الرياض والقاهرة.. تكامل التنمية وتعظيم القدرات

الرياض والقاهرة.. تكامل التنمية وتعظيم القدرات

الدكتور أبوبكر الديب – مستشار المركز العربي للدراسات الاقتصادية

تتسم العلاقات بين مصر والسعودية بالتميز الشديد والتوافق والتقارب والتفاهم بين قيادتي البلدين، بجانب امتلاك البلدين لرؤى مستقبلية 2035 و2030، فضلا عن الدور النشط لمجلس الأعمال المشترك في البلدين وكذلك سفارتي البلدين، إضافة للإصلاح الاقتصادي بالدولتين، خاصة الذي طبقته الحكومة المصرية عام 2016، بهدف جذب الاستثمارات الخارجية، خصوصا الاستثمارات السعودية لكبر حجمها.

ومن ضمن العوامل التي شجعت على الاستثمارات السعودية في مصر، تطوير التشريعات القانونية لإنهاء أي أزمة تواجه المستثمرين على وجه السرعة، إضافة إلى إنشاء العديد من المناطق الصناعية والبنية التحتية ومشروعات عملاقة؛ كمحور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، ومد الطرق والجسور ومشروعات البنية التحتية.

وخلال السنوات الأخيرة، عقدت الرياض والقاهرة، العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية؛ منها مشروع الربط الكهربائي الذي سيحول البلدين إلى مركزين مهمين للطاقة في الشرق الأوسط، ما يساعد على ربط شبكات الطاقة بين دول الخليج العربي وأفريقيا وأوروبا، وكذلك توجد علاقات قوية بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم المصريين، ويقوم مجلس الأعمال السعودي المصري بدور مهم في تنشيط وتدفق التجارة والاستثمار بين البلدين.

وأتوقع أن يتنامى حجم الاستثمارات السعودية في مصر خلال السنوات الـ10 المقبلة، خصوصا بعد الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، والاستثمار في محور قناة السويس، واستصلاح ملايين الأفدنة للزراعة، ومشروعات الكهرباء والمياه والنقل واللوجستيات، وقطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، وهما ركيزتا الأمن والاستقرار.

ويوجد أكبر جالية مصرية على الأراضي السعودية تتجاوز مليونا وسبعمائة ألف مصري، يقابلهم أكبر جالية سعودية خارج الرياض يعيشون على الأراضي المصرية، تقدر بنحو مليون سعودي، كما أن السياحة السعودية تشكل أكثر من 20% من السياحة العربية القادمة لمصر.

ومن ضمن العوامل التي شجعت على الاستثمارات السعودية في مصر إنشاء العديد من المناطق الصناعية والبنية التحتية، وترتبط مصر والسعودية بأكثر من 160 اتفاقية ثنائية، تدعم نمو العلاقات الاقتصادية، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بنسبة 87%، مقارنة بعام 2020، كما ارتفع حجم الاستثمارات السعودية في مصر لأكثر من 30 مليار دولار، وذلك من خلال أكثر من 6800 شركة سعودية، أما الاستثمارات المصرية في السعودية، فتبلغ 5 مليارات دولار من خلال أكثر من 802 شركة مصرية.

وتعد السعودية أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما خلال عام 2021 إلى 4.3 مليار دولار.

وتحاول الحكومة المصرية خلق مناخ جاذب للاستثمار ومحاولة حل كل المشكلات التي تواجه المستثمرين، خاصة المستثمرين السعوديين، ويسعى البلدان من خلال مجلس الأعمال المصري السعودي واللجنة المصرية السعودية المشتركة، لمضاعفة حجم الاستثمارات السعودية، من خلال إقامة مشروعات مشتركة خاصة، بعد إتمام المشروعات المشتركة الطموحة؛ مثل مشروع الربط الكهربائي، والاتفاق في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية.

كما أن رؤية “المملكة 2030” دفعت لزيادة الاستثمارات السعودية في مصر، كما أن دخول الصندوق السيادي السعودي لمصر ينعش الاستثمارات السعودية، إذ إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يقود التنمية المستدامة بداخل وخارج الرياض، ويُسهم بقوة في عملية التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل للسعودية، ويعمل على تنويع الاستثمار وتوسيع محفظته الاستثمارية لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، ويبحث عن فرص استثمارية استراتيجية جذابة، محليا ودوليا، سعيا منه إلى تحقيق العوائد.

والحقيقة أن المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر لم تتوقف منذ يناير 2011، وكانت من أوائل الدول التي بادرت بتقديم مساعدات مالية كبيرة لمصر في أعقاب ثورتي 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، للمساعدة في دعم الاقتصاد المصري، بما يزيد على 30 مليار دولار ما بين قروض ومنح وودائع لدى البنك المركزي المصري.

وفي إطار هذا التقارب، تأتي تصريحات وزير الاستثمار السعودي خالد عبدالعزيز الفالح، في اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية، خلال زيارة رئيس الوزراء المصري الأخيرة للرياض قبل أيام، بأن الرياض لديها توجّه بزيادة استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي في مصر، وتوجه بتحويل ودائعنا في مصر إلى استثمارات.

الوزير خالد الفالح شدد على أن حكومتي السعودية ومصر تسعيان للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، وهو أمر يشجع على تدفق الاستثمارات السعودية في شرايين الاقتصاد المصري.

وقديما، قالها الملك عبدالعزيز آل سعود بأنه “لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب”، والحقيقة أن الدولتين تجمعهما الكثير من حيث القرب الجغرافي والثقافي والشعبي وتقارب المواقف والدعم المشترك في المواقف الدولية، فمصر لم تتأخر يوما عن السعودية، وكذلك الأخيرة لم تتوقف عن دعم مصر.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *