
أعلنت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتابًا جديدًا بعنوان “الخطط الاستراتيجية الست والثلاثون” يتضمن ثلاثة نصوص أساسية من الفكر الاستراتيجي الصيني القديم، بترجمة الدكتور محسن فرجاني، وذلك ضمن سلسلة “الألف كتاب الثاني”.
حيث ضم الكتاب ثلاثة مؤلفات محورية وهي كالاتي “ الخطط الاستراتيجية الست والثلاثون، محاورات الإمبراطور والقائد، ومائة كلمة في الحرب”، إلى جانب مقدمات وشروح تاريخية وملاحق معرفية تضيء السياقات الفكرية والعسكرية للنصوص.
ما هي أول حضارة في العالم
يؤكد المترجم أن الحضارة الصينية كانت أول حضارة في العالم وضعت مبادئ نظرية متكاملة للاستراتيجية، منذ عصر “الربيع والخريف” (770 – 476 ق.م.)، ثم في عصر “الدول المتحاربة” (475 – 221 ق.م.)، حيث صاغ المفكرون الصينيون مفاهيم القوة والحرب صياغة متقدمة بلغت منزلة فلسفية رفيعة. ويشير فرجاني إلى أن كتاب فن الحرب لسون زي حقق شهرة عالمية، لكنه ليس النص الوحيد في هذا المجال؛ فهناك مؤلفات أخرى، أقل شهرة، أسست لمبادئ استراتيجية بالغة الأهمية، مثل “الخطط الثلاث عند هوانغ شيكون”.
واضاف المترجم أن ما يميز تلك الإصدار هو نقله عن النصوص الصينية الكلاسيكية مباشرة، وليس عن لغات وسيطة كما جرى في ترجمات سابقة، وهو ما يمنح القارئ العربي فرصة نادرة للتعرف على الفكر الاستراتيجي الصيني من منبعه الأصلي. ويرى أن بعض الترجمات السابقة إلى لغات أوروبية لم تنقل بدقة روح النصوص، بل قُرئت أحيانًا بزاوية أوروبية ضيقة أو مجتزأة، مما أدى إلى سوء فهم لطبيعة الفكر العسكري الصيني.
ويشير فرجاني إلى أن عدداً من كبار المفكرين الغربيين، مثل جون كيغان وليدل هارت، استعانوا بآراء سون زي لتأييد أطروحاتهم الفكرية أو لمعارضة نظريات كلاوزفيتز، وأن هذا التوظيف الغربي لم يكن دومًا نابعًا من فهم موضوعي للتاريخ الصيني بقدر ما كان انعكاسًا لمساجلات فكرية أوروبية داخلية.
كما يوضح أن دراسة التاريخ العسكري الصيني ما زالت تعاني من إشكاليات عديدة، أبرزها قلة الدراسات المتخصصة، مقارنة بما حظي به التاريخ العسكري الغربي. فالصين، رغم كونها حضارة التوثيق التاريخي بامتياز، لم يُدرس تاريخها الحربي بشكل وافٍ إلا منذ تسعينيات القرن العشرين، وظل حبيس زوايا محدودة، إما من منظور “الطريقة الصينية الفريدة في الحرب”، أو من خلال الاقتصار على ثلاثة أسماء كبرى مثل كونفوشيوس ومنشيوس وسون زي.
ويخلص المترجم في مقدمته إلى أن الفكر العسكري الصيني لا يمثل مجرد مادة متحفية جامدة، بل يعد تراثًا حيًا يلهم الفكر السياسي والعسكري الصيني حتى اليوم، ويغذي استراتيجياته الحديثة والمعاصرة، ويستمر كأحد أهم منابع الإلهام للمستقبل.
بهذا الإصدار، تواصل الهيئة المصرية العامة للكتاب تقديم ترجمات نوعية تسهم في تعريف القارئ العربي بأحد أغنى الفصول في تاريخ الفكر الإنساني، وتفتح نافذة على تراث استراتيجي عالمي ظل لقرون طويلة بعيدًا عن متناول الثقافة العربية
نقلاً عن : الجمهور الاخباري
تعليقات