أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات سلسلة الثقافة الشعبية، كتابًا جديدًا بعنوان «الأزياء الشعبية عند الغجر» للدكتورة علا الطوخي إسماعيل، في عمل بحثي يتجاوز حدود الوصف التقليدي للأزياء ليغوص في عمق جماعة طالما أحاطها الغموض وكثرت الأساطير حولها.
يأتي الكتاب ليعيد تقديم الغجر بوصفهم جماعة عابرة للحدود من خلال قراءتهم بصريًا وثقافيًا عبر الأقمشة والخيط والإبرة، باعتبار الأزياء سجلًا حيًا للذاكرة وتراثًا بصريًا يكشف ما تخفيه الوثائق الرسمية.
الغجر بين الصور النمطية والقراءة العلمية
منذ اللحظة الأولى، يضع الكتاب القارئ أمام عالم موازٍ ظل طويلًا بعيدًا عن الأرشفة والدراسة العلمية، فالغجر، كما توضح المؤلفة، كانوا دومًا موضوعًا للصور الجاهزة، والخرافات، ومزيج الألوان والصخب، دون أي محاولة حقيقية لفهم تعقيد وجودهم أو تفكيك بنيتهم الثقافية، إلا أن هذا العمل يتجاوز تلك النظرة السطحية عبر دراسة مقارنة بين أزياء الغجر في مصر ورومانيا، وتحليل وحداتها الزخرفية، ومسارات انتقالها، وتحوّلاتها عبر الزمن والجغرافيا.
الزيّ الغجري كلغة هوية ومكان وسلطة
تؤكد الدكتورة علا الطوخي أن الأزياء ليست مجرد ثياب خارجية، بل بنية رمزية تعكس علاقة الغجر بالمكان والسلطة والهوية، فالزيّ الغجري يتحول إلى لغة بصرية تُقرأ من خلالها أنماط العيش، والطقوس، والحالات الاجتماعية، والمراحل العمرية، بل ويكشف عن علاقة الجماعة بالعزلة أو الاندماج، وبالهامش والمركز، وبحركة التنقل التي ميّزتهم عبر القرون.
منهج بحثي يجمع الملاحظة الميدانية والتحليل المقارن
يعتمد الكتاب على رصد ميداني واسع يشمل المقابلات الشخصية والملاحظة المباشرة والرسم السريع، إلى جانب التحليل الزخرفي والاستقراء المقارن. وتقدم المؤلفة من خلال هذا المنهج رؤية شاملة لتطور الأزياء الغجرية بوصفها وسيلة للتفاوض مع المحيط وأداة للاحتجاج الصامت على التهميش.
الخلفية التاريخية هوية تتحرك خارج الحدود
يتناول الكتاب الجذور التاريخية للغجر باعتبارهم جماعات بلا وطن ثابت وهوية سائلة تقوم على الترحال. ورغم العزلة التي واجهوها، احتفظوا بقدرتهم على التكيّف مع البيئات المختلفة، وهو ما انعكس في أزيائهم التي حملت بصمات حضارات متعددة وشكّلت سجلًا بصريًا لحركتهم عبر الزمن.
مقارنة بين مصر ورومانيا تشابهات تكشف مسارات الترحال
تُعد المقارنة بين أزياء الغجر في البلدين من أهم محاور الكتاب، إذ تُظهر كيف تعيد الجماعات تشكيل هويتها البصرية تبعًا للعوامل البيئية والاجتماعية مع الحفاظ على جوهرها الثقافي.
حماية للتراث وإعادة قراءة للتنوع الثقافي
يأتي الكتاب في لحظة تتعرض فيها الفنون الشعبية لابتذال أو استغلال تجاري، ليقدّم قراءة علمية تحافظ على تراث الغجر وتعيد الاعتبار لقيمة التنوع الثقافي. كما يفتح آفاقًا بحثية جديدة في التصميم والموضة عبر إبراز الإرث الغجري كمصدر إلهام غني يمكن إعادة توظيفه.
إضافة نوعية للمكتبة العربية
يمثل الكتاب إسهامًا مهمًا للباحثين والمصممين والمهتمين بالأنثروبولوجيا والفنون الشعبية، إذ يعيد تقديم الغجر بعيدًا عن الأساطير الشائعة، مسلطًا الضوء على جماعة صنعت هويتها في الهامش لكنها تركت أثرًا واسعًا في الذاكرة البصرية العالمية.
نقلاً عن : الجمهور الاخباري

تعليقات