بعد مرور أسبوع على القصف الإسرائيلي المكثف لمواقع أسلحة “حزب الله” في مختلف أنحاء لبنان، لا تزال ترسانته من الطائرات بدون طيار المصممة في إيران تشكل تهديداً، وخاصة مع تصعيد القتال.
أطلق “حزب الله” مئات المسيرات على إسرائيل على مدار العام الماضي واستخدم مركبات جوية صغيرة أخرى بدون طيار لتدمير معدات الاتصالات والكاميرات على طول الحدود. وفي حين قضت القنابل الإسرائيلية على قيادة الحزب، بما في ذلك زعيمه حسن نصر الله ورئيس برنامج الطائرات بدون طيار، فإنه ليس من الواضح إلى أي مدى أدت الضربات إلى تآكل المخزونات التي أمضى الحزب سنوات في بنائها.
كشفت الأسلحة الرخيصة والقوية عن ثغرات في الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتطورة وأجبرتها على استخدام ذخائر باهظة الثمن لإسقاط الأجهزة التي غالباً ما تكون مصنوعة من البلاستيك أو الخشب. كما أنها تشكل تهديداً كبيراً للقوات على الجبهة في حالة حدوث غزو إسرائيلي لجنوب لبنان لدفع “حزب الله” بعيداً عن الحدود وتفكيك بنيته التحتية العسكرية.
توسع نطاق الحرب في لبنان
“من شأن توسع نطاق الحرب في لبنان أن يجهد الدفاعات الجوية الإسرائيلية ويجعل حماية القوات المناورة من الطائرات بدون طيار، وخاصة تلك الموجهة عن بعد، أمراً بالغ الصعوبة”، بحسب أون فينغ، الرئيس التنفيذي لشركة “آر تو وايرلس” (R2 Wireless)، وهي شركة ناشئة إسرائيلية للحرب الإلكترونية.
ويمكن تجهيز الطائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها منظور المستخدم الأول بالمتفجرات مع استهداف القوات، وقد لا تتبع بالضرورة التصاميم الإيرانية.
قتلت إسرائيل نصر الله في غارة جوية على بيروت يوم الجمعة، وتقول إنها قضت على جميع قادة الصف الأول الـ11 للحزب باستثناء واحد. وقُتل ما لا يقل عن 800 شخص منذ بدء حملة القصف في 23 سبتمبر، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية.
وكانت الهجمات مقدمة لتوغل بري، حيث حدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إعادة آلاف النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال كهدف حرب رسمي، وهو أمر قد لا يكون ممكناً إلا إذا تراجع “حزب الله” أو دخلت القوات لإنشاء منطقة عازلة.
الدعم الخارجي
بحسب روتم مي تال، الرئيس التنفيذي لشركة “أسغارد سيستمز” (Asgard Systems)، التي تطور التكنولوجيا للجيش الإسرائيلي، فإن “حزب الله” يجمع الطائرات بدون طيار في منشآت تحت الأرض باستخدام أجزاء ومخططات تزوده بها إيران. وقال إنه بما أن الأجزاء يتم إنتاجها وتوزيعها من مواقع مختلفة، فإن الضربات الجوية لا يمكنها استهداف سوى مخزونات فردية.
ورأى مي تال أنه لتقليل التهديد، “يجب تطهير الأنفاق من الداخل وقطع سلسلة التوريد الإيرانية إلى لبنان”. وحتى في هذه الحالة، يمكن للطائرات بدون طيار التي يتم إطلاقها من أماكن أبعد أن “تصل إلى المنطقة الشمالية بأكملها وجميع أجزاء إسرائيل عن طريق الجو”.
قد تأتي الهجمات أيضاً من أماكن أبعد، حيث تطلق الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن ما يسمى بالمسيرات الانتحارية على إسرائيل. وفي يوليو، أعلن مسلحون حوثيون متمركزون في اليمن عن شن غارة قاتلة بطائرة بدون طيار على تل أبيب. وقالت إسرائيل إنها كانت طائرات بدون طيار من طراز “صمد 3” إيرانية الصنع أعيد تصميمها للطيران لمسافات أطول.
تجربة طائرات حزب الله
جرب “حزب الله” الطائرات بدون طيار على طرق مختلفة خلال العام الماضي، بما في ذلك فوق البحر الأبيض المتوسط، لاستكشاف نقاط الضعف التي يمكن استغلالها في حرب أوسع نطاقاً. وأطلق الحزب أكثر من 500 طائرةً بدون طيار في تلك الفترة، وفقاً لـ”ألما ريسيرتش آند إيديوكيشن سنتر” ( Alma Research and Education Center)، وهو مركز أبحاث أمني يقع شمال إسرائيل.
قال بواز شابيرا، الباحث في “ألما”: “الطائرات تصنع أحياناً من الخشب والبلاستيك وحتى البوليسترين. وعادة ما تكون رخيصة وبسيطة جداً وسهلة التجميع”.
يمكن إطلاق طائرات بدون طيار محشوة بالمتفجرات في دقائق، ويميل اكتشافها إلى أن يكون أصعب من الصواريخ التي تم تصميم القبة الحديدية الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي الأخرى لمواجهتها. في حين أنها غالباً ما تكون بطيئة وغير دقيقة، إلا أنه عند إطلاقها بأعداد كبيرة يمكن أن تربك أو تطغى على الدفاعات الجوية.
تصنيع الطائرات بدون طيار
قدمت بقايا طائرات بدون طيار مصممة إيرانياً تناثرت على طريق سريع في شمال إسرائيل لمحة عن كيفية تصنيعها أحياناً. وتعود المروحة الخشبية إلى الأيام الأولى للطيران، ويبدو أن المحرك جاء من شركة تصنع طائرات نموذجية للهواة، وفقاً للصور التي بثتها هيئة الإذاعة الإسرائيلية الحكومية في أغسطس.
اعترضت البحرية الإسرائيلية طائرةً بدون طيار عبرت إلى المنطقة الاقتصادية البحرية للبلاد في الشمال يوم الاثنين، حسبما نشر الجيش على “إكس”.
كشف مسؤول أمني إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر، أن الطائرات بدون طيار عادة ما تكون أقل فتكاً من الصواريخ ويتم إسقاط معظمها. أطلق “حزب الله” أكثر من 9 آلاف صاروخ على إسرائيل منذ 8 أكتوبر، وفقاً للحكومة الإسرائيلية. بدأت الهجمات بعد يوم من اقتحام مقاتلين من “حماس” المدعومة من إيران في غزة جنوب إسرائيل.
تم تصنيف كل من “حزب الله” و”حماس” كمنظمات إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
خسائر بشرية ومادية
قُتل 9 أشخاص، بينهم جنود ومدنيون، بواسطة طائرة بدون طيار في إسرائيل خلال العام الماضي، وفقاً لمركز “ألما”. ويقارن هذا بـ41 حالة وفاة بسبب نيران مضادة للدبابات والصواريخ. وانفجرت العديد من الطائرات بدون طيار في بلدات مهجورة على طول حدود إسرائيل مع لبنان والتي تم إخلاؤها في أكتوبر.
تجعل التضاريس الجبلية في شمال إسرائيل وجنوب لبنان اكتشاف الطائرات بدون طيار أكثر صعوبة. كما أن طائرات “حزب الله” المسيرة تطلق في كثير من الأحيان من الوديان القريبة من الحدود، ما يعيق الرؤية ويترك القليل من الوقت للرد.
وغالباً ما تكافح أنظمة الرادار المصممة لتحديد الأجسام المعدنية عالية السرعة لتحديد الأجسام بطيئة الحركة ومنخفضة الطيران المصنوعة من مواد أرخص، وفقاً لشابيرا، الباحث لدى “ألما”.
يؤكد التهديد على عدم تكافؤ التكلفة في حرب الطائرات المسيرة. ووفقاً لأحد التقديرات، فإن وابل الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة التي أطلقتها إيران في أبريل كلف اعتراضها أكثر من مليار دولار . بينما تكلف صواريخ القبة الحديدية حوالي 50 ألف دولار لكل منها.
صد هجمات الدرونز
تستخدم إسرائيل القبة الحديدية والطائرات والمروحيات لإسقاط الطائرات بدون طيار ذات المدى الأطول. لتقليل التكاليف، وقال الجيش الإسرائيلي إنه يفكر في نشر مدافع مضادة للطائرات مصممة في الستينيات على طول حدودها لإسقاط الطائرات بدون طيار.
تعمل وزارة الدفاع وشركة “رافائيل أدفانسد ديفانس سيستمز” (Rafael Advanced Defense Systems) المملوكة للدولة أيضاً على نظام اعتراض قائم على الليزر يُعرف باسم “أيرون بيم” (Iron Beam). ولا يُتوقع أن يدخل النظام الخدمة قبل منتصف عام 2025، كما أنه غير فعال في ظل الطقس الغائم أو الضبابي.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الأنظمة الأخرى الموجودة.
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق