” و”وادي النطرون” بهدف زيادة الرقعة الزراعية من 8.5 مليون فدان إلى 12 مليونًا، مع تحديث أساليب الري وتغطية الترع.
ونوه بأن قطاع الاتصالات شهد نموًا غير مسبوق، حيث تضاعف مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خمس مرات، من 1% في عام 2015 إلى 5% حاليًا، والأمر ذاته ينطبق على القطاع الصناعي الذي شهد طفرة في بناء المصانع الجديدة، مؤكدًا أن هذه المشروعات الضخمة، رغم تكلفتها العالية، هي استثمار طويل الأجل في مستقبل مصر، وقد لا يلمس المواطن العادي أثر هذه الاستثمارات بشكل مباشر في حياته اليومية على المدى القصير، لكنها تُعد ركائز أساسية لضمان استمرارية التنمية والازدهار في المستقبل، كما أن جهود الدولة في توفير الإسكان الاجتماعي ساهمت في حل جزء كبير من مشكلات السكن للمواطنين.
وأشار إلى أن هذه الجهود المتكاملة قد أثمرت عن تغيير ملموس في مسار الاقتصاد المصري، وساهمت في تعزيز قوة وسيادة الدولة في اتخاذ قراراتها السياسية والاقتصادية، مما جعلها محط أنظار العالم.
المصدر : تحيا مصر
تعليقات