أكد المستشار محمد سليمان جاد، المحامي بالنقض والخبير القانوني، أن مواجهة العنف الأسري لا يمكن أن تُعالج بالقوانين وحدها، معتبرًا أن الظاهرة في جوهرها أزمة أخلاقية تفاقمت خلال السنوات الأخيرة نتيجة ما سماه “حرب الأجيال المتطيرة” التي تُشعلها منصات التواصل الاجتماعي.
وقال “جاد”، في احد لقاءات التلفزيوينة إن النقاش الدائر حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذي يضم 335 مادة، يجب أن يُركز على جذور الأزمة، وليس فقط على العقوبات أو الإجراءات. وأوضح أن هناك توجيهًا رئاسيًا يؤكد أن الخطر الحقيقي لا يأتي مما يُدار ضد مصر من الخارج فقط، بل مما يحدث داخل المجتمع نفسه، مشيرًا إلى أن السوشيال ميديا أصبحت إحدى أدوات ما سماه “أذرع أجهزة الاستخبارات العالمية” للتأثير على القيم الأسرية.
وأضاف أن هذا التوجيه دفع الدولة لإطلاق مبادرات كبرى مثل “بناء الإنسان”، بهدف إعادة الانضباط وترسيخ الوعي لدى الأجيال الجديدة داخل الجمهورية الجديدة. وانتقد “جاد” الدور الذي تلعبه منصات التواصل، واصفًا إياها بـ”مواقع التفكك الاجتماعي”، مشيرًا إلى أنها فصلت أفراد الأسرة عن بعضها البعض، حتى وصلت الأمور إلى أن “الزوج يهادي زوجته بتورتاية على الواتس”، في إشارة إلى اختفاء التواصل الحقيقي بين الأزواج.
وأشار الخبير القانوني إلى أن المجتمع يدفع اليوم ثمن 100 عام من التطور التشريعي في قوانين الأسرة، لافتًا إلى أن معدلات الطلاق ارتفعت لتتجاوز 30%، بواقع 300 ألف حالة طلاق مقابل مليون عقد زواج سنويًا. واعتبر أن بعض القوانين التي أُصدرت بعد عام 1981 أخلّت بالتوازن داخل الأسرة، منتقدًا على وجه التحديد قانون الخلع، متسائلًا: “هل حقق الخلع ما تتمناه الأسرة المصرية؟”، ثم أجاب: “لا.. بل زاد من حجم التفكك، فالأصل في الشريعة أن الطلاق بيد الرجل والتطليق بيد القاضي، بينما الاستحداث الذي جعل الخلع بيد المرأة دون الطعن عليه تسبب في انفلات كبير”.
وأوضح أن الخلافات البسيطة باتت تؤدي إلى خلع خلال 90 يومًا فقط، وأن الانهيار الأسري الواحد يترتب عليه نحو 35 دعوى قضائية بين الطرفين، وهو ما ينعكس على المحاكم بوجود ما يقرب من مليون قضية سنويًا.
وعبّر “جاد” عن تفاؤله بمشروع القانون الجديد، مؤكدًا أنه بُني على دراسة واسعة لآراء الشارع والمحاكم ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، وأنه حقق درجة من التوازن، خصوصًا فيما يتعلق بملف النفقة. وكشف أنه سيتم استبدال النظام القديم الذي كان يعتمد على 500 جنيه تصرفها جهات حكومية، بإنشاء “صندوق الرعاية الاجتماعية ما بعد الطلاق” الذي سيقدم دعمًا أكبر ويحفظ كرامة المرأة ويخفف من معاناتها.
واختتم الخبير القانوني دعوته بضرورة إعادة الأمور إلى أصولها، والتأكيد على قدسية عقد الزواج في الشريعة والقانون، محذرًا من تطبيق بعض الأفكار الغربية مثل “الهجر في المضاجع” بطريقة غير ملائمة للبيئة المصرية، لما قد يسببه ذلك من تفاقم في معدلات الانهيار الأسري.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات