محمد بن رامس الرواس
تتنوَّع الأخلاق في أشكالٍ كثيرةٍ ومتعددةٍ في المجتمعات البشرية، بعضها قد يكون واضحًا وبسيطًا، والآخر منها مختفيًا ومُعقَّدًا؛ فهي في الأصل غريزة وتكوين في الإنسان، وعندما تكون الاخلاق مطابقة لواقع المجتمع وبالصورة البسيطة والمفهومة والغير معقدة، عندها يمكن القول وبكل وضوح أن هناك مستوى عالي جدا من الفكر الاخلاقي في هذا المجتمع.
ولأننا اليوم في عصر المتغيرات الكثيرة والتحديات الاخلاقية الصعبة التي تمارس على مجتمعاتنا من خلال الغزو الفكري قد تصبح المشكلة الأخلاقية محل للتساؤل وضرورة إعادة تنظيمها، وقد نحتاج لاستنفار الثقافة لاجل ذلك؛ فلم تعد المشكلة متعلقة بمراقبة الأخلاق إنما هي متعلقة بالاهلية الفكرية للمجتمع الذي يعاني من اضمحلالها وتراجعها.
والمجتمعات التي تطمح لوجود مجتمع أخلاقي ايجابي باتت تبحث عن تركيبة قيام مجتمع يتصف بالسلم وعندما يزرع السلام والاستقرار بالمجتمع يمكن أن تبنى عليها مرحلة تطبيق الأخلاق التي تهدف اليها المجمعات، لذلك قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام للصحابي الذي أرسله لاحد احياء العرب فضُرِبَ وقُذِفَ وشُتِمَ: “لو أهل عُمان أتيت ما ضربوك ولا سبوك”؛ فالسلام هنا إذن هو لُب الموضوع، ومن خلاله ينطلق فكر نمو الأخلاق السليمة وتصبح صفة متجسدة بالمجتمع، لذلك من الأهمية أن يكون السلام ملازما للمجتمع دوما من أجل تطبيق ونشر قيم ومبادئ الأخلاق الحميدة وغرسها.
وعندما ينتقل التفكير المجتمعي من خلال ممارسة الأخلاق الحسنة تنطلق معه هناك المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية كالاعمال التطوعية ومنفعة الناس فإن الأخلاق تعني بالطبع تطبيق وممارسة للواجبات والمبادئ والقيم.
ولا شك أن لكل مجتمع تميزٌ واضح في الأخلاق يُميزه عن المجتمعات الاخرى فالمعيار الأخلاقي للمجتمع هو مصلحة في حد ذاتها يكون أساسها محدد بأمن المجتمع وسلامته ومدى نسبة السلام والاستقرار الموجوده فيه. وفي المقابل قد يكون هناك مجتمع آخر له مواقف أخلاقية ضارة بمصلحته فتزداد معاناة هذا المجتمع وعلاقاته مع الآخرين.
وأخيرًا.. إنَّ الأخلاق الحسنة توجد في المجتمع كقوة حية متجسده بالناس ومصالحهم وتعبر عنهم من خلال ثقافتهم ورأي الاخريين فيهم لأنها كشفت حقيقة تعاملهم مع الآخرين وهذا هو المعنى الحقيقي للأخلاق التعامل بالفعل والكلمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية