“استراتيجية المحيط الأزرق” في دنيا المال وعالم الأعمال

“استراتيجية المحيط الأزرق” في دنيا المال وعالم الأعمال

الدكتور سامح عادل – استشاري التدريب والتطوير المؤسسي

 

في عالم الأعمال، ومع التغيير في معطيات الحياة الحديثة، تتنافس المؤسسات والشركات على الوصول للقمة والبقاء في الصدارة، وتحقيق أكبر حصة ممكنة من السوق.

يُطلق على هذا النوع من المنافسة الشرسة اسم “المحيط الأحمر”، وهو بحر مليء بالأسماك المتقاتلة على نفس الفريسة، ويُمثل البيئة التقليدية للمنافسة، حيث الشركات تتصارع على حصة من السوق، من خلال خفض الأسعار وتحسين الجودة أو زيادة الحصة التسويقية.

في هذا المحيط، تكون المنافسة عنيفة والربحية منخفضة، نظرا لتشابه العروض التنافسية.

الشركات هنا غالبا ما تكون عالقة في معركة لا نهاية لها، لتحسين منتجاتها وخدماتها بشكل طفيف، دون أن تترك مجالا للابتكار الحقيقي.

لكن في وسط هذا الصراع المحتدم، هل فكرت يوما في الابتعاد عن هذا التنافس الشرس والبحث عن مسار جديد؟

تخيل أنك تستطيع أن تبدأ سوقا جديدة، سوقًا لا منافسة فيها ولا صراع، فقط فرص غير محدودة للنمو والابتكار، وهذه الفكرة ليست خيالا، هذا المفهوم يُسمّى “المحيط الأزرق”، وهو بحر هادئ، حيث تسبح الشركات بكل حرية دون وجود منافسة تُذكر، هذا هو أساس استراتيجية تُعرف باسم “استراتيجية المحيط الأزرق”.

فكيف يمكن لهذه الاستراتيجية أن تُغيّر قواعد اللعبة في عالم الأعمال وتفتح آفاقا جديدة للتميز والنجاح؟

“استراتيجية المحيط الأزرق” تُعد نقلة نوعية في التفكير الاستراتيجي للأعمال، وبدلا من التنافس في أسواق مشبعة، ومحاولة التفوق على المنافسين، من خلال تقديم منتجات أفضل أو أسعار أقل، تسعى الشركات، التي تتبع هذه الاستراتيجية، إلى خلق أسواق جديدة تماما، حيث تكون هي الرائدة فيها.

وتكون هذه الأسواق أو “المحيطات الزرقاء”، خالية من المنافسة، لأن الشركة قدمت منتجا أو خدمة جديدة وغير مسبوقة، مما يجعلها تحتل موقع القيادة في هذه السوق الجديدة.

وتعد إحدى أهم مزايا “استراتيجية المحيط الأزرق” أنها تُبعد الشركات عن دوامة المنافسة السعرية التي تميز المحيط الأحمر.

في المحيط الأزرق، تُركّز الشركات على الابتكار وإضافة قيمة جديدة للمستهلكين، مما يسمح لها بفرض أسعار عالية دون خوف من المنافسة. هذا النوع من الابتكار يُعرف بـ”الابتكار القيمي”، وهو قدرة الشركة على تقديم منتج أو خدمة بجودة عالية وتكلفة إنتاج منخفضة نسبيا.

على سبيل المثال، شركة “آبل” عندما قدمت جهاز “آيفون” لم تُنافس في سوق الهواتف المحمولة الموجودة حينها، بل خلقت سوقا جديدة تماما، بابتكارات مختلفة، أعطت أبعادا مختلفة لنظرة واحتياج المستهلك للهاتف المحمول.

وأيضا كانت “سوق دوت كوم” رائدة في مجال التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، فبدلا من منافسة المتاجر التقليدية، خلقت “سوق دوت كوم” منصة شاملة للتجارة الإلكترونية، مما فتح المجال أمام المستهلكين لشراء المنتجات عبر الإنترنت بسهولة، وأيضا أمام البائعين للوصول إلى جمهور أوسع دون الحاجة إلى متجر فعلي.

ختاما، النجاح الحقيقي لا يكمن في مجاراة الآخرين، بل في خلق مسارات جديدة، حيث تكون أنت الرائد، إذا كنت تطمح لتحقيق نقلة نوعية في مجال عملك، فلا تتردد في الغوص في مياه المحيط الأزرق، إذ يلتقي الإبداع بالفرص لتصنع مستقبلا مليئا بالنجاحات.

 

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *