الصين تنشئ أكبر شركة وساطة مالية لمنافسة وول ستريت

الصين تنشئ أكبر شركة وساطة مالية لمنافسة وول ستريت

تخطط الصين لدمج اثنتين من أكبر شركات الوساطة المالية المدعومة من الدولة بهدف إنشاء كيان عملاق جديد لتعزيز قطاع الوساطة البالغ قيمته 1.7 تريليون دولار، وبناء بنوك استثمارية أقوى للتنافس مع المؤسسات المالية العالمية.

أعلنت شركة “غوتاي جونان سيكوريتيز” (Guotai Junan Securities Co Ltd) ومنافستها الأصغر “هايتونغ سيكيوريتيز” (Haitong Securities)، المملوكتان جزئياً لمكتب إدارة أصول الدولة بشنغهاي، خططهما لدمج عملياتهما عبر تبادل للأسهم، وفقاً لبيان صدر أمس الخميس. وهذا الاندماج سيسفر عن إنشاء كيان جديد بأصول تبلغ قيمتها 1.6 تريليون يوان (230 مليار دولار)، متجاوزاً بذلك شركة “سيتيك سيكيوريتيز” (Citic Securities) كأكبر شركة وساطة في البلاد.

لا تزال صفقة الاندماج بانتظار موافقة مجلسي إدارة الشركتين ومساهميها، بالإضافة إلى السلطات التنظيمية.

بنوك استثمار صينية تنافس عالمياً

تأتي هذه الصفقة في أعقاب دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ الجهات التنظيمية خلال العام الماضي إلى إنشاء بنوك استثمارية رائدة قادرة على منافسة شركات وول ستريت، التي توسعت في السوق الصينية. وفي أعقاب هذا الإعلان، ارتفعت أسهم شركات الوساطة المحلية صباح يوم الجمعة.

كما أبدت هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية دعمها لعمليات الاندماج، في إطار سعيها لإنشاء بنكين أو ثلاثة بنوك استثمارية قادرة على المنافسة عالمياً بحلول عام 2035. ووفقاً للبيانات الرسمية، كان هناك حوالي 145 شركة أوراق مالية في الصين بنهاية عام 2023، بإجمالي أصول يبلغ 11.8 تريليون يوان.

وذكرت الشركتان في بيانهما أن “الدمج يساهم في بناء بنك استثماري رائد، ويعزز التنمية عالية الجودة لهذا القطاع”.

تباطؤ قطاع الوساطة المالية

يعاني قطاع الوساطة المالية في الصين من تراجع أعداد الصفقات وتباطؤ أسواق رأس المال، حيث تأثرت الأسهم بتباطؤ النمو الاقتصادي. وانخفضت الأرباح خلال الأعوام القليلة الماضية، مع توقعات باستمرار التراجع، خاصة بعد إعلان عملاقي الصناعة “تشاينا إنترناشونال كابيتال” (China International Capital) و”سيتيك سيكيوريتيز” انخفاضات في نتائج النصف الأول.

في الوقت ذاته، أعلنت “هايتونغ”، التي تقدر قيمتها في هونغ كونغ بنحو 106 مليار دولار هونغ كونغ (13.6 مليار دولار أميركي) في بورصة هونغ كونغ، انخفاض أرباحها بنسبة 75% في النصف الأول من العام، كما تراجعت أسهمها بنسبة 12% منذ بداية العام.

وأوضحت شركة “هوا تشوانغ سكيورتيز” (Hua Chuang Securities) في تقرير لها إن “الاندماج قد يحل” بعض المشكلات التشغيلية لشركة “هايتونغ”. وأضافت أن “جودة الأصول الأساسية ليست جيدة جداً، مما يؤدي أيضاً إلى تقييم منخفض للشركة”، مشيرة إلى أن الدمج قد يقلص أيضاً عدد الوظائف وسط تضرر الصناعة من نقص في عدد الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام.

يبلغ عدد موظفي شركة “غوتاي جونان” حوالي 15 ألف موظف، بينما توظف “هايتونغ سيكيوريتيز” أكثر من 13600 موظف، منهم 1645 في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية. ولم تفصح “غوتاي جونان” عن تفاصيل توزيع موظفيها على خطوط أعمالها المختلفة، بحسب التقرير السنوي للشركة لعام 2023.

تفاصيل دمج الشركتين

بموجب الاتفاق، ستصدر “غوتاي جونان” أسهماً للتداول في بورصة شنغهاي لحملة أسهم “هايتونغ” من الفئة “أ”، وستفعل الشيء نفسه لحملة أسهم الفئة “إتش”. كما تخطط الشركة لطرح أسهم جديدة من الفئة “أ” لجمع أموال إضافية. ولم تفصح الشركتان بعد عن الشروط المالية للصفقة.

علقت كلتا الشركتين التداول في بورصتي شنغهاي وهونغ كونغ اعتباراً من يوم الجمعة، ويُتوقع أن تستمر فترة تعليق التداول في أسهم الفئة “أ” في الصين لمدة لا تتجاوز 25 يوم تداول.

في غضون ذلك، أصبحت شركات الوساطة هدفاً لحملة “الرخاء المشترك” التي يقودها شي، مما دفعها إلى خفض الأجور وتسريح العمال لدمج الشركات والامتثال للتدقيق الأكثر صرامة.

طموح الصين في الوساطة المالية

يُعد هذا الاندماج خطوة كبيرة في طموح الصين الطويل الأمد لإنشاء شركة وساطة بحجم “حاملة طائرات” -على حد وصفها- قادرة على المنافسة مع بنوك وول ستريت. وتسارعت هذه الجهود بعدما فتحت الصين أسواقها المالية تدريجياً في عام 2020، مما سمح بالملكية الأجنبية الكاملة.

هذه الخطوة قد تشجع مزيد من عمليات الدمج في قطاع يشهد بالفعل اندماجات بين عدة شركات وساطة أو إعلانات عن خطط لفعل ذلك، مما يزيد التوقعات بإتمام صفقات ضخمة. وفي هذا الأسبوع، أعلنت “غوسين سيكيورتيز” (Guosen Securities) عن خططها لشراء معظم أسهم “فانهوا سيكيورتيز” (Vanho Securities)، بينما أعربت “غوليان سيكيورتيز” (Guolian Securities) في وقت سابق عن نيتها الاستحواذ على شركتي “مينشينغغ سيكيورتيز” (Minsheng Securities) و”وسترن سيكيورتيز” (Western Securities).

جدير بالذكر أن الصين درست دمج اثنتين من أكبر بنوكها الاستثمارية قبل أربعة أعوام، لكن الخطط توقفت. وذكرت تقارير سابقة أن المقترح كان يتضمن شراء مجموعة “سيتيك غروب” -الشركة الأم لشركة “سيتيك سيكيوريتيز”- حصة في شركة “سي إس سي فاينانشيال” (CSC Financial) من “سنترال هويجين” (Central Huijin).

وتمتلك لجنة مراقبة وإدارة الأصول المملوكة للدولة في شنغهاي بشكل غير مباشر نحو ثلث أسهم “غوتاي جونان” وحوالي 20% من “هايتونغ”، وفقاً لمواقعهما الإلكترونية الرسمية.

المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *