العدالة الدولية الغائبة

العدالة الدولية الغائبة

 

د. أحمد بن بخيت الشنفري

drahmedbalshanfari@gmail.com

 

في ظل الأحداث المأساوية التي يشهدها كل من قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان من اعتداء إسرائيلي غاشم، وما تقوم به إسرائيل من مذابح يومية واغتيالات وعمليات قتل مُمنهج وإبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم، عُقدت الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بولاية نيويورك الأمريكية؛ حيث ألقى الأمين العام للأمم المُتحدة أنطونيو جوتيرش كلمته أمام رؤساء الدول ومُمثليها، واستغرقت كلمته ما يُقارب النصف ساعة.

وبما أنَّ منصب الأمين العام هو أهم منصب سياسي عالمي؛ نظرًا لتمثيله المنظمة الدولية التي تضم دول العالم؛ فكان من الأهمية الاستماع إلى كلمته والتركيز فيها؛ باعتبارها شاملة لوضع السلم والأمن العالمي، وخاصة فيما يتعلَّق بالوضع في الشرق الأوسط، والأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، إضافة إلى الاعتداءات على السيادة اللبنانية.

الغريب في الكلمة التي ألقاها الأمين العام أنَّه كان يُشير إلى الدول التي لا تحترم المواثيق والاتفاقيات والأعراف الدولية؛ ومنها اتفاقيات حقوق الإنسان، والقرارات الدولية الصادرة عن مُنظمة الأمم المتحدة، وكذلك قرارات محكمة العدل الدولية التي يجب أن تُحترم قراراتها وفق ميثاق الأمم المتحدة. إلّا أنه في هذا الموقف لم يذكر اسم إسرائيل المُتهمة بكل الجرائم؛ بل كان يلمح على استحياء دون ذكر اسمها في مخالفتها جميع القرارات والأعراف الدولية، مُتجاهلة كل القرارات التي صدرت ضدها. وعند التطرق إلى الحرب على غزة، تطرق جوتيرش فقط إلى وفاة 200 موظف تابعين لوكالة “الأونروا”، دون الاكتراث لعدد ضحايا العدوان الشرس والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني؛ حيث استُشهد أكثر من 41 ألف فلسطيني، بينهم أطفال ونساء. إضافة إلى إصابة أكثر من 100 ألف شخصٍ. فلماذا هذا التجاهل من الأمين العام؟ فضلاً عن ذلك، تجاهل الأمين العام الهجمات الإرهابية التي نفذتها إسرائيل ضد لبنان خلال الأيام الماضية، ومنها تفجيرات البيجر ووسائل الاتصال اللاسلكية، وعمليات الاغتيالات والقصف على المناطق المدنية، ولم يُشير إلى مسؤولية اسرائيل عن هذه العمليات، في حين أن ما ذكره هو أن شعب اسرائيل وشعب لبنان وشعوب العالم لن يسمحوا أن تصبح لبنان “غزة أخرى”!

إذا كان هذا كلام الأمين العام لمُنظمة الأمم المتحدة، يؤكد فيها علمه بالدولة التي تُخالف مبادئ وقيم ومواثيق القانون الدولي والأمم المتحدة، لكن لا يستطيع أن يذكر اسمها صراحةً أمام المحفل الدولي؛ بل يتجاهل الحقائق والأرقام ويُجامل الكيان الإسرائيلي بتحميل المسؤولية على “حماس” عمّا حدث في 7 أكتوبر 2023، ألا يُعد ذلك ازدواجية في المعايير، وبالتالي كيف لنا أن نثق بدور مُنظمة الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين؟

وللموضوع بقية!!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *