الفرق بين الصبر والرضا والطموح

الدكتورة ميادة غانم – استشاري الصحة النفسية والدعم النفسي

يتساءل الكثيرون عن كيفية تحقيق التوازن الصحي بين القبول والسعي في حياتنا، ونستطيع أن ندرك هذا التوازن عادةً عندما نعرف الفرق بين الصبر والرضا والطموح.

أوّلا: الصبر نوعان: إيجابي وسلبي، الصبر الإيجابي هو الذي يترافق مع العمل والسَّعي للتغيير نحو الأفضل، والصبر في الإسلام ليس مجرّد تحمّل للشدائد دون فعل، بل هو تحمّل مع السّعي والتّوكل على الله واتّخاذ الأسباب، وهذا الصبر الإيجابي هو المطلوب، ويُكافأ عليه المؤمن.

أما الصبر السلبي، وهو التواكل وعدم السعي أو الاجتهاد، معتمدا فقط على الصبر دون بذل جهد، وهو مِن التصرفات غير المحمودة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكَّل”، مما يدل على أن الصبر يجب أن يكون مترافقا مع الأخذ بالأسباب؛ فالاعتماد على الصبر، دون محاولة تغيير الحال، مِثلَ شخص يعاني الفقر ولا يبذل جهدا لتحسين وضعه أو تعلُّم مهارات جديدة، مُكتفيا بالانتظار دون فعل.

ثانيا: الرضا، هو القناعة والقبول بما يحدُث في الحياة، سواء أكان جيدا أو سيئا، مع الشعور بالسلام الداخلي والاطمئنان بأن ما يحدث هو ما كتبه الله للإنسان.

ويعبّر الرضا عن حالةٍ من القبول دون تذمر أو سخط، مثل الرضا بحال مُعيّن من المعيشة، أو الرضا بما قسمه الله، عز وجل، للإنسان من رزق أو صحة.

ثالثا: الطموح، يُعرَف بأنه الرّغبة القوية والمستمرّة لتحقيق أهداف عليا وتحسين الذات والمستقبل، ويدفع الطموح الإنسان للسعي نحو الأفضل وعدم الاكتفاء بما هو موجود، مثل السعي لتطوير مهنة أو تحقيق إنجازات شخصية، كتأسيس عمل تجاري ناجح.

وهناك علاقة وثيقة بين الصبر والرضا، إذ إن الصبر يساعد الإنسان على تحمّل الظروف الصعبة، والرضا يجعل الإنسان يقبل هذه الظروف بسلام داخلي، والصبر يمكن أن يكون مُقدّمة للرضا، إذ إنّ التحلي بالصبر يمكن أن يقود في النهاية إلى القبول والرضا بما هو موجود.

وعلى الرغم من أن الرضا يعبر عن القبول بما يحدث، فإنه لا يتعارض مع الطموح، ويمكن للإنسان أن يكون راضيا بما لديه في الوقت الحالي، لكنه في نفس الوقت يسعى لتحقيق طموحات أعلى، والرضا يعني القبول بالموجود دون سخط.

والطموح يحتاج إلى صبرٍ لتحقيقه، لأنّ الأهداف الكبيرة لا تتحقّق بين ليلة وضحاها، وهنا يتقاطَع الصبر مع الطموح، إذ إنّ الطموح يحفّز الإنسان للسعي المُستمر، والصبر يجعله قادرا على مواجهة العقبات دون يأس، وإذا اجتمع الثلاثة معا، يتمكَّن الإنسان من تحقيق النجاح مع الشعور بالسلام الداخلي.